دول الخليج تسجل أعلى متوسط لمعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013، أسعار النفط المرتفعة ساهمت نحو زيادة الإنفاق العام، التضخم يميل ليسير جنبا إلى جنب مع عدم الاستقرار الاجتماعي... هذه أبرز الحقائق التى تضمنها أحدث تقرير لوحدة البحوث لمؤسسة كريدي أجريكول للخدمات المصرفية الخاصة، والذى جاء تحت عنوان " افاق شرقية واعدة: وتحديث لمعلومات منطقة الشرق الاوسط "، ويقول ان هناك توقعات واعدة لنمو دول مجلس التعاون الخليجي، التي تحظى بدعم متزايد من فوائض الميزانية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط . ولقد كان 2013 عاما مشجعا لعدد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط خاصة بالنسبة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي القائمة على "المواد الهيدروكربونية"، التى أدت مبيعاتها لزيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، بما يكفي لضم هذه الاقتصادات إلى منطقة النمو الاقتصادى فوق المتوسط، لكن كانت هناك بعض الدول الأخرى التى تأثرت اقتصادياتها نتيجة ثورات الربيع العربى . ويرى "الدكتور بول ويترولد "، رئيس الخبراء الاقتصاديين، فى بنك كريدي اجريكول " انه فيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط، كانت زيادة معدلات النمو نتيجة لاشتعال أسعار النفط فى الفترة من 2010-2011، والتى أدت بدورها لاحداث زخم فى نمو الإنفاق العام، وزيادة الدعم والانفاق الحكومي ". وينصح هذه الحكومات اذا أرادت الابتعاد عن المخاطرة وتحقيق الموازنة المالية بأن تجعل مستوى انفاقها العام، متوازنا مع أسعار النفط وما تحققه من فوائض مالية . ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن دول مثل البحرين، وإيرانوالجزائروالعراق لن تحقق المستوى المناسب من الفوائض المالية اذا استمرت أسعار النفط عند المستوى الحالي، في حين أن دول مثل الكويت والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت على الجانب الآمن بتحقيق مستوى مناسب من الفوائض المالية . ويشير التقرير إلى أن ديناميكية النمو التي تمر بها الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مازالت "حية "، كما يتضح من مؤشرات أسعار مديري المشتريات الخاصة بشهر يناير الماضي، ففي المملكة العربية السعودية ارتفع مؤشر مديري المشتريات لمستوى 59.7 (بدلا من 58.7 في ديسمبر)، والإمارات العربية المتحدة يعتبر مستوى مشترواتها ثابت على الرغم من ضعفه قليلا، حيث حقق (57.1 فى يناير مقابل 57.4 في ديسمبر ). لكن فى أسواق الإمارات العربية المتحدة، تشير بيانات مؤشر أسعار مديري المشتريات إلى ارتفاع التكاليف، حيث اكتسب معدل تضخم أسعار المشتريات المزيد من الزخم نظراً لارتفاع أسعار المواد الخام، لكن معدل تضخم مستوى الأجور انخفض في المقابل، وفي السعودية أكدت الشركات أن الظروف التنافسية أثرت في قدرتها على التحكم بالأسعار، حيث ارتفعت أسعار تشغيل الانتاج بشكل ملحوظ في يناير ورفعت تكاليف الشراء معدلات التضخم أكثر مما رفعتها الرواتب. ويشير التقرير إلى أن "هناك ارتباط بين النمو والتضخم " ولكن لا يمكن تأكيد بعد ما إذا كانت البلدان التي لديها أعلى معدل للنمو هي الأكثر عرضة للتضخم، وعلى الرغم من الصعوبات والغموض الذي يلف عملية جمع البيانات فى دول منطقة الشرق الاوسط، إلا أن معدل التضخم يجعل "إيران" تحتل قمة مؤشر التضخم فى المنطقة، تليها كل من مصر، اليمن، تركيا، سوريا، البحرين، ليبيا، لبنان، الأردن، المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، العراق، المغرب، الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، وأخيرا الجزائر، وهذا يشير إلى أن التضخم يميل ليسير جنبا إلى جنب مع عدم الاستقرار الاجتماعي. ومؤشر التضخم قد يعتبر اشارة وعلامة على مدى استقرار المجتمع واستقرار الاقتصاد، وهى دائرة مفرغة حيث وجد أن التضخم يرتبط بشكل أو بأخر باشتعال الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية وعدم الاستقرار، فارتفاع أسعار السلع والمنتجات على المستهلك العادى تؤدى لوقوع الاحتجاجات الشعبية . وتعتبر الأجواء السياسية في المنطقة من بين العوامل المؤثرة على نمو بعض دول المجلس مثل البحرينوالكويت، كما تعتبر الأحداث العالمية مؤثرة على المنطقة أيضا على غرار مشكلة الهاوية المالية في أمريكا والتباطؤ الاقتصادي في الصين وأزمة اليورو، إلى جانب المشاكل السياسية مثل أزمة الخلاف بين إيران وإسرائيل والأزمة في سوريا. و تشير التوقعات إلى أن بعض دول الخليج التي تتميز ببرامج إنفاقية وتحفيز مالية وإقراض مصرفي مزدهر وثقة عالية للمستهلك والأعمال سيتواصل نمو اقتصاداتها على غرار المملكة العربية السعودية، و قطر بالنظر إلى الاستثمارات الحكومية القوية، ولكن ستظل هناك تحديات رئيسية تواجه دول المنطقة خاصة التنويع الاقتصادي والبطالة وغيرها، بما يظهر مدي الحاجة إلي الإسراع في اصلاح السياسات خاصة في3 مجالات رئيسية، وهي توفير فرص عمل جديدة والتقدم في تحقيق الضبط المالي والشروع في إجراء الإصلاحات الهيكلية، وعلى الرغم من إنّ العديد من الدول فى المنطقة اتخذت بعض الخطوات لمعالجة هذه القضايا غير أنّ ذلك يحتاج لبضع سنوات كي تظهر ثمارها .