الاهرام 7/6/2008 لن يستمر الانقسام في فلسطين طويلا بعد أن قدمت الشرعية الفلسطينية باسم الرئيس ابو مازن مبادرة للمصالحة تعكس الحرص علي إعادة اللحمة الوطنية لفلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة. قد تتعدد الأسباب ووجهات النظر في تفسير أبعاد هذه المبادرة, لكن الشاهد أن مبادرة الشرعية الفلسطينية وإن كانت توفر في جانب منها مخرجا لأطراف الأزمة الفلسطينية من مآزقها الخاصة إلا أنها بالأساس تنتشل القضية الفلسطينية من المخاطر الشديدة التي تلم بمصيرها الراهن. وهذا ما يفرض علي الجميع التوحد من أجل تحقيق هذا الهدف الرئيسي خاصة أن الفرصة صارت مهيأة أكثر من ذي قبل في ضوء أن الأطراف الفلسطينية أصبحت تعكس قدرا كبيرا من المسئولية في مجال العودة الي المسار الوطني الصحيح, وقد تجلي ذلك في مساندة حركة فتح القوية للمصالحة الفلسطينية التي عبرت عنها بوضوح القرارات الأخيرة للمجلس الثوري للحركة, بالإضافة إلي الردود الإيجابية للمنظمات الفلسطينية الأخري علي مبادرة أبومازن. وعلي الرغم من أن آليات تنفيذ هذه المبادرة لم تحدد بعد وأن الموضوع كله مازال في بدايته إلا أن هناك حقائق فرضت نفسها بمجرد طرح ابومازن لمبادرته, نوجزها فيما يلي: 1 هناك قرار واضح من جانب أبومازن بسلوك طريق المصالحة الوطنية. 2 هذا القرار بحد ذاته يعكس جدية من جانب ابو مازن. 3 جاء هذا القرار بعد دراسة من جانب الرئيس الفلسطيني للموضوع نفسه في ضوء التعقيدات المتعددة التي تحيط بكل جوانب القضية الفلسطينية. ويلاحظ أن مبادرة المصالحة الوطنية لاتعني نكوصا عن عملية السلام في ضوء إصرار أبو مازن علي مواصلة المفاوضات والوصول إلي نتيجة تحقق الصالح الوطني الفلسطيني من خلالها. 4 إصرار ابو مازن علي ضرورة وجود غطاء عربي للمصالحة من خلال الجامعة العربية, وقرار قمة دمشق بتبني المبادرة اليمنية الخاصة بالشأن الفلسطيني. ويستتبع ذلك بالضرورة قيام ابومازن بجولة عربية قريبة تشرح للقيادات العربية أبعاد المبادرة وتستهدف توفير الدعم اللازم لها واتاحة الفرصة لتنفيذها. 5 في هذا الإطار يحتاج ابو مازن إلي دولة تكون ذات خبرة ومكانة لرعاية المصالحة, ومصر هي الدولة التي تملك هذه المقومات. 6 بعد تحديد هذه الآلية, يأتي الحوار الشامل ومفهومه وتوقيته والأطراف المشاركة فيه ومكان الانعقاد, والأهم هو تحديد أجندة هذا الحوار وسقفه الزمني. الخلاصة أن مبادرة الشرعية الفلسطينية توفر فرصة كبيرة لإنقاذ القضية الفلسطينية وضمان عودتها الي مقامها واعتبارها الوطني والقومي الصحيح وأن المصلحة الوطنية والعربية تقتضي بل تستوجب بالأحري الدفع في هذا الاتجاه بعزيمة صادقة وقوة ناجزة.