اختتم أمس فى بغداد المؤتمر الإقليمى حول العراق ، بإجماع المُشاركين فيه على نجاحه والخروج بتوصيات على تشكيل لجان ثلاث على مستوى الخبراء لمتابعة قراراته ، وتأكيد دعم الحكومة العراقية والاستقرار فى العراق ، وذلك بمشاركة ممثلى ست دول مجاورة للعراق بالإضافة إلى الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن ، ودول عربية ومنظمات دولية أخرى ، حيث جرى الاجتماع فى أجواء إيجابية فى ظل ما بدا من تفاعل بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران . وقد افتتح المؤتمر بكلمة ألقاها وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى ، ثم ألقى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى كلمة ، قال فيها إن العراق لن يسمح أن يكون ساحة لتصفية حسابات الآخرين ، وألقى المالكة باللائمة على " الإرهاب الدولى " للوضع المتأزم السائد فى العراق ، ووصف المالكى الإرهاب بأنه " وباء دولى " يدفع الشعب العراقى ثمنه ، وقال إن بلاده تمثل خط الدفاع الأول ضده ، وهذا يتطلب المزيد من التعاون الدولى من أجل التصدى للإرهاب وخاصة من دول الجوار من أجل المعركة التى يخوضها العراق ، ويطلب من كل الدول الإقليمية وقف تدخلاتها فى شئون العراق ، ووقف محاولاتها للتأثير على السياسة الداخلية من خلال دعمها مجموعات عرقية أو مذهبية . وأضاف وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى فى مؤتمر صحفى عقده فى بغداد فى نهاية المؤتمر – نقطة إيجابية وفعالة – وهى التفاعل الذى حدث بين الوفدين الأمريكى والبريطانى مع وفدى إيران وسوريا ، ووصفها بأنها كانت حواراً بناء ومفيداً ، وأكد زيبارى على أن النقاشات فى هذا اللقاء تركزت أساساً على تعاون وحرص الجميع على تحقيق الأمن والاستقرار فى العراق ، وتوصل الدول المجتمعة إلى تشكيل ثلاث لجان فنية على مستوى الخبراء ، وذلك بناء على مقترح عراقى ، على أن تختص اللجنة الأولى بمتابعة وتفعيل الاتفاقات الأمنية السابقة مع هذه الدول لمساعدة الحكومة فى مكافحة الإرهاب ومنع التسلل وضبط الحدود وكل ماله علاقة بأمن العراق ، وسيكون مهمة اللجنة الثانية فيما يتعلق بالمهجرين والمهاجرين العراقيين إلى دول الجوار ، وقد أثنى زيبارى بشأن هذه المسألة على ما قامت به الأردن وسوريا وعلى ما قُدم من خدمات جليلة إلى أبنائنا الذين اضطروا إلى الهجرة بسبب الظروف القاسية والظروف الأمنية ، وأن اللجنة الثالثة ستختص بتوريدات الوقود والطاقة إلى العراق وحل المشاكل الفنية والبيروقراطية التى تواجه العراق فى هذا المجال . ومن جانبه أكد رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى فى كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر رفض العراق أن يكون قاعدة لشن هجوم على أى دولة أو ساحة لنفوذ أى دولة أو أن يكون ساحة لتقاسم إقليمى ودولى ، وأوضح أن بلاده لا تقبل كذلك أن تتحول أراضيها ومدنها وشوارعها إلى ساحة لتصفية نزاعات إقليمية-إقليمية أو إقليمية-دولية ، كما أبدى استعداد العراق للعب دور فى تسوية الخلافات سلمياً فى تلك الخلافات الدولية والإقليمية – فى إشارة خاصة إلى العلاقات بين إيران وسوريا من جهة والولاياتالمتحدة من جهة أخرى ومن هنا يكتسب تفعيل مؤتمرات الدول المجاورة للعراق بشأن الإرهاب أولوية قصوى ، ومن جهة أخرى تطرق المالكى إلى المصالحة الوطنية عبر الطرق الدستورية ، وذلك من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل الشعب بجميع أطيافه ، والتى نالت ثقة مجلس النواب فى أولى أيام انعقاده ، وختم المالكى بقوله مازلنا ماضين فى برنامج المصالحة الذى خطونا فيه خطوات معلنة وغير معلنة . ومن جانبه ، قال السفير الأمريكى بالعراق – زلماى خليل زاد – أن وزيرة الخارجية كونداليزا رايس ، وافقت على المُشاركة فى الاجتماع المقبل الذى من المتوقع أن ينعقد الشهر المقبل بشأن العراق أيضاً ، وأكد السفير الأمريكى أن المناقشات التى دارت خلال مؤتمر بغداد مع الإيرانيين والسوريين ، تركزت فقط على قضايا الأمن بالعراق ، دون التطرق إلى أية قضايا أخرى ، وكان زاد قد دعا دول جوار العراق لبذل مزيد من الجهود لمساعدة الحكومة العراقية فى التصدى لما وصفه ب " الإرهاب " ، قائلاً عن الفشل فى السيطرة على الأوضاع الأمنية المتردية هناك ، التى ستنعكس أثاره على كل دول المنطقة ، وأن الولاياتالمتحدة تشارك فى هذا المؤتمر كشريك استراتيجى للعراق ، وكصديق أخذ على عاتقه مهمة مساعدة هذه الحكومة فى إقرار الديمقراطية بالدولة ، وأشار السفير الأمريكى إلى صعوبة الوضع بقوله : " إننا نجتمع معاً للبحث فى السبل الممكنة لتحسين الوضع بالنسبة للعراقيين وللحكومة العراقية ، وإننا نعمل بجد لوقف العنف الذى يعصف بحياة الأبرياء ، كما إننا نسعى لتحسين الظروف المعيشية لجميع المواطنين " ، وأضاف أن المؤتمر " صناعة عراقية " وأوضح الحقائق الأمنية والمصالح المشتركة ليس فقط للعراقيين ولكن لدول العالم الإقليمى من حولهم . وفى المقابل نفى عباس أرغشى وزير الخارجية الإيرانى ، الذى ترأس وفد بلاده بالمؤتمرأن تكون لبلاده أى علاقة بالعنف الدائر فى العراق وحمل المسئولية للجيش الأمريكى المتواجد فى العراق ، وأكد أرغشى للصحفيين على أن وضع جدول زمنى لانسحاب الجيش الأمريكى من العراق سيحل مشكلة العنف ، وقال أرغشى قبيل معادرته للعراق أن إيران تأمل فى اتخاذ المزيد من الخطوات لمؤازرة الحكومة المدعومة من قبل الولاياتالمتحدة .، بينما صرح مصدر فى المحادثات متعددة الأطراف أن المبعوثين الإيرانيين استغلوا المؤتمر للمطالبة بإطلاق سراح عدد من الإيرانيين أسرتهم القوات الأمريكية فى العراق فى الأشهر الأخيرة ، حيث يُذكر أن اعتقل جنود أمريكيون خمسة رجال تقول طهران أنهم دبلوماسيون فى غارة على مكتب للحكومة الإيرانية فى مدينة أربيل بشمال العراق فى 11 يناير الماضى . وعلى الجانب السورى أكدت سوريا فى بيانها أمام المؤتمر على وقوف سوريا إلى جانب العراق وشعبه بكل فئاته وإدانتها استهداف مواطنيه ومؤسساته ، واعتبار ذلك " عملاً إرهابياً " ، وشدد البيان السورى على دعم دمشق لحل سياسى يؤدى إلى عودة الأمن والاستقرار وإقامة عراق جديد عربى وإسلامى الهوية والانتماء يرتبط مع جيرانه بعلاقات طيبة . وكشف زيبارى أن الدول المشاركة لم تتفق على تحديد مكان الاجتماع القادم وموعده ، وأن المُشاركين اتفقوا على تخويل العراق فى متابعة هذا الموضوع ، وقال إن العراق طالب بأن يحافظ على حقه فى استضافة الاجتماع الوزارى فى المستقبل ، كما كانت هناك مقترحات وعروض من مصر وتركيا لاستضافة اجتماع لدول الجوار المقبل .