بقرار شجاع وجريء ووسط تأييد وانتقاد لبنانيين تعتلي سفيرة لبنان إلى النجوم الفنانة الكبيرة "فيروز" دار الأوبرا في سوريا احتفاء باختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية لعام 2008. تأييد التيارات اللبنانية وانتقاداتها أحاطت بصاحبة الصوت الملائكي وصاحبتها في رحلتها من بيروت إلى دمشق، محاولة للزج بالفن في السياسة. ويبدو أن الانقسام في لبنان أصبح سمة لهذا البلد الذي عجز حتى الآن عن الاتفاق على رئيس له، ولكن هل للفن وطن؟! وهل شدو فيروز بدمشق يعني انحيازها لنهج سياسي ضد وطنها الأم الذي شدت له من أعماقها "بحبك يا لبنان"؟! وبينما يؤيد كثير من اللبنانيين قرار "فيروز" بالذهاب إلى دمشق واعتلاء مسرحه انطلاقا من أن "فيروز" قيمة فنية للوطن الأكبر ولكل العرب الذين عادة يختلفون في السياسة ولكن يتفقون في الفن لا سيما وإن كان هذا الفن "فيروز"، إلا أن تيارات لبنانية أخرى وفي مقدمتها قوى الرابع عشر من آذار عارضت قرار "فيروز" واعتبرته تحيزا لموقف سياسي أو لنظام سياسي محدد في هذا الظرف الذي يعيشه لبنان حاليا. وقبل أيام وجه عضو اللقاء الديموقراطي النائب أكرم شهيب رسالة إلى المطربة السيدة "فيروز" طالبها بعدم الغناء في دمشق. وقال "إن من يحب لبنان الوطن لا يغني أمام سجانيه." وأضاف "لا تغني "صح النوم" في دمشق، فهؤلاء الحكام لم يستيقظوا بعد." "صح النوم" هو العرض المسرحي الذي تحيي به فيروز احتفالات ليالي دمشق، وهي مسرحية لبنانية للأخوين رحباني تعود إلى عام 1971 تلعب بطولتها النجمة فيروز. وتجسد خلالها دور "قرنفل" المواطنة الفقيرة التي هدم منزلها وتنتظر كغيرها من المواطنين إلى أن يصحو الوالي الديكتاتوري من نومه الذي يطول لشهر كامل ليختم ثلاثة طلبات فقط من مطالب شعبه، ومن ثم تقتحم قرنفل قصر الوالي وتسرق خاتمه وتختم مطالب الشعب كافة ثم تلقي الختم في بئر عميق بينما يغط الوالي في نومه ليصحو بعد شهر آخر ويعلم ما فعلته " قرنفل". ورغم رجاء الشعب للوالي ليسامح "قرنفل"، يأبى الوالي إلا بمعاقبتها بربطها على فرس وحشي تهيم به على وجهها، وتحاول قرنفل ربط نفسها بحبل والنزول إلى عمق البئر والبحث عن خاتم الوالي حتى تجده، وأخيرا يعفو عنها الوالي، بل ويوكل لها العمل بختم مطالب الشعب، الذي أصبح سعيدا بعد أن كان بائسا ينتظر كثيرا حتى يصحو الوالي من النوم. لا شك أن "فيروز" قيمة فنية يجمع عليها كل الفرقاء أما محاولة توظيفها سياسيا فهو ما يختلف عليه حتى الأصدقاء، فلا يمكن لأحد تسييس صوت اخترق جبال الأرز وجاب المنطقة بل والمعمورة كلها بالفعل، سواء زارت "فيروز" سوريا بعد غياب نحو عشرين عاما أم لا. وليس بجديد على فنانة قديرة مثل "فيروز" التي سبق لها وأن حملت القضية الفلسطينية بصوتها وفنها ودقت الأجراس من أجل عودة الفلسطينيين إلى ديارهم في القدس التي اغتصبها المحتل الإسرائيلي أن تدق اليوم أجراس المحبة ساعية لمد جسورها بين بيروتودمشق. وأخيرا .. يتمنى الكثيرون لو تنجح "فيروز" فيما فشل فيه السياسيون!