أبدأ اليوم حلقات مختصرة عن كواليس بطولة كاس العالم منذ بدايتها عام 1930، استنادا على قراءات ومتابعات وأحداث عشتها عن قرب متسلحا بما أظن أنه من واجبات الصحفى، وهو الشغف، فكنت دائما أحاول أن أعرف وأتساءل أحيانا: لماذا؟ ومن ذلك: لماذا منحت أوروجواى شرف تنظيم البطولة الأولى؟! فى عام 1929 عقد اجتماع الاتحاد الدولى فى برشلونة لبحث ترتيبات ولوائح البطولة،وتقدمت ست دول لاستضافة الكأس الأولى: خمس من أوروبا، وهى: إيطاليا، السويد، هولندا، إسبانيا، المجر، وواحدة من أمريكا الجنوبية، هى: أوروجواى، التى فازت بهذا الشرف لإثباتها أنها دولة كروية من أعلى مستوى عندما فازت ببطولة الكرة فى دورتى باريس وأمستردام الأوليمبيتين فى عامى 1924، 1928، وبهرت أوروبا بأسلوب من اللعب يجمع بين الرشاقة، والفاعلية، والنواحى الجمالية، وكان ذلك هو السبب الأول الذى رجح كفة أوروجواى وفى الوقت نفسة أراد الاتحاد الدولى أن يوسع نشاطه، ويزرع علمه فى هذه البلاد البعيدة كما قدمت أوروجواى عرضا مغريا بتحملها نفقات إقامة جميع الفرق المشتركة فى البطولة، كما تعهدت ببناء استاد ضخم يتسع لمائة ألف متفرج فى العاصمة مونتفيديو، وسمى الاستاد سنتناريو أى الملعب المئوى، لأن افتتاحه عام 1930 واكب الاحتفال بمرور مائة عام على استقلال أوروجواى، وقد تم بناء هذا الاستاد الضخم فى ثمانية شهور وكانت بطولة كأس العالم الأولى بدون تصفيات، إذ وجهت أوروجواى دعوة مفتوحة لأعضاء الاتحاد الدولى، وقبلت الدعوة اثنتا عشرة دولة فقط من 46 دولة، وكادت تفشل الكأس قبل بدايتها، إذ رفضت كل دول أوروبا الاشتراك بحجة طول الرحلة، التى تستغرق 3 أسابيع بالسفينة، وهددت دول أمريكا اللاتينية بالانسحاب من الاتحاد الدولى، وأنقذ الموقف كارول ملك رومانيا الذى أبرق بموافقة بلاده على الاشتراك، وهو شخصيا الذى اختار منتخب رومانيا فى البطولة، وكان يحضر تدريباته، ومنح لاعبيه إجازة لمدة ثلاثة شهور، ووافقت فرنسا، وبلجيكا، ويوغسلافيا، ومن أمريكا الشمالية جاء منتخب الولاياتالمتحدة، وكان مكونا من الأجانب الذين هاجروا إلى أمريكا، وتميز هذا الفريق بضخامة أجساد لاعبيه فأطلق عليهم لقب رماة الحلبة ومن أمريكا اللاتينية جاءت منتخبات الأرجنتين، شيلى، البرازيل، بوليفيا، بيرو، بأوروجواى، المكسيك وفى يوم 21 يونيو 1930 أبحرت الباخرة كونت فردى تحمل فرق أوروبا مجتمعة دفعة واحدة على ظهرها، حيث أجرت تدريباتها طوال الرحلة إلى جمهورية شرق الأوروجواى، وهو الاسم الرسمى لهذه الدولة، التى اكتشفها الملاح البرتغالى ماجلان، والذى صاح عندما رأى الجبل المطل على قرية صيد صغيرة: «مونتى فى أى»، يعنى أنا أرى الجبل، فأسموها مونتفيديو وهذا البلد اللاتينى يدين باستقلاله إلى الزعيم الثورى خوزيه جيرفازيو أرتيجاس، وقد شاهدت بنفسى، وبعينى كيف يعشقه أهل أوروجواى، حيث زرت هذا البلد عام 1980، عندما نظم بطولة كأس العالم المصغرة أو كوبا دى أورو بمناسبة مرور خمسين سنة على حصول أوروجواى على كأس العالم 1930، وقد فاز أيضا بكأس العالم المصغرة، وتوجه أكثر من مائتى ألف مشجع إلى ميدان الزعيم ارتيجاس وأخذوا يرقصون ويهتفون له ولفريقهم.. فازت أوروجواى بالكأس بعد أن هزمت الأرجنتين 4/2. وكانت المباراة النهائية معركة حقيقية لتزداد الخصومة بين البلدين، خاصة أن الأرجنتينيين هاجموا قنصلية أوروجواى فى بيونيس أيريس وكادوا يحطمونها لأنهم خسروا فى النهائى. حكم المباراة النهائية لانجنيوس البلجيكى لم يقبل إدارة اللقاء إلا بعد الحصول على ضمانات مؤكدة من حكومة أوروجواى بالمحافظة على حياته اختلف فريقا أوروجواى والأرجنتين على الكرة التى يلعبان بها المباراة أصر كلاهما على اللعب بكرته، وقرر الحكم اللعب بكرة الأرجنتين فى شوط، وبكرة أوروجواى فى الشوط الثانى.. لماذا كانت الخصومة شديدة بين أوروجواى وبين الأرجنتين. وكيف لمست ذلك شخصيا فى مطار مونتيفيديو قبل 34 عاما ؟!