طرحت زيارة رايس الجديدة لإسرائيل ومناطق السلطة العديد من التساؤلات حول السبب الذي جعل وزيرة الخارجية الأمريكية تستبق بهذه الزيارة موعد احتفال إسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها والذكرى الأربعين لاغتصاب القدس العربية بحوالى أسبوعين . وهو ما دفع المراقبين إلى الاعتقاد بأن الوزيرة رايس تحاول من خلال هذه الزيارة جمع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين في «لقاء قمة كبير» لدفع المفاوضات السياسية بين الطرفين ، وهو ما تمثل في تصريحها عشية الزيارة بأنه من السابق لأوانه فقدان الأمل في التوصل إلى اتفاق قبل أن يغادر بوش البيت الأبيض . بيد أن هنالك ظلالاً من الشك تحوم حول إمكانية تحقيق هذا الهدف لعدة أسباب يأتي في مقدمتها تورط رئيس الوزراء الإسرائيلي في فضيحة فساد جديدة قد تؤدي إلى تقديم استقالته ، الأمر الذي يعتبره المراقبون بأن من شأنه توجيه ضربة قاضية لمفاوضات السلام الجارية الآن والتي تسير في حلقة مفرغة منذ استئنافها على إثر عقد مؤتمر أنابوليس في إبريل الماضي ، وهو ما أكده المسؤولون الفلسطينيون وفي مقدمتهم الرئيس أبومازن، ورئيس الوزراء سلام فياض اللذان اتهما حكومة إسرائيل بالتنكر لتفاهمات أنابوليس وعدم التقدم بخطوات عملية لإنجاز التسوية قبل نهاية هذا العام . وفي غضون ذلك لم تخف الرئاسة الفلسطينية نقدها للإدارة الأمريكية لأنها رفضت ممارسة الضغط على إسرائيل واتخذت مواقف يبدو منها أن واشنطن تتفهم بعض جوانب الممارسات الاستيطانية في الضفة الغربية وفي القدس ، وهو ما يشكل ، على ما يبدو، سببًا آخر للزيارة يتمثل في رغبة رايس إظهار جدية واشنطن إزاء عملية السلام وتقديم البرهان للفلسطينيين بأنها جادة في مواصلة سعيها لتحقيق اختراق على هذا الصعيد ، وذلك من خلال إعلانها عشية الزيارة بأنها بصدد التأكد من مدى تطبيق إسرائيل للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال زيارتها السابقة للمنطقة نهاية مارس الماضي ، وهو ذلك الاتفاق الذي يقضي بإزالة خمسين حاجزًا في الضفة الغربية . كما حاولت رايس التقليل من شعور عباس بخيبة الأمل التي مني بها خلال زيارته لواشنطن مؤخرًا من خلال مطالبتها في اجتماع اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط في لندن عشية زيارتها للمنطقة بلهجة لا تخلو من نقد الدول العربية التي لم تدفع بعد الأموال التي تعهدت بدفعها للسلطة الفلسطينية .