تحول ايهود ولمرت الذي يفتقر الى الكاريزما لكنه مناور من الطراز الأول معروف بأسلوبه المندفع والهجومي بعد عام على تشكيل حكومته الى أحد اقل السياسيين شعبية في اسرائيل. وبدا اولمرت في صور نشرتها الصحف مختلفا عن السياسي الحيوي والخطر الذي عهده الإسرائيليون فظهر متوتر الملامح شاردا في أفكاره واقل هجومية من العادة. وفي حين وصل رئيس الوزراء البالغ من العمر 61 عاما الى السلطة في مارس 2006 بناء على مشروع طموح يقضي برسم حدود اسرائيل فهو اليوم يكافح من اجل البقاء على الساحة السياسية. وتفيد استطلاعات الرأي الى تراجع شعبيته الى مستويات قياسية تصل الى 2%، بعدما واجه انتقادات شديدة لادارته للحرب على حزب الله في لبنان بين 12 يوليو و14 أغسطس 2006 وورد اسمه في سلسلة من الفضائح. وهو مستهدف مباشرة في تقرير حول اخفاقات حرب لبنان الثانية وتضمن استنتاجات صارمة جدا. وصور التقرير اولمرت على انه كان دمية بيد العكسريين انجر الى الحرب تحت تأثير هيئة الاركان وحدد أهدافا لا يمكن تحقيقها وكتب الصحفي غاد شمرون في افتتاحية في صحيفة يديعوت احرونوت "ماذا يسعنا ان نفعل؟ لا يمكن تشبيه اولمرت بتشيرشل" فيما رأت صحيفة هآرتس "اولمرت فشل، عليه ان يرحل" واعتبرت معاريف ان "ايهود اولمرت يخوض معركة حياته". غير ان اولمرت يقول للمقربين منه انه لا يعتزم اطلاقا التنحي مع ان العديد من المعلقين يعتبرون ان ذلك سيشكل خطوة حكيمة معتبرين ان وضعه يراوح بين "الحرج" و"الاحتضار" مستعيرين تعابير طبية لوصف وضع رئيس الوزراء كذلك تهدد قضايا فساد مستقبل اولمرت السياسي. فقد اوصى مراقب الدولة الاربعاء بفتح تحقيق جنائي في حقه في قضية استغلال النفوذ وسيقرر مدعي عام الدولة ما اذا كان سيتبنى هذه التوصيات في حق اولمرت التي تشمل ملفين آخرين هما بيع شقة في القدسالمحتلة وتعيين مقربين في مؤسسات عامة كذلك أمر المدعي العام بفتح تحقيق بشأن تدخل اولمرت في خصخصة مصرف. وطغت كل هذه الفضائح على السبب الرئيسي الذي أوصل اولمرت الى السلطة خلفا لارييل شارون بعد دخول الاخير الغيبوبة في يناير 2006 وهو خطة إزالة عشرات المستوطنات في الضفة الغربية في اعقاب الانسحاب عام 2005 من غزة. وهذه الخطة التي كان من مهندسيها وباتت الان في طي النسيان جعلته عرضة لعداء اليمين والمستوطنين الذين يفرحون الان للمأزق الذي يواجهه. بدأ اولمرت النشاط السياسي في شبابه ناشطا في "بيتار" المنظمة الشبابية لحزب حيروت اليميني ثم قاد الفرع الطلابي للحزب خلال دراسته علم النفس والعلوم السياسية ثم الحقوق في جامعة القدس وفي 1973 انتخب نائبا وكان اصغر أعضاء البرلمان على لائحة تكتل الليكود وكان من العناصر الاكثر تطرفا الذين دفعوا في اتجاه اقامة المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي 1978، صوت ايهود اولمرت ضد اتفاقات كامب ديفيد التي سمحت باعادة الاراضي التي احتلتها اسرائيل في 1967 الى مصر في مقابل السلام كما عارض اتفاق اوسلو الموقع عام 1993 والذي نص على الحكم الذاتي الفلسطيني وشغل منصب وزير بلا حقيبة من 1988 الى 1990 ثم اصبح وزيرا للصحة من 1990 الى 1992 قبل ان ينتخب في 1993 رئيسا لبلدية القدس وقد بقي في هذا المنصب عشر سنوات شجع خلالها حركة الاستيطان في الشطر الشرقي من المدينة. في 2003، اصبح نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للتجارة والصناعة في حكومة ارييل شارون وقد تمكن من اقناعه باجراء انتخابات وتأسيس حزب "كاديما" الجديد في نوفمبر 2005.