الاهرام : 18/3/2008 لا يملك المرء سوي أن يتشكك في مصداقية تلك الحقيقة التي تتداولها أجهزة الحكومة المسئولة عن دراسة الدعم التي تؤكد أن75% من غير الفقراء يستفيدون من دعم الخبز يمكن اعتبارهم غير مستحقين لهذا الدعم! خصوصا مع عدم وضوح هذا المصطلح غير الفقراء الذي لا يحدد بدقة الشرائح الاجتماعية التي يمكن وضعها تحت هذا التعريف وهل تشمل كل فئات المجتمع خارج معايير الفقر وصولا إلي قمة الهرم الاجتماعي في مصر! لأن المعاينة اليومية للطوابير التي تقف بالساعات أمام شبابيك التوزيع, تؤكد أن الجميع ينتمون إلي شرائح المجتمع الدنيا بما في ذلك غالبية موظفي الحكومة ونسبة كبيرة من العاملين في القطاع الأهلي يدخلون في دائرة الفقر بصرف النظر عن التعريف الرسمي للفقر في ظل انخفاض معدلات الأجور وعجزها عن الوفاء بالحد الادني للاحتياجات... وما يؤكد ذلك سوء الرغيف المدعم وانخفاض مستوي جودته إلي الحد الذي يجعل كل من يقدر عن الاستغناء عنه لا يقامر بالوقوف ساعات طويلة أمام منافذ التوزيع للحصول علي سلعة لا تلائم استهلاكه! وقد يجوز الحديث عن سوء استهلاك الرغيف المدعم في غير اغراض تغذية المواطنين واستعماله في تغذية الحيوانات والأسماك نتيجة نقص الاعلاف أو غلاء سعرها لكن هذه النسبة التي تتسرب من الخبز لتصبح علفا لتربية الماشية والأسماك تتقلص بفعل الرقابة علي منافذ توزيع الخبز, التي تحدد سقفا لعدد الأرغفة التي يمكن صرفها لكل مستهلك لا يستطيع تجاوزه فضلا عن مسئولية الحكومة عن توفير اعلاف من مصادر لا علاقة لها بالخبز حتي تحمي رغيف العيش من سوء الاستهلاك. وبالمثل لا يملك المرء سوي ان يتشكك في الحقيقة الأخري المقابلة التي تتداولها الأجهزة المسئولة عن دراسة الدعم التي تقول إن66% فقط من الفقراء هم الذين يستفيدون من دعم الخبز لأن نسب الفقراء المستفيدين من دعم الخبز تزيد كثيرا عن ذلك, وهذا ما تؤكده دراسات البنك الدولي, التي تقول إن دعم الخبز ساعد علي إخراج11% من الفقراء من دائرة العوز والجوع علي مستوي الجمهورية عام2000 وجود وباليقين فإن هذه النسبة قد ارتفعت الآن كثيرا في ظل ارتفاع اسعار الخبز غير المدعم وعدم وجود رغيف الخبز المحسن الذي يصل سعره إلي عشرة قروش والذي لا يكاد يحس بوجوده أحد! وينتج عن تداول هذه المعلومات والحقائق غير المدققة التي تستهدف تضخيم نسبة الذين يحصلون علي دعم لا يستحقونه, صدور قرارات خاطئة لا تقوم علي بيانات صحيحة لعل من بينها قرارات تحديد حصص الدقيق التي ثبت أنها لا تغطي احتياجات نصف بعض المحافظات حيث يقف الناس في الطوابير ما بين ثلاث وأربع ساعات في المتوسط في انتظار الحصول علي رغيف العيش! المزيد من اقلام واراء