نادرا ما نسمع أخبار رؤساء الدول والحكومات بعد انتهاء ولاياتهم إلا في بعض المناسبات الخاصة أو حين صدور كتاب يؤرخ لهم ولفترات حكمهم. لكن هل سمعتم يوما عن أحدهم يقرر أن يكون بطل مسرحية موسيقية تروي فترة حكمه؟ طبعا لا، هذا لم يحدث أبدا، وهذا ما دفع كاتب مسرحية «بلير أون برودواي» إلى تلبيس هذا الخيار لرئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير.المسرحية عرضت الخريف الماضي في إزلنغتون، شمال لندن، غير بعيد عن مقر سكن بلير قبل توليه رئاسة الوزراء. وانتقل العرض في يناير إلى ويست أند، القلب النابض للمسرح الموسيقي في بريطانيا. «بلير في برودواي» العنوان وحده يعطي بشكل ساخر لمحة عن إحدى خصائص حكم بلير، فهو لم يختر أن يعرض سيرته في الويست أند، بل فضل التوجه إلى برودواي في نيويورك عساه يكسب مزيدا من إعجاب الأميركيين. جورج بوش أيضا في المسرحية يتغنى بلير بالأمجاد التي تمنحها الحروب للزعماء، وهو ما يأمل في الحصول عليه في حرب العراق التي كانت حاضرة بشكل خاص في المسرحية، إلى جانب حروب أخرى مثل كوسوفو وأفغانستان. صديقه الرئيس الأميركي جورج بوش لم يغب عن المسرحية، بل دخل بقبعة الكاوبوي وهو ينادي «يو بلير» بطريقة تذكرنا بفضيحة المايكروفون الذي كان مفتوحا في قمة مجموعة الثماني في سان بطرسبرغ أيام حرب إسرائيل وحزب الله في صيف 2006. ومعا، كان بلير وبوش يغنيان «جنبا إلى جنب» أحيانا بطريقة متناغمة وأحيانا أخرى كل بكلماته ورؤيته لتلك العلاقة المثيرة للجدل بين بلير والولايات المتحدة. في أحد المشاهد، لم يتفطن بلير إلا بعد فوات الأوان أنه ردد مع الرئيس الأميركي «ليبارك الرب في أميركا». كامبل وبلير لا يمكن التعرض لفترة حكم بلير دون تسليط الضوء على الدور الذي لعبه مستشاره الإعلامي أليستر كامبل في التحايل في عرض الحقائق وتوجيه اهتمام الإعلام في الاتجاه المناسب لمصلحة الحكومة. يغني كامبل في المسرحية أغنية يسدي فيها النصائح لبلير حول طريقة التعامل مع الجمهور والإعلام بشكل خاص. كامبل كان بمنزلة مخرج مسرحية لعب بلير دور البطولة فيها وانتهى عرضها قبل بضعة أشهر، لكن بلير رفض مغادرة المسرح بعد إسدال الستار، حسب إيان هولينجسهيد، كاتب كلمات «بلير أون برودواي». يقول إيان إن «بلير يظهر فجأة كلما اعتقد الجميع بأنه غادر الساحة، فمرة يصنع الحدث باعتناقه المذهب الكاثوليكي، ومرة أخرى بالحديث حول عمله مستشارا لأحد البنوك الأميركية، واخيرا باحتمال توليه رئاسة الاتحاد الأوروبي». لحظات عائلية وحتى بطلها «جوشوا مارتن» الذي لعب دور بلير، صرح أنه من كبار المعجبين بالرجل، وقال إن إعجابه به يعود أساسا إلى كونه إنسانا مهتما بعائلته ولديه زوجة وفية إلى جانبه. «تشيري» الزوجة المحبة والوفية، سمحت لنا من خلال المسرحية بتقاسم بعض اللحظات العائلية معها ومع زوجها، بعضها لحظات استرخاء وحنان، وبعضها الآخر أقل ما يقال عنها أنها متوترة، كذلك المشهد الذي تحاول فيه مناقشة الوضع المالي للعائلة وهو يرد عليها بخطاب مستوحى من نصائح كامبل. لكن مهما صعد ذلك التوتر فلن يصل الى الدرجة التي بلغها بين بلير ورفيقه جوردن براون. فبراون أطلق العنان لمشاعره التي كان عليه كبتها خارج المسرح، وظهر في أحد المشاهد وهو يمسك بخناق بلير ويرميه أرضا وهو يصرخ «أريد منصبك اللعين».