مع بداية السنة المالية الجديدة أول يوليه 2007 بدأت الحكومة المصرية تنفيذ الخطة الخمسية السادسة للفترة من 2007/2012 باستثمارات إجمالية تبلغ نحو 1295 مليار جنيه وبزيادة تبلغ160 بالمائة عن الاستثمارات المُنفذة بالخطة الخمسية الخامسة وقدرها 495 مليار جنيه. فنتيجة استمرار جهود الدولة الرامية لتحسين مستوى معيشة المواطن المصرى، تأتى الخطة الخمسية الجديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2007/ 2012، والتى يُطلق عليها " خطة التنمية السادسة " ، وتجىء على قاعدة من إصلاحات سياسية واقتصادية وتشريعية واسعة وفى إطار حشد قوى المجتمع لترجمة برنامج الرئيس الانتخابى، وتهدف إلى" تحقيق التوازن بين السكان والموارد، تحديث الاقتصاد، والتوازن بين الكفاءة الاقتصادية والبُعد الاجتماعى ". وخطة التنمية السادسة، قد تم مناقشتها مؤخراً بمجلسى الشعب والشورى، وتم خلال جلسات المناقشة تأكيد التزام الحكومة بالعمل على الارتفاع بمستوى معيشة المواطن المصرى بنسبة 35% والوصول بمتوسط دخل الفرد إلى 13 ألف جنيه سنوياً، وتشغيل حوالى 3.8 مليون مواطن لتنخفض نسبة البطالة إلى حوالى 5% فى المتوسط وضرورة أن تتضمن الخطة ترجمة حقيقية وفعلية لمتطلبات واحتياجات المواطنين، والارتفاع بنوعية وجودة الخدمات التى تُقدم للمواطن سواء فى الصحة أو التعليم أو المياه والصرف الصحى وغيرها. وأعلن الدكتورعثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية فى تصريح له أن استثمارات العام الأول من الخطة السادسة تُقدر بنحو 180 مليار جنيه بزيادة 45 مليار جنيه عن السنة السابقة بنسبة نمو 24 بالمائة مشيراً إلى أنها خطة تسعى إلى تحسين أحوال المواطنين عن طريق الارتفاع بمعدل النمو الاقتصادى إلى 8 بالمائة سنويا. وأكد أن الخطة الخمسية الجديدة تهدف كذلك إلى توفير الخدمات الاجتماعية والمنافع العامة وتحسين نوعية هذه الخدمات فى مجالات التعليم والصحة ومياه الشرب والصرف الصحى والبيئة وغيرها، وتتبنى كافة الأهداف الواردة بالبرنامج الانتخابى للرئيس حسنى مبارك، وتراعى اعتبارات التوازن بين البُعد الاقتصادى والبُعد الاجتماعى من حيث تبنى استراتيجيات تنموية رامية لتحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع يسمح باتساع الطاقة الاستيعابية لسوق العمل بما يكفل مستويات عالية من توفير فرص العمل وتحسن مستوى معيشة ونوعية حياة المواطنين بالتركيز على خدمات التنمية البشرية والاجتماعية وخاصة للفئات ذات الدخل المحدود والأسر الفقيرة. وأضاف الوزير أن هناك22 مليون عامل يمثلون حجم قوة العمل، يقدمون730 مليار جنيه هو حجم الناتج المحلى بما يشير إلى ضعف الإنتاجية، كما أثار الدكتور عثمان قضية الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل إلى مهارات لا يوفرها التعليم، وأشار إلى الضغوط التى تواجهها الحكومة من أصحاب المصانع للاستعانة بعمالة أجنبية تتوفر فيها المهارات اللازمة فى الوقت الذى يعانى فبه المجتمع من مشكلة بطالة تتراوح بين9 و10%. وأوضح أن الحكومة رصدت مايزيد على نصف مليار جنيه هذا العام توجه للتدريب وإعادة التأهيل، كما قدمت حلولاً أخرى للمستثمرين بمناطق الصعيد بإعفائهم من سداد الالتزامات الخاصة بالتأمينات مقابل تدريب العمالة بالصعيد. وحول الإصلاح الاقتصادى أكد الوزير على ضرورة أن تتضمن عملية الإصلاح الاقتصادى حزماً متكاملة ومتسقة وليست خطوات مُنفصلة أو مُنعزلة عن بعضها لأن كل العناصر الاقتصادية مرتبطة ببعضها البعض، وعلى سبيل المثال الإصلاح الضريبى مرتبط بروافد أخرى فى السياسة الاقتصادية، مُشيرا إلى أهمية قراءة المؤشرات الاقتصادية بواقعية وبطريقة متوازنة مثل العجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات وعجز الميزانية وكذلك الدين العام وعدم قراءتها بصورة خاطئة . ومن المُلاحظ أن السمة الأساسية لخطة التنمية السادسة تُبنى على أساس ما تحقق خلال الخطة الخامسة، كما تعكس مدى نجاح الحكومة فى تنفيذ برنامج الرئيس مبارك الانتخابى .. ومن أهم التحديات التى تواجه الخطة السادسة تحقيق التوازن بين السكان والموارد وتحديث الاقتصاد من خلال تغيير ثقافة المجتمع، وتحقيق التوازن بين اعتبارات الكفاءة الاقتصادية واعتبارات البُعد الاجتماعى، بل إن هذه الخطة تعكس أيضا التوجهات الأساسية للسياسة العامة التى تقوم على تكثيف الاستثمار من أجل التشغيل، وبالنسبة للمشروعات العامة ستزيد استثماراتها إلى أكثر من 48 مليار جنيه خلال العام الأول من الخطة السادسة، وفيما يتعلق بمجال التوازن الإقليمى، سوف يحظى الصعيد بأولوية متفردة سواء بتبنى المشروع القومى لتنمية الصعيد أو بتخصيص أكثر من 42% من استثمارات التنمية المحلية لمحافظات الصعيد. وصرح وزير التنمية الاقتصادية : توزع الاستثمارات العامة المعتمدة بالخطة على 3543 مشروعا استثماريا، حوالى 70% منها مشروعات بدأت خلال الخطة الخمسية الخامسة ويتم استكمالها خلال الخطة السادسة، ويبلغ نصيب هذه المشروعات حوالى 60% من جملة الاستثمارات العامة، وبلغ عدد المشروعات الجديدة بالخطة 610 مشروعاً، تصل تكلفتها الإجمالية إلى حوالى 11 مليار جنيه، أى نحو 22 % من إجمالى الاستثمارات العامة فى حين يصل عدد مشروعات " الإحلال والتجديد " ومشروعات" التوسع" إلى 493 مشروعاً، ويصل نصيبها النسبى من جملة الاستثمارات العامة بالخطة إلى حوالى 18%. وفى مجال الاسكان، تنفذ وزارة الإسكان والمرافق العمرانية 810 مشروعاً من مشروعات الخطة، فى حين يبلغ عدد مشروعات وزارة التربية والتعليم 462 مشروعاً، ووزارة التعليم العالى 363 مشروعاً، والتنمية المحلية 238 مشروعاً، ووزارة الرى 197 مشروعاً، ووزارة الصحة 178 مشروعاً، ووزارة الزراعة 138 مشروعاً، ووزارة النقل 122 مشروعاً ، ووزارة الثقافة 103 مشروعاً. كما تستحوذ مشروعات المياه والصرف الصحى على حوالى 21 % من جملة الاستثمارات الحكومية بالخطة ، فى حين يصل نصيب قطاع النقل إلى نحو 15% ، يليه قطاع التعليم ثم الصحة بنصيب نسبى حوالى 14% و 8% على الترتيب. وفى مجال الزراعة ،من أهم المشروعات التى ستتولى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى تنفيذها خلال الخطة : مشروع تطوير محطات الخدمة الآلية (90 مليون جنيه )، مشروع تحسين التربة الزراعية بالأراضى القديمة والجديدة (50 مليون جنيه )، ومشروع التنمية الزراعية والريفية بمنطقة غرب النوبارية (45 مليون جنيه)، بالإضافة إلى مشروعات إنشاء واستكمال البنية الأساسية فى أراضى الاستصلاح الزراعى ( حوالى 237 مليون جنيه ). أما أهم المشروعات التى ستنفذها وزارة الموارد المائية والرى ، فهى مشروع استكمال قناطر نجع حمادى (189 مليون جنيه) ، واستكمال البنية القومية وتطوير الموارد المائية بسيناء (138 مليون جنيه)، وتجديد شبكات الصرف المُغطى ل 550 ألف فدان (109 ملايين جنيه) ، والإدارة المتكاملة للموارد المائية وتطوير أساليب الرى فى نصف مليون فدان بالوادى والدلتا ( 94 مليون جنيه ) وتنفيذ برنامج مبارك لإنشاء محطات الرى بمناطق التوسع (69 مليون جنيه ) . كما ستتولى الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى تنفيذ مشروعات بتكلفة إجمالية حوالى 6 مليارات جنيه، فى حين يقوم الجهاز التنفيذى للصرف الصحى ومياه الشرب بالقاهرة الكبرى والإسكندرية بتنفيذ مشروعات بتكلفة حوالى 2ر2 مليار جنيه. وفى مجال الكهرباء ، من أهم مشروعات وزارة الكهرباء والطاقة مشروع محطة توليد كهرباء نجع حمادى ودمياط ( 147 مليون جنيه ) ، ومشروع إنارة القرى والتوابع فى التجمعات الجديدة والظهير الصحراوى ( 46 مليون جنيه )، ومشروعات توفير البنية الأساسية والدراسات الفنية اللازمة للمحطة النووية الأولى (26 مليون جنيه ) . وفى مجال النقل ،من أهم مشروعات وزارة النقل تطوير خطوط ووسائل النقل بالسكة الحديد ( 5 مليارات جنيه )، وإنشاء وتطوير وإزدواج طرق وكبارى ( 6ر1 مليار جنيه )، وتنفيذ المرحلة الأولى من الخط الثالث لمترو الأنفاق ( 945 مليون جنيه ) . وحول مستوى الاقتصاد المصرى فى الوقت الحالى، أشار وزير التنمية الاقتصادية إلى أنه بدأ يستعيد قوته خلال العامين الماضيين، مُستنداً إلى اعتبارات موضوعية اقتصادية، حيث أثبت أنه اقتصاد مرن بإمكانياته لدرجة تمكنه من الاستجابة السريعة للسياسات الاقتصادية والنقدية والمالية فى ظل آليات السوق ،ويقتصر دور الحكومة فيه على استحداث السياسات والعمل على جودة إدارتها للوصول إلى النتائج المرجوة، وقال إن الحكومة عندما اتخذت قرار تحرير سعر الصرف توقعت ارتفاعاً فى الأسعار يستمر لمدة 14 شهراً، إلا أن سمة مرونة الاقتصاد جاءت عكس التوقعات وبدأ معدل التضخم يتراجع بعد مرور 12 شهراً فقط مع زوال الأسباب المؤقتة التى أدت إلى ذلك، ومن المتوقع أن يصل معدل التضخم فى المتوسط نهاية العام الحالى إلى حوالى 8% ، كما أشار إلى أنه حين قررت الحكومة خفض الضرائب على الدخل توقع تراجعاً فى حصيلة الإيرادات، إلا أن مرونة الاقتصاد خالفت تلك التوقعات وزادت الحصيلة الضريبية، وتغير المفهوم لدى الممولين من اعتبار الضرائب جباية إلى اعتبارها مُشاركة مجتمعية لتحقيق التنمية الشاملة . وبشأن التنمية خارج الوادى الضيق، أشار الوزير إلى أن توفير البنية الأساسية للسكان داخل المناطق المأهولة يسير جنباً إلى جنب مع خطط الخروج من الوادى الضيق والتوسع عرضياً من برج العرب إلى شلاتين، وأن مشروع توشكى - على سبيل المثال - تم بناء على دراسات مستفيضة وهو مشروع للأجيال القادمة، وأن ما تم إنفاقه على البنية الأساسية للمشروع لم يتجاوز 6 مليارات جنيه، كما أن الخطط جارية للعمل فى ال 400 قرية فى الظهير الصحراوى ، وقال إنه لابد من إحداث خلخلة فى حركة السكان من خلال تنفيذ شبكة من الطرق الحرة خلال الخمس سنوات القادمة، حيث تم رصد حوالى 30 مليار جنيه لهذه الطرق، معظمها يمولها القطاع الخاص . وحول مشروع " ممر التنمية والتعمير" المقترح من قبل العالم الدكتور فاروق الباز .. تم تشكيل لجنة وزارية لإعداد دراسة عن هذا المشروع، تنتهى خلال 18 شهرا وسوف يتحدد مدى الجدوى الاقتصادية للمشروع، حتى يمكن تقرير السير فى تنفيذه أم صرف النظر عنه، فى ضوء ما ينتهى إليه تقرير الخبراء المعنيين، والجدير بالذكر أن هذا المشروع يتمثل فى إنشاء طريق رئيسى من الساحل الشمالى إلى الحدود الجنوبية مع السودان، أو ما يشبه واد مواز للوادى الحالى تفصلهما مساحات من الصحراء، بحيث يمتد هذا الطريق إلى الغرب من نطاق العُمران فى الوادى والدلتا وعلى أبعاد معقولة منه داخل الصحراء، وتمتد منه طُرق عرضية إلى مراكز المُدن الرئيسية كالقاهرة والمنيا وأسيوط وسوهاج وأسوان .. إلخ، بحيث تصبح نقاط التقاء الطرق مراكز عُمرانية جديدة تحل مشاكل المُدن الحالية، واستزراع نحو مليون فدان على المياه الجوفية فى باطن الصحراء حول أو بالقرب من مسار الطريق الرئيسى . 5/7/2007