تكرس الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون الأمنية اجتماعها الدوري اليوم الذي كان مقرراً للبحث في الأوضاع على الحدود مع سورية ولبنان للبحث في سبل الحد من القصف الصاروخي الفلسطيني على بلدة سيديروت جنوب إسرائيل، وسط دعوات من عدد متزايد من الوزراء إلى قطع الكهرباء والماء والوقود عن قطاع غزة مقابل رأي آخر يدعو إلى توسيع التوغل العسكري الإسرائيلي في القطاع واستهداف قادة «الجهاد الإسلامي» في «عمليات تصفية موضعية». في غضون ذلك أبلغت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني الكنيست ان أي «اتفاق مبادئ» قد تتمخض عنه المفاوضات بين رئيس الحكومة ايهود اولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) سيُطرح على الكنيست أولاً لنيل الثقة وسيكون تنفيذه مرهوناً بالتطورات على الأرض. وتبارى الوزراء وأقطاب المعارضة في «تقديم الاقتراحات» للقيادتين السياسية والعسكرية للحد من سقوط قذائف القسام على بلدة سديروت ما شل الدراسة فيها. وتبنى النائب الأول لرئيس الحكومة حايم رامون فكرة الوزير المتطرف أفيجدور ليبرمان ووزراء من حركة «شاس» الدينية المتشددة بقطع التيار الكهربائي والماء والوقود عن قطاع غزة لساعات في كل مرة يتعرض جنوب إسرائيل للقذائف الفلسطينية. وقال في مقابلات إعلامية إنه «من غير المعقول مواصلة تزويد سكان غزة بالكهرباء والمياه والوقود في حين يشكل مواطنو إسرائيل أهدافاً حية لصواريخهم، لذا يجب تحديد «تسعيرة» معروفة سلفاً للفلسطينيين». وزاد انه لو عملت الحكومة الإسرائيلية باقتراحه خلال الحرب على لبنان العام الماضي بضرب البنى التحتية في لبنان ومحو قرى في جنوبه بقصف جوي «لتحققت نتائج أفضل»! وحض وزير الأمن الداخلي آفي ديختر الحكومة الأمنية على درس اتخاذ «خطوات متشددة من شأنها ردع المنظمات الإرهابية عن مواصلة القصف». وقال إنه يجب «ضرب القطاع لا التوغل فيه وابلاغ السكان الفلسطينيين ان القذائف التي تسقط في شديروت ستطالهم». وأفادت تقارير صحافية أن القيادتين السياسية والعسكرية تتخبطان في تحديد «الوسيلة الأنجع» لوقف القصف الفلسطيني على رغم قناعتهما بأنه لا بد من عملية عسكرية واسعة في القطاع «وتبقى فقط اختيار التوقيت الملائم». وأضافت ان كبار المسؤولين يأخذون في حساباتهم رد المجتمع الدولي على خطوات متشددة مثل قطع إمدادات الكهرباء والوقود والماء أو اجتياح القطاع، خصوصاً حيال التحضيرات لعقد المؤتمرالدولي في واشنطن بعد شهرين، وعشية موسم الأعياد اليهودية. وقال نائب وزير الدفاع ماتان فلنائي للإذاعة العسكرية ان كل الاحتمالات واردة من ضمنها «إطفاء الأنوار» في القطاع لكنه استدرك قائلاً إنه يشكك في جدوى إجراء كهذا بل انه يخشى أن يحفز ذلك مطلقي القذائف على تصعيد القصف «لإثبات قدراتهم». ولمح إلى أن الخيار العسكري هو المطروح حالياً على بساط البحث. وأضاف: «إذا لم تنجح التحركات السياسية فلن يكون مفر من عمل عسكري أوسع من الحالي... ستكون لذلك أثمان باهظة لكن يبدو انه ما من مفر آخر». ويبدو ان الرد الإسرائيلي على القصف سيبقى مرهوناً ب «المعيار الإحصائي»، بلغة بعض المعلقين، أي أن إسرائيل لن تقدم على اجتياح القطاع أو ضرب البنى التحتية فيه طالما لا تقع إصابات في الأرواح في سديروت. ووفقاً للمعيار ذاته فإن سقوط ضحايا سيسقط معه سائر الاعتبارات التي تحول الآن دون شن حرب مفتوحة على القطاع. واستغلت الأوساط المعارضة لاحتمال توصل اولمرت ل «اتفاق مبادئ» في شأن الحل الدائم للصراع، تصعيد القصف الفلسطيني لتبرير معارضتها مثل هذا الاتفاق الذي لم يولد بعد وهناك احتمال كبير بأن لا يرى النور واتهم زعيم المعارضة بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة بتقديم تنازلات لم يفوضه أحد لتقديمها. وقال خلال الاجتماع الطارئ للكنيست إن «اولمرت لا يرى الأخطارالمتربصة بإسرائيل وينبغي منعه من إدارة شؤون الدولة عبر الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة». وأضاف ان الانسحاب الإسرائيلي من القطاع حوّله إلى «حماسستان». وردت وزيرة الخارجية على نتانياهو بالقول إن هناك وسائل مختلفة يمكن اللجوء إليها لوقف القصف الفلسطيني «من دون أن يؤدي الأمر إلى كارثة إنسانية على القطاع». وطرحت ليفني عدداً من «الخطوط الحمر» لأي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين. وقالت إن إسرائيل تؤيد الحل القائم على مبدأ «دولتين قوميتين» لكنها لن تسمح لنفسها بأن تقوم إلى جانبها «دولة فلسطينية تكون إرهابية». وكشفت صحيفة «هآرتس» انه خلافاً لادعاء وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك بأن الجيش ما زال يدرس خطة لإزالة بعض الحواجز في الضفة الغربية، ما يؤخر تنفيذ تعهد اولمرت لرئيس السلطة الفلسطينية إزالة بعضها، فإن في أدراج الوزارة خطة جاهزة منذ نحو عام لإزالة 45 في المئة من نحو ألف حاجز وساتر ترابي واسمنتي.