مخرج كويتي يستحضرشخصيات ومأساة درامية شكسبيرية لتنطق بلسان عربي وتحاكي واقعا عربيا مزقته التفرقة والانتقام وهدر دم الأشقاء بعضهم بعضا. جاء ذلك في مسرحية (ريتشارد الثالث.. مأساة عربية) التي أعدها وأخرجها المخرج الكويتي سليمان البسام عن نص (ريتشارد الثالث) للكاتب الانجليزي وليام شكسبير والتي عرضت على مسرح الميدان في دار الآثار الاسلامية ضمن احتفالية مجلة (العربي) بمرور 50 عاما على صدورها. وقال المخرج البسام في كلمة في الكتيب الخاص بالمسرحية ان "مسرحية ريتشارد الثالث قناع ليس للتستر بل لكشف خطوط هويتنا والتي قد لا تكشفها المرآة.. استعنت بالقناع للكشف عن عالمنا".وأضاف ان القناع "لديه ذاتيته الخاصة وهذه الذات متجذرة بالسر والطقوسية.. وعلى الرغم من ان النص كتب قبل ما يزيد عن أربعة قرون فان أحداثه لا تزال موجودة في يومنا الحاضر اذ تتميز نصوص شكسبير بسبرها أعماق النفس الانسانية واظهار مكنوناتها وما تخفيه من شر وخير وحب وكراهية وحقد عبر الشخصيات التي يرسمها الكاتب والحبكة الدرامية. واستطاع البسام ان يسقط هذه الانفعالات والأفعال على واقع معاصر وبرؤية مختلفة لتتناسب مع الواقع العربي حيث ألبس هذه الشخصيات الشكسبيرية لباسا وأنطقها بلسان لغة الضاد. ورغم استخدام اللغة العربية المبسطة جدا فانه ادخل اللهجات العربية المحلية ولاسيما البدوية ما يؤكد ان الرسالة موجهة الى كل أقطار العالم العربي وليس التركيز على قطر بعينه. وتمكن سليمان من تسخير امكاناته التقنية والفنية لتقديم هذا العمل برؤية صريحة وواضحة يسهل على المتفرج استيعاب رموزها وقراءة أبعادها.واستخدم المخرج سينوغرافيا متطورة ووظفها بشكل يتناسب مع الحدث والحبكة والرسالة التي اراد توصيلها الى المتفرج اذ وظف قطعة قماش سوداء لتكون شاشة لعرض مشاهد توضيحية ثم يستخدمها تعبيرا عن الخيمة العربية (بيت الشعر) وكذلك يستخدمها كستار تحاك المؤامرات خلفه. وساهمت الاضاءة بشكل ايجابي جدا في التركيز على المشاهد واعطاء كل مشهد التأثير المناسب ليعكس مدلولاته لاسيما مشاهد المؤامرات التي تحاك ليلا اضافة الى توزيع هذه الاضاءة على المستويات التي اهتم المخرج باللعب عليها جميعا.واستغل المخرج فضاء المسرح كله بل انه استثمر العمق في اظهار ما كان خافيا اضافة الى انه استغل المواقع المرتفعة لتجسيد بعض المشاهد. ومن المنتظر ان تقدم المسرحية عروضها في دمشق ضمن احتفالها باختيارها عاصمة للثقافة العربية 2008 وكذلك ستعرض في باريس وامستردام وبكين وواشنطن.