ارتكبت الولاياتالمتحدة في العراق "أخطاء"، هذه هي فقط محصلة غزو العراق واحتلاله على مدى السنوات الخمس الماضية، بالنسبة لوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس. الوزيرة الأمريكية لا تهوّن ولا تخفف من وطأة ما جرى في العراق إنها تمارس نفاقاً سياسياً مفضوحاً إزاء ما ارتكبته بلادها في العراق خلال سنوات خمس. فهل غزو العراق واحتلاله بعد سلسلة طويلة من التلفيقات عن أسلحة الدمار الشامل والخطر الذي يمثله على الدول الإقليمية وعلى أمن العالم،والصواريخ العابرة التي تصل إلى أوروبا وما بعدها، والمختبرات الكيماوية المتحركة والطائرات المحملة بأسلحة جرثومية، والخروج إلى الحرب رغم إرادة المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة، مجرد "أخطاء" وهل حل الجيش العراقي وتدمير المؤسسات الأمنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية مجرد "أخطاء"؟وهل تدمير العراق وتفتيته وتقسيمه إلى مذاهب وطوائف وأقوام، وضرب وحدته الوطنية وهتك سيادته ووحدته الترابية مجرد "أخطاء"؟ وهل تشتيت أهل العراق بين مشرد في الخارج ولاجئ في الداخل، وتعميم المحاصصة والفساد والمحسوبية ونهب النفط مجرد "أخطاء"؟ وهل انتشار الفوضى وانعدام الأمن وتشكيل العصابات، وتنكيل الشركات الأمنية بالمواطنين، وتفشي المخدرات والبطالة والمفاسد الأخرى مجرد "أخطاء"؟ وهل قتل مئات الآلاف من العراقيين طوال 12 عاماً من الحصار إلى أيام الغزو وصولاً إلى يومنا هذا مجرد "أخطاء"؟ وهل تحويل العراق بفضل الغزو إلى مرتع للفوضى والفتن والسيارات المفخخة والتفجيرات التي تستهدف الأبرياء مجرد "أخطاء"؟ إذا كانت كل هذه مجرد "أخطاء" فماذا يمكن أن يقال عن جرائم الحرب ضد الإنسانية؟ ألا يكفي كل ذلك، وغيره الكثير، لأن توضع محصلة خمس سنوات من الغزو والاحتلال في خانة حروب الإبادة التي قتل فيها أكثر من مليون عراقي، وتم تدمير بلد بكامله بكل مقوماته. بالنسبة إلى رايس وكل الزمرة الحاكمة من المحافظين الجدد، فإن ما جرى في العراق مجرد "أخطاء" وليس تنفيذاً لاستراتيجية واضحة ومكشوفة كانت تستهدف في الأساس تحطيم العراق كبلد وإعادته إلى "العصر الحجري". إن التقليل من شأن جريمة الولاياتالمتحدة التي تتواصل فصولاً في العراق، واختصارها ب"أخطاء"، لا يلغيان أبداً حقيقة أنها جريمة القرن.