تحول القطن، بسبب استهلاك زراعته الكثير للماء، من رمز للبيئة والملابس الرئيفة بالبيئة إلى نبات ضار بالبيئة بحكم التقديرات الجديدة التي تنظر إلى مدى بيئية الاشياء من خلال (ميزانها الطبيعي)، بمعنى المياه الطبيعية التي تستهلكها والطاقة المستهلكة في زراعتها وإنتاجها. وبعد القطن، تدور الدوائر على الوقود الطبيعي، مثل زيت البنجر، الذي كان طوال العقود الماضية عنوان الوقود المستقبلي البديل. وتشي دراسة جديدة بأن زراعة المواد المستخدمة في صناعة الوقود البيئي يستهلك من الماء أضعاف ما يقلص من إطلاق ثاني أوكسيد الكربون. وهذا ليس كل شيء، لأن سهولة زراعة هذه النباتات، ارتفاع أسعارها النسبي، وزيادة الطلب عليها عالميا يدفع مزارعي بعض البلدان المعرضة للجفاف إلى التحول من زراعة المحاصيل المثمرة إلى زراعة قصب السكر والذرة. وتلحق هذه الحالة أشد الأضرار بالمياه الجوفية، تعمق حالة الجفاف التي تتعرض لها الأرض وتعرض سكان هذه المناطق إلى المجاعات. علما ان 40% من سكان العالم يعيشون في مناطق معرضة للجفاف والمجاعات. وأحصت الدراسة، التي أجراها المعهد الدولي لاقتصاد الماء IWM، أن مزارعي بعض البلدان الفقيرة، والمعرضة للجفاف، يخططون لإنتاج عدة مليارات من الوقود البيئي، اعتمادا على زراعة نباتاتها، وهو ما يعني فقدان المياه فيها بمقادير مضاعفة. وحذر المعهد من استمرار زراعة هذه النباتات، وتوسع مساحات الأرض التي تحتلها في بلدان أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. واستشهد المعهد بدراسة أجراها العلماء تقول بأن انتاج اللتر الواحد من الوقود البيئي يستهلك 3500 لتر من الماء. وحذر المعهد على وجه الخصوص من نضوب مصادر المياه في الهند والصين وجنوب شرقي آسيا عموما بسبب الزراعة المكثفة للنباتات المستخدمة في إنتاج الوقود البيئي. إذ تخطط الصين، حسب الدراسة، لإنتاج 18 مليار لتر من زيت الوقود الطبيعي حتى عام 2030. وهو ما يغطي 9% من استهلاك الوقود في الصين، لكنه لا يعادل سوى خمس الزيت البيئي المنتج عام 2005. كما تخطط الهند لإنتاج 8.3 مليار لتر من زيت الوقود البيئي حتى عام 2030، وهو ما يغطي10% من حاجة الهند للوقود حتى ذلك الحين. وكي تحقق الصين والهند هذه النتائج، فان على الأولى ان ترفع انتاجها من الذرة بنسبة 26% وعلى الثانية ان ترفع انتاجها من قصب السكر بنسبة 16%. وتقول دراسة معهد اقتصاد الماء أن تحضير اللتر الواحد من الايثانول من الذرة الصينية يتطلب 2400 لتر من الماء لسقي هذه الذرة. ويبدو «الميزان البيئي» لقصب السكر في الهند أسوأ بكثير لأن انتاج اللتر الواحد من الايثانول هناك يستدعي سقي القصب بنحو 3500 لتر من الماء. وهذا يعني، بالضرورة، ان استهلاك الهند للماء سيرتفع حتى عام 2030 بمقدار29.1 كيلومتر مكعب من الماء، ويرتفع استهلاك الصين للماء بمقدار35.1 كيلومتر مكعب. وللمقارنة فأن انتاج 35 مليار لتر من الزيت البيئي سيستهلك 000000 122500 لتر من الماء. وتساءل ديفيد مولدن، المتحدث باسم معهدIWM، «كيف سيمكننا تغذية كتلة بشرية متنامية وهائلة، ومدها بالماء، إذا كنا نستخدم المياه والتربة لإنتاج الوقود؟». ولا يبدو أن الولاياتالمتحدة الأميركية تقف بعيدة عن مخاطر التصحر واضطراب مصادر المياه الطبيعية بسبب مخططات توسيع زراعة الوقود البيئي. وحذر جيرالد شنور، رئيس اللجنة في مجلس الابحاث القومية الأميركي، من تأثير زراعة هذه النباتات، وتسميدها وحمايتها بالمبيدات، على نوعية مياه الشرب. وتخطط الولاياتالمتحدة لرفع انتاجها من النباتات المستخدمة في صناعة الوقود البيئي إلى 133 مليار لتر حتى عام 2013. وأشار شنور إلى أن مياه سقاية بلايين اللترات من المياه ستمتزج بالأسمدة ومواد مكافحة الآفات الزراعية وتعود مجددا إلى مياه الأنهار والمياه الجوفية ضمن دورة حياة المياه الطبيعية. وكانت دراسة اميركية جديدة قد حذرت من مخاطر حرق كحول الإيثانول المستخدم في وقود الحركة بدلا من البنزين والديزل. وذكرت الدراسة، التي نشرت في «مجلة العلوم والتقنية البيئية» إلى أن احتراق الايثانول اكثر ضررا من البنزين والديزل بطبقة الاوزون، كما أنه يعزز ظاهرة مزيج الغبار والسخام والضباب (السموج) القريبة من الأرض والتي تسبب العديد من الأمراض للإنسان. وتنسب منظمة الصحة لعالمية إلى «السموج» وفاة 800 ألف إنسان سنويا على المستوى العالمي. في الشهر الماضي حذرت منظمة الزراعة العالمية (فاو) من تراجع زراعة المحاصيل على المستوى العالمي بنسبة 10% بسبب التوجه لزراعة نباتات الوقود لبيئي. وأشارت المنظمة إلى ان البشر حققوا رقما قياسيا عام 2006 حينما انتجوا 2010 مليون طن من الحبوب، لكن النقص في الحاجة إلى الحبوب ارتفع في نفس العام بمقدار 2060 مليون طن.