رحبت الولاياتالمتحدةوإيران، كل على طريقتها، بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أعده رئيس الوكالة محمد البرادعي، وأكد أن إيران حققت تقدماً جوهرياً بشأن الكشف عن طبيعة برنامجها النووي. ووظفت واشنطن عبارة “لكن الأمر ما زال غير كاف”، في استنباط موقف تصعيدي، بل وسارع مندوبها في الأممالمتحدة زلماي خليل زاد إلى تحذير الصين من محاولة منع قرار فرض عقوبات جديدة على طهران التي رأت أن التقرير يلغي الحاجة لإحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي. وذكرت الوكالة الدولية في تقريرها أن “إيران سمحت بوصول أشخاص بشكل كافٍ وردت على الأسئلة في المهل المناسبة، وقدمت توضيحات حول المشكلات المطروحة” في إطار برنامج العمل المتفق عليه بين طهران والوكالة. وتابعت “إلا ان تعاونها بقي تجاوبياً أكثر منه ديناميكياً”، مبدية أسفها لعدم قيام طهران بمبادرات كافية. وكتبت الوكالة “كما سبق وأعلنا، فإن تعاون إيران الكامل والشفاف لا بد منه لتطبيق برنامج العمل هذا بشكل كامل وسريع”. وقالت الوكالة في المقابل ان إيران لم تعلق أنشطة تخصيب اليورانيوم خلافا لمطالب الأممالمتحدة. وقال مسؤول كبير في الأممالمتحدة “لقد أحرزنا تقدماً جوهرياً، وانطلقت خطة العمل بعد الكثير من الارتياب”. وأضاف إن الوكالة الدولية “تسير كما هو مقرر” في ما يتعلق بمسألة معرفة ايران واستخدامها السابق لأجهزة الطرد المركزي من نوعي “بي-1” و”بي-2”، التكنولوجيا التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم. وتابع ان مسائل أساسية أخرى مثل احتمال الاستخدام العسكري لا تزال عالقة. وأكد مسؤول الأممالمتحدة ما أعلنته إيران قائلا “إن ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي تعمل، وقبل أسبوع كل الأجهزة كانت قيد العمل”. وقال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إن التقرير اظهر أن إيران كانت تقول الحق بشأن خططها النووية وكانت على صواب في مقاومتها للضغوط الغربية. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن نجاد قوله “نرحب بهذا.. إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عرفت دورها ومع نشر تقرير (المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي) سيعلم العالم أن الأمة الإيرانية كانت على حق وأن مقاومة أمتنا كانت صوابا”. وصرح كبير المفاوضين في الملف النووي الإيراني سعيد جليلي، في أول مؤتمر صحافي له بعد تنصيبه أميناً للمجلس القومي، بأن التقرير “واضح جدا” ويسقط أي شرعية عن إحالة ملفها إلى مجلس الأمن الدولي. وقال “بالنسبة للذين كانت تساورهم شكوك بشأن ملف إيران النووي، فإن التقرير واضح جداً ويظهر سقوط الأساس الذي أحيل الملف النووي بناء عليه إلى مجلس الأمن الدولي”. وأضاف ان رد فعل أمريكا على التقرير يثبت أنها غير معنية بالتقرير، وأنها تريد فرض عقوبات على إيران. وحذر من أن طهران سيكون لها موقف آخر في فرض قرار جديد عليها، وقال إن على الدول الأوروبية أن تقف أمام النوازع الشريرة لواشنطن، كما دعا السفير الإيراني في باريس، فرنسا لكي تستخدم نفوذها لردع الرئيس الأمريكي عن ارتكاب حماقة تفضي إلى عملية عسكرية ضد ايران. واشنطن، من جانبها، أعلنت أنها ستطلب من الأممالمتحدة فرض عقوبات جديدة على طهران، واعتبرت أن التقرير أظهر أن إيران “ماضية في تحدي” العالم ببرنامجها النووي. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو إن “التقرير يكشف بوضوح للأسف أن إيران لا تبدو مهتمة بالعمل مع بقية العالم”. وتابعت “ستتعامل الولاياتالمتحدة مع شركائنا في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، فيما نتقدم في اتجاه سلسلة ثالثة من العقوبات في مجلس الأمن”. وحذر السفير الأمريكي في الأممالمتحدة زلماي خليل زاد الصين من تحمل مسؤولية فشل المساعي الدبلوماسية في تسوية أزمة “النووي الإيراني”، إذا ما عارضت فرض عقوبات جديدة على طهران. وقال “لا أعتقد ان الصين ترغب في أن تكون في موقع تتسبب بفشل المساعي الدبلوماسية في تسوية هذه المشكلة”. وحثت بريطانيا إيران على “أن تفصح عن كل شيء” فيما يخص برنامجها النووي وكررت تهديدها بالعمل على فرض مزيد من العقوبات الدولية وفرض عقوبات أوروبية. وقالت وزارة الخارجية البريطانية تعليقا على التقرير “إذا كانت إيران تريد ان تستعيد الثقة في برنامجها فعليها أن تفصح بلا إبطاء عن كل شيء فيما يخص كل القضايا المعلقة”. وكان وزير الخارجية منوشهر متكي أعلن، أمس، ان إيران ستدرس أي مشروع للتعاون الإقليمي حول التكنولوجيا النووية السلمية “فور تسلمنا إياه رسمياً”. ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) إلى متكي قوله، رداً على سؤال بشأن اقتراح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بشأن تشكيل كونسرتيوم مشترك حول النشاط النووي، “إن دراسة موضوع النشاطات النووية السلمية الإيرانية تمضي في مسارها الطبيعي في الوكالة الدولية”. وفي شأن ذي صلة، أعلن المدعي العام الإيراني قربان علي دوري نجفبادي اعتقال “أشخاص آخرين في قضية التجسس النووي” التي تطال بصورة رئيسية المفاوض الإيراني السابق في الملف النووي حسين موسويان، على ما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وقال “تم التعرف إلى أشخاص آخرين في قضية التجسس النووي وتوقيفهم”، من دون أن يحدد عددهم وتاريخ اعتقالهم. وسئل عن ملف حسين موسويان المتحدث السابق باسم الفريق الإيراني المفاوض في الملف النووي برئاسة حسن روحاني، والمتهم بنقل معلومات إلى دول أجنبية وخصوصا بريطانيا. وفي الشأن الداخلي أيضاً، تتجه مختلف الأحزاب الإصلاحية الإيرانية إلى تشكيل تحالف واسع في الانتخابات التشريعية المقررة في 14 مارس2008 بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن مهدي كروبي أحد قادة الكتل الإصلاحية. وقال كروبي الرئيس السابق للبرلمان والذي أسس حزب الثقة الوطنية (اعتماد ملي، إصلاحي) ان “تسعين في المائة من مرشحينا سيكونون على قوائم مشتركة مع تحالف الأحزاب الإصلاحية”.