رغم الاقتراب الشديد من موعد انعقاد مؤتمر أنابوليس، فإن خلافات أساسية ما زالت قائمة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية حول صيغة البيان المشترك، المفترض أن يعقد المؤتمر على أساسه. وقضية الخلاف الكبرى، حسبما ذكرت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، أمس، هي حول المطلب الاسرائيلي وهو أن يعترف الفلسطينيون بأن اسرائيل دولة يهودية، والمطلب الفلسطيني بأن يعترف الاسرائيليون بالقدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وذكرت الصحيفة ان مسودة الوثيقة، التي حصلت عليها ونشرتها أمس نقلا عن مصادر فلسطينية، تقول ان هناك خلافات عديدة أخرى بين الطرفين، بما في ذلك الخلاف حول تسمية الوثيقة، حيث يطلب الفلسطينيون تسميتها «وثيقة مشتركة» ويصر الاسرائيليون على تسميتها «بيان مشترك». وهناك خلاف حول الجدول الزمني، حيث تطلب اسرائيل أن لا يكون هناك جدول محدد بينما يطلب الفلسطينيون تحديدها في ثمانية شهور. وقالت «هآرتس» ان هناك وثيقة باللغة العبرية، مما يعني انها قد تكون خاصة بالوفد الاسرائيلي، لكنها تحتوي على اشارات توضح الموقف الاسرائيلي (باللون الأزرق) والموقف الفلسطيني (باللون الأخضر) من كل قضية. وتتكون الوثيقة من مدخل وأربعة بنود، هي: المفاوضات، خطة خريطة الطريق ودور المجتمع الدولي وآلية المتابعة والمراقبة، وبند يشمل اقتراح الجانبين لصياغة البنود. وجاء في المسودة أن «رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع (ابو علاء) ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني سيستكملان بحث البنود المتعلقة بالقضايا الجوهرية وهي القدس والحدود واللاجئون». وقالت الصحيفة انها لم تجد في المسودة مطالب فلسطينية تتعلق بتجميد الاستيطان أو جدار الفصل العنصري أو إزالة حواجز، ولم يتطرق الفلسطينيون إلى الأوضاع في قطاع غزة. ويعترض الفلسطينيون في المدخل على الصياغة الإسرائيلية التي جاء فيها أن حق تقرير المصير هو لكل شعب في مناطقه، وأن إسرائيل هي وطن الشعب اليهودي، وفلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني». في حين يطالب الوفد الإسرائيلي بوقف الإرهاب» ويطالب بتعهد فلسطيني بإطلاق سراح غلعاد شاليط. الا أن الفلسطينيين يعترضون على ذكر كلمة إرهاب ويقترحون الصياغة التالية: «وضع حد للتحريض والتطرف والإرهاب والعنف». وأعربوا أنهم هم غير مستعدين للتطرق إلى قضية شاليط. وتتعلق نقطة خلاف أخرى بالجدول الزمني لانتهاء المفاوضات بعد مؤتمر أنابوليس. ويقترح الفلسطينيون أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق خلال ثمانية شهور من يوم انعقاد المؤتمر، أو حتى موعد أقصاه انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش (يناير2009). إلا أن الصياغة الإسرائيلية المقابلة تعترض على إدراج جدول زمني وتقول بوضوح: «لا يوجد اتفاق حول الجدول الزمني»، إلا أنه يأتي على ذكر ما جاء في منتدى حايم سابان (رجل أعمال اسرائيلي)، على لسان رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، مطلع الشهر الجاري الذي قال فيه إنه «يمكن التوصل إلى اتفاق حتى نهاية ولاية الرئيس بوش». ويطالب الفلسطينيون في المسودة بأن تكون المفاوضات على أساس قرارات واتفاقات سابقة. بينما يصر الإسرائيليون أن: «المفاوضات هي التي توجه الاتفاقات». ويطالب الفلسطينيون بأن تعتمد المفاوضات على مبادرة السلام العربية التي أطلقت عام 2002، وعلى القانون الدولي، ومبدأ «إقامة دولة فلسطينية سيادية ومستقلة إلى جانب إسرائيل تعيش بسلام وأمان»، وعلى قرار الجمعية العامة 194 الذي يضمن حق عودة اللاجئين. إلا أن إسرائيل تعترض على كل ذلك وترى أن الأساس للمفاوضات هو فقط خطة خريطة الطريق ومطالب الرباعية الدولية، التي قادت في عام 2006 إلى مقاطعة حكومة حماس وتشمل الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب. في البند المتعلق بخريطة الطريق يرد ما جاء في المسودة التي اقترحتها الولاياتالمتحدة للوثيقة المشتركة وتتكون من خمس نقاط. وتفرض خريطة الطريق على الفلسطينيين محاربة الإرهاب وتطالب إسرائيل في المقابل بوقف الاستيطان وإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية. ويقول الفلسطينيون أن الولاياتالمتحدة سحبت اقتراحها بسبب معارضة إسرائيل لعدد من النقاط. وتعترض إسرائيل على التطبيق الفوري والمتبادل لخريطة الطريق، وتعترض على تشكيل لجنة ثلاثية لمتابعة ومراقبة تطبيق الخطة، وتعترض أن تكون الولاياتالمتحدة هي المحكم الذي يفصل في الخلافات ويحدد مدى التطبيق. ويقترح الفلسطينيون آلية متابعة ومراقبة، ويطالبون بتشكيل لجان مفاوضات تبدأ في اليوم الذي يلي مؤتمر أنابوليس، وتقترح عقد لقاء دولي كل ثلاثة شهور لمراقبة تقدم المفاوضات. وهو ما ترفضه اسرائيل. وفي البند الختامي ترد ملاحظة إسرائيلية تتناول سبل التعامل مع قطاع غزة، في حين لم يتطرق الفلسطينيون إلى مسألة قطاع غزة حسب الصحيفة. من جهة أخرى خرج وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، مدافعا عن موقفه المتحفظ حول مؤتمر أنابوليس وقال انه يتمنى وسيعمل بشكل شخصي على انجاح أنابوليس، وان تحفاظاته نابعة فقط من حرصه على أمن اسرائيل بوصفه المسؤول في الحكومة عن هذا الموضوع.