دلت عدة استطلاعات رأي أجريت اخيرا في اسرائيل على تراجع ملحوظ في تأييد مفاوضات سلام مع الجانب الفلسطيني، وارتفاع بارز في تأييد طروحات اليمين المتطرف. وحتى في قضية كانت تعتبر «بقرة مقدسة لا يجوز ذبحها» في المجتمع الاسرائيلي هي قضية الأمن، لوحظ تراجع عن قيم الماضي. وفي آخر استطلاع نشر، أمس، جاء ان حوالي ثلث المستطلعة آراؤهم يبررون تمرد جنود في الجيش على أوامر اخلاء المستوطنين في الخليل. يذكر ان جميع استطلاعات الرأي التي نشرت في السنوات العشر الأخيرة دلت على ان غالبية الجمهور الاسرائيلي يؤيد استمرار التفاوض مع الفلسطينيين، حتى في زمن مقاطعة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وأيدت غالبية أكبر التفاوض مع الرئيس الحالي محمود عباس (أبو مازن). لكن الاستطلاع الذي تجريه جامعة تل أبيب شهريا بعنوان «مقياس السلام»، وينشر في صحيفة «هآرتس»، أشار هذا الشهر الى ان 63% من اليهود في اسرائيل لا يؤمنون بسياسة الحكومة الحالية بالتفاوض مع السلطة الفلسطينية وتقديم الدعم لها لتقويتها. وأعربوا عن فقدانهم الثقة بأن هذه الخطوات وما يتبعها من مفاوضات ستؤدي الى تغيير في الوضع باتجاه عملية السلام. وفي حين كانت الاستطلاعات السابقة تشير الى ان 58% من الاسرائيليين يؤيدون الانسحاب من غالبية أنحاء الضفة الغربية مقابل اتفاق سلام، هبطت هذه النسبة في الاستطلاع الحالي الى 42%، مقابل 53% قالوا انهم يعارضون ذلك. واعتبر 59% من المستطلعة آراؤهم ان اسرائيل ارتكبت خطأ عندما أطلقت سراح 250 أسيرا فلسطينيا في يوليو (تموز) الماضي في اطار دعم السلطة الفلسطينية بعد أحداث غزة. وقال 71% انهم يعارضون اطلاق سراح النائب والقائد الفتحاوي مروان البرغوثي في المستقبل القريب للغرض نفسه. ومع ذلك فقد رأى 53% منهم ان تدخل دول عربية مثل السعودية والأردن ومصر في عملية السلام تزيد من احتمالات السلام في المنطقة، مقابل 37% يعارضون هذا الرأي. ودل هذا الاستطلاع على ان غالبية الاسرائيليين (55%) ما زالوا يرون ان قرار الحكومة بالخروج الى الحرب في لبنان، الصيف الماضي، كان قرارا صائبا، وان ادارة الحرب هي التي كانت سيئة. وقال 42% ان اسرائيل خرجت أقوى من هذه الحرب (مقابل 27% يقولون ان وضع اسرائيل لم يتغير و25% يقولون ان وضعها قد زاد سوءا). وفي الاستطلاع الذي نشرت نتائجه، أمس، حول تمرد عدد من الجنود الاسرائيليين على أوامر القيادة اخلاء المستوطنين من سوق الجملة في الخليل، قال 32% انهم يؤيدون هذا التمرد مقابل 51% قالوا انهم يعارضونه. وترتفع هذه النسبة بشكل كبير في صفوف مصوتي أحزاب اليمين، بما في ذلك أحزاب شريكة في الحكومة. فقد أيد التمرد 54% من مصوتي حزب الليكود المعارض و75% من مؤيدي حزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس». واشار هذا الاستطلاع الى ان شعبية رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ما زالت متدنية رغم التحرك السياسي الذي يقوده. فقد أعرب 74% من الجمهور عن عدم رضاهم عن ادائه كرئيس حكومة (في شهر يناير كانت النسبة 76%)، فيما قال 15% انهم راضون (13% في الاستطلاع السابق). ويعزو المراقبون هذه النتائج الى الأوضاع الداخلية في صفوف الفلسطينيين، خصوصا بعد سيطرة «حماس» على قطاع غزة، وكذلك الى فشل أولمرت في ادارة الحرب على لبنان وممارساته الأخرى.