كبحت دول الخليج العربي المصدرة للنفط، والتي تتمتع بايرادات قياسية جماح موجة شراء الاصول الاجنبية اذ ان أزمة الائتمان العالمية تبشر بالمزيد من الصفقات في وقت لاحق، بالاضافة إلى أن الاهتمام السياسي الدولي يتجه للاستثمارية في هذه الدول. ويري اقتصاديون ان معارك الخليج ضد التضخم المحلي تحد من الانفاق في الداخل مما يترك الصناديق السيادية، التي تستثمر أغلب فوائض ايرادات النفط، تجاهد لايجاد ملاذا مربحا لاموالها. وتتوقع إدارة صناديق الثروات السيادية، مزيدا من التراجع لقيمة الاصول الغربية مع انتشار أزمة الائتمان، ويأتي ذلك بالرغم من زيادة عمليات الإستحواذ التي قام بها مشترون من دول الخليج في الخارج إلى ثلاثة امثالها لتبلغ قيمتها 89.13 مليار دولار في عام 2007 بالمقارنة بعام 2006. لكن عمليات الشراء تباطأت إلى 19.8 مليار دولار في الربع الاول من 2007، بانخفاض يفوق 30% عن الربع الاخير من 2006، بالرغم من صفقات كبيرة ساعدت في دعم مؤسسات مالية أمريكية كبرى. وأثار تنامي عمليات الشراء التي تقوم بها صناديق سيادية القلق بين المشرعين الامريكيين بشأن النفوذ الاجنبي والسيطرة على الاصول والشكوك في ان تكون لهذه الاستثمارات دوافع سياسية، وهو ما دفع الصناديق- فيما يبدو لتوخي الحذر حيال عملياته في الغرب. وبجانب التدقيق السياسي، اتجهت الصناديق للتعامل بحذر اكبر انتظارا لوضوح الرؤية بشأن ما اذا كانت أزمة الائتمان قد بلغت ذروتها، فقد تراجعت أسهم سيتي جروب وميريل لينش بنسبة نحو 20% لكل منها منذ أن وافق صندوق سيادي كويتي والامير السعودي الوليد بن طلال في يناير/ كانون الثاني 2008، علي استثمار 5 مليارات دولار على الاقل في البنكين الامريكيين. وقال علاء اليوسف كبير الاقتصاديين في بيت التمويل الخليجي في لندن، انه بعد حماس الخليج لشراء الاصول اتضح ان الاسوأ لم يأتي بعد، وبالتالي شعروا بانهم تسرعوا بعض الشيء. وكان انتقال الثروات السريع إلى المنطقة مع ارتفاع ايرادات النفط قد اطلق مرحلة من النمو الاقتصادي الكبير في دول الخليج التي تشكل الاعضاء الاساسيين في منظمة البلدان المصدرة للبترول "اوبك"، فضلا عن نمو اقتصاديات دول الخليج الى مثليه في الفترة من 2002 إلى 2006. ومع ارتفاع أسعار النفط الى مستوى قياسي يفوق 117 دولارا للبرميل، أصبح من المنتظر أن ترتفع ايرادات النفط والغاز في المنطقة نحو مستوى قياسي جديد خلال 2008 تبلغ 435 مليار دولار بالمقارنة مع 380 مليار دولار قبل عام، لكن انفاق الحكومات في الداخل لم يرتفع بنفس معدل ارتفاع الايرادات اذ يعمل المسؤولون على تجنب اغراق اقتصاداتهم حيث يواجهون بالفعل معدلات تضخم بلغت أعلي مستوياتها منذ عشرات السنين، بحسب تقديرات بنك ساب. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ذكر تقريرا لبنك ساب ان ايراداتها النفطية ستنمو بنحو 12% نحو 235 مليار دولار في 2008، ارتفاعا عن 210 مليارات في عام 2007. وتعمل المملكة، التي تشهد أعلى معدل تضخم في 27 عاما، - وفقا لخبراء- علي تقليص نفقاتها الداخلية قدر الامكان فيرتفع انفاق الحكومة السعودية بمعدل سنوي قدره15%، وهي نسبة أقل بكثير من معدل ارتفاع الايرادات، وتحاول توجيه نفقاتها بشكل جيد ويذهب أغلبه إلى الاحتياجات الاجتماعية في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم. ويضطر ربط عملات الخليج بالدولار، البنوك المركزية بالقطر الغني بالنفط إلى خفض الفائدة تمشيا مع سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الامريكي في الوقت الذي تجاهد فيه لاحتواء التضخم، مما أثار غضب المغتربين العاملين في الامارات والبحرين بسبب تاكل أجورهم نتيجة لتراجع قيمة الدولار والتضخم. وفي حين تسيطر صناديق الاستثمار الخليجية على أصول اجنبية تقدر قيمتها بنحو 1.5 تريليون دولار، وفقا لتقديرات بورلاند، مازال المستثمرون يبحثون عن أماكن أخرى لانفاق فوائضهم المالية، والكثير من ايرادات النفط يعاد تدويرها في أذون الخزانة الامريكية التي تنطوي علي قدر بسيط من المخاطرة والمقومة بالدولار، ويتم ذلك بوساطة البنوك المركزية في المنطقة. ويقول محللون، انه بالنسبة للمستثمرين الخليجيين الذين يتطلعون لمخاطر أكبر، فان خفض الفائدة جعل أذون الخزانة اقل جاذبية والاستثمار الافضل يكون السندات المقومة باليورو واذا كان بامكانهم تحمل المخاطر فأمامهم التعامل في اصول الأسواق الناشئة مثل الصين. وكانت دول الخليج المصدرة للنفط بائعا صافيا لسندات الخزانة الامريكية طويلة الاجل في 6 من 8 أشهر منذ يونيو/ حزيران عام 2007، ومازالت أموالهم تتدفق على الولاياتالمتحدة لكنها توجه إلى الاسهم. وعلي صعيد استثمارات الخليج في آسيا، ارتفعت عمليات الاستحواذ الخليجية في اسيا لتشمل أكبر عشر صفقات في سنغافورة وماليزيا بقيمة 2.35 مليار دولار في الربع الاول من 2008، ويتوقع محللون تركيزا أكبر للمنطقة في القارة الآسيوية ولكن سيأتي بخطي حسيسة لان اسيا لم تنفصل فعليا عن الغرب. وقدرت ادارة معلومات الطاقة الامريكية ان دول أوبك البالغ عددها 13 دولة ستحقق ايرادات نفطية قدرها 980 مليار دولار في عام 2008 ارتفاعا من 676 مليار دولار في عام 2007. وبالنسبة لصافي الايرادات النفط الاسمية خلال عامي 2006 و2007، حققت الجزائر 55.4 مليار دولار في 2007، مقارنة ب44.6 مليار في 2006، وانجولا 43.8 مليار بعد 31.3 مليار، الاكوادور 7.8 بعد 7.4 مليار، واندونيسيا 4.2 مليار بعد 3.1 مليار، ايران 58 مليار بعد 54.1 مليار، والعراق 37.8 مليار بعد 31.8 مليار، والكويت 54.9 مليار بعد 50.6 مليار، وليبيا 40.6 مليار بعد 35.6 مليار، ونيجيريا 55.5 مليار بعد 52.1 مليار، وقطر 26.3 مليار بعد 24.4 مليار، والسعودية 194 مليار بعد 182.8 مليار، والامارات 63 مليار بعد 57.5 مليار، وفنزويلا 47.7 مليار بعد 43.4 مليار. (رويترز)