فى محاولة لأحتواء العنف بالعراق وتحقيق المصالحة الوطنية المنشودة ، جاءت مبادرة الدكتور طارق الهاشمى نائب رئيس الجمهورية العراقى باجراء تعديلات الى اعلان مبادىء التعاون والصداقة العراقية - الامريكية ،وتتضمن هذه التعديلات إضافة بنود تتعلق بتعديل الدستور وتعزيز المصالحة الوطنية ومحاربة الفساد والاهتمام بحقوق الإنسان ودعم العراق اقتصاديا وتحييد خطر الميليشيات وإصلاح القوات المسلحة على جدول أعمال المفاوضات القادمة بين الجانبين .وقد وافقت السفارة الأمريكية على إدراجها ضمن الأوراق الرسمية للمفاوضات المرتقبة مع ضمان عدم تعارض الاتفاقية المزمع توقيعها مع أية اتفاقيات للعراق مع أطراف دولية أخرى تسبق أو تلحق الاتفاقية.. وتم الاعلان فى بغداد وواشنطن الأثنين الماضى 26 نوفمبر عن نص وثيقة مبادئ" المشتركة التى وقعها كل من الرئيس الامريكى جورج بوش ورئيس الوزراء العراقى نورى المالكى،و وصفها مستشار رئيس الحكومة العراقية، صادق الركابي بأنها "اتفاق غير ملزم، ويمكن اعتبارها خريطة طريق لتنظيم العلاقة بين العراق وأمريكا، من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية."، وبينما اكد "المالكى" أن أى اتفاق نهائى سيتطلب موافقة البرلمان العراقى ، أعلن الجنرال "دوجلاس لوت " أحد أشد المدافعين عن الحرب فى العراق ان الاتفاق ليس معاهدة وانما عبارة عن مجموعة مبادىء تنطلق منها المفاوضات الرسمية العام القادم للاتفاق على وضع القوات الامريكية بالعراق وحقوق دخول وخروج العسكريين الامريكيين والقوانين التى يخضعون لها ليحل محل التفويض الحالى لمجلس الامن والمقرر انتهائه بنهاية العام الحالى . ويحدد اعلان المبادىء غير الملزم 31 يوليو القادم موعدا لترسيم العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية بين البلدين .وتنص الوثيقة المشتركة على ان الميثاق الأمنى الجديد سينهى العقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ غزوه للكويت فى 1990 ويعيد السيادة الكاملة لحكومة بغداد .ومن بنود الاتفاق مادة تتحدث عن تشجيع تدفق رءوس الأموال الدولية الى العراق وخاصة الاستثمارات الامريكية ، وسبق طرح هذا الاتفاق في أغسطس الماضي، وعرضه الرئيس الأمريكي للنقاش العلني، في سبتمبر الماضى .ووصفه مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون العراق وأفغانستان بأنه يمثل "الخطوة الأولى في عملية تتضمن ثلاث خطوات، لشراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع العراق.وتتضمن الخطوة التالية تمديد مهمة قوات التحالف الدولية في العراق لعام آخر، بتفويض من الأممالمتحدة، حيث تطلب بغداد من المنظمة الأممية رسمياً تمديد مهمة هذه القوات بشكل دوري سنوياً، منذ عام 2003. ويشير الاتفاق الى أن ادارة بوش والعراق سيتفاوضان على اتفاق حول مستقبل القوات الأمريكية فى العراق حيث ينتشرنحو 162 الف جندى رغم الانتخابات الرئاسية المقبلة والمعارضة الأمريكية للحرب بالعراق ، وفى هذا الاطار، دعا الرئيس بوش فى وزارة الدفاع الأمريكية الكونجرس الخميس الى انهاء الجمود بشأن تمويل الحرب فى العراق وأفغانستان ، كابوس العراق ورغم أن الولاياتالمتحدة أعلنت أن وثيقة المبادىءتستهدف حمايه العراق من التهديدات الخارجية، والعمل على استقراره الداخلي..فربما يرجع التوصل اليها -فى رأى بعض المحللين -الى محاولة تقليص خسائر القوات الأمريكية بالعراق وتحسين صورة بوش قبل انتهاء فترة رئاسته العام القادم خاصة بعد اعتراف قائد قوات التحالف السابق في العراق، الجنرال ريكادو سانشيز، أن العديد من الأخطاء العسكرية والسياسية التي ارتكبت عقب الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ساهمت في إشعال جذوة العنف مما جعل مهمة العراق "كابوساً دون نهاية تلوح في الأفق" للجيش الأمريكي، ومن أبرزالأخطاء السياسية والعسكرية التي ارتكبت عقب الغزو :حل الجيش العراقي، وفشل الولاياتالمتحدة في توطيد العلاقات مع زعماء العشائر .ووصف "سانشيز"، الذي قاد قوات التحالف منذ غزو العراق عام 2003، إستراتيجية تعزيز القوات الأمريكية في العراق ب30 ألف جندي إضافي، بأنها "محاولة يائسة" للتعويض عن سنوات من السياسات المضللة في العراق. وشكك في جدوى الإستراتيجية المتبعة في الوقت الراهن لمواجهة المسلحين، إلا أنه نفى في الوقت ذاته أن يكون سحب كامل القوات الأمريكية هو الخيارالمطروح.وزعم سانشيز، الذي تقاعد من الجيش الأمريكي العام الماضي بعد عام صاخب في قيادة الجيش الأمريكي بالعراق، أن منصبه كان أحد ضحايا فضيحة سجن "أبوغريب". خسائر القوات الأمريكية بالعراق : فى هذا السياق ، تدلل الخسائر التى أعلنها الجيش الأمريكى الخميس على مدى المعاناة التى تعيشها القوات الأمريكية بالعراق ، حيث ترتفع حصيلة الخسائر البشرية للقوات الأمريكية منذ غزو العراق في مارس 2003، إلى 3879 قتيلاً، بينهم 35 جندياً لقوا حتفهم في نوفمبر الجاري. كما يرتفع عدد القتلى الأمريكيين في العراق خلال العام الجاري 2007، إلى 876 قتيلاً، مما يضعه ك"أكثر الأعوام دموية" للقوات الأمريكية في العراق، متجاوزاً عام 2004، الذي سجل مقتل 849 جندياً أمريكياً. وقد شهد النصف الأول من العام الجاري ارتفاعاً في حصيلة القتلى الأمريكيين، سقط منهم: 83 قتيلاً في يناير، و81 في فبراير ، و81 في مارس ، و104 في أبريل ، و26 في مايو، و101 في يونيو.وبدأ التراجع منذ شهر يوليو حيث بلغت محصلة خسائر الجيش الأمريكي البشرية خلال ذلك الشهر 79 جندياً، و84 في أغسطس ، و65 في سبتمبر ، و40 في أكتوبر، و23 حتى اللحظة في نوفمبر الجاري. ويعتبر نوفمبر من عام 2004، أكثر الشهور التي سقط فيها جنود أمريكيين، في مواجهات عنيفة مع مسلحين في الفلوجة، حيث سجل مقتل 137 جندياً، يليه أبريل من العام نفسه، حيث سجل مقتل 135 جندياً.ومازال يوم السادس والعشرين من يناير من عام 2005، أكثر الأيام دموية للقوات الأمريكية، حيث شهد مقتل 37 جندياً، بينهم 31 من عناصر المارينز، في تحطم مروحية كانت تقلهم. وفى غضون ذلك ، تواصلت أعمال العنف بالعراق حيث لقى الخميس 12 شخصا مصرعهم وأصيب 28 آخرون بجروح جراء قصف إحدى القرى بصاروخ كاتيوشا شمال مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالي على بعد 66 كم شرق بغداد.وتعد المناطق المحيطة بمدينة بعقوبة وخاصة ناحية السلام من أشد المناطق اشتعالا أمنيا فى محافظة ديالى والعراق بشكل عام على الرغم من الهدوء الامنى النسبى الذى تنعم به عدة مناطق.ومن ناحية اخرى، تمكنت قوات التحالف من اعتقال 12 شخصا اثناء العمليات التي نفذت الخميس ضد تنظيم القاعدة في وسط وشمال العراق.و اعتقلت قوة مشتركة عراقية امريكية الجمعة 43 من حرس مقر عدنان الدليمى رئيس جبهة التوافق العراقية ،كبرى الكتل البرلمانية للعرب السنة ،غرب بغداد عقب العثور على سيارتين مفخختين فى المكان ..ويرى المراقبون أن الأوضاع بالعراق لاتزال متوترة بسبب استمرارأعمال العنف والاعتقالات وشبح الحرب شمال البلاد ورياح التقسيم رغم مساعى الوفاق الوطنى والتفاوض مع الولاياتالمتحدة التى تحيط بها علامات الاستفهام ويكتنفها الغموض .