نقلا عن : الاهرام 27/10/07 تجارة تتسبب في الموت المباشر, إنها غش زيوت محركات السيارات التي أصبحت ظاهرة متزايدة في الأسواق, عبر إعادة إنتاج وتعبئة هذه الزيوت باستخدام زيوت سابقة الاستخدام أو مجهولة المصدر مع تعبئتها في عبوات جديدة خالية من أي بيانات وطرحها بالأسواق مما يؤدي إلي إزهاق أرواح لا تدري أنها تدفع ثمن مواد مغشوشة تستخدمها في سياراتها! فما حجم هذه الظاهرة؟ وكيف يمكن وقف هذا النزيف ؟ وأخيرا: ما موقف أجهزة الرقابة من هذه المشكلة؟ محمود قنديل( سائق) يقول: نتعامل مع عدد معين من الزيوت وبإمكاننا تمييز أنواع الزيوت الجيدة من الرديئة من خلال الأسعار والتعبئة والتغليف وعلي سبيل المثال فإن أغلب الأنواع المقلدة تعتمد عملية التعبئة فيها علي أنواع من الزيوت والإضافات منتهية الصلاحية والمخلوطة بالإضافة إلي تزييف العلامات التجارية المعروفة وأحيانا خلط الزيوت بأخري مستعملة. وأضاف أن هناك زيوتا معروفة بالأسواق تمتاز بأنواعها الجيدة ورخص أثمانها بالمقارنة بالخسائر الناجمة عن الزيوت المغشوشة. هشام خليل( ميكانيكي سيارات) يقول: إن زيوت السيارات تشهد ارتفاع أعمال الغش والتلاعب من قبل عدد من ضعاف النفوس الذين يبغون الربح السريع علي حساب المواطنين وتوجد زيوت محركات في الأسواق رديئة النوعيات وكذلك العلب ناقصة الكمية فبدلا من احتوائها علي4 لترات من زيت المحرك تحتوي علي2 أو3 لترات فقط ويرجع السبب في ذلك لعدم وجود رقابة. ويري محمود المصري( صاحب مكتب لتعليم القيادة) أن أزمة الزيوت المغشوشة ترجع لغياب ضمير عدد من أصحاب مصانع الزيوت ومنافذ البيع الخاصة. وبحسب قوله فإن الضمان الوحيد لجودة الزيت والحفاظ علي محرك السيارة هو تغيير زيت السيارة في الأماكن المعتمدة والمشهورة في هذا المجال لأنه بدون شك هذه الأماكن تتعامل مع الزيوت القديمة بأفضل أساليب التكرير والمعالجة الكيميائية, بينما يشكك في المنافذ الخاصة في كيفية تخلصها من الزيوت المستعملة لديها, ويرجح أنها أحد الأسباب القوية لغش الزيوت. خطوات الرقابة : يقول اللواء دكتور محمد إبراهيم أبوشادي مدير الإدارة العامة لشرطة التموين بوزارة الداخلية إن الغش عموما مسلك من المسالك الضارة التي عرفها الإنسان وحاربتها الأديان منذ أزمان بعيدة, وتعتبر فترة التحول التي تمر بها المجتمعات فترات خصبة لازدياد معدلات الجرائم وبخاصة الجرائم الاقتصادية ومنها جرائم الغش, بالاضافة للحراك الاجتماعي الذي يشهده المجتمع, وضعف الإطار الأخلاقي, وضعف الأجور الأمر الذي يترتب عليه رغبة المواطن في شراء المنتج الأرخص ثمنا ويضاف لذلك أن النظام الاقتصادي الحر وما يتبعه من عدم تحمل قوي المنافسة داخل السوق ممايزيد من معدلات جرائم الغش, فضلا عن إتقان جريمة الغش باستخدام التكنولوجيا الحديثة. ومن جانبه أكد أن ظاهرة غش الزيوت موجودة في بعض الأماكن التي لها علاقة بتصنيع وإنتاج الزيوت, موضحا أن هناك أماكن معينة لمزاولة نشاط غش الزيوت وهي أماكن معلومة للإدارة من قبل المعلومات الواردة للإدارة وبمراجعاتها بمركز معلومات الإدارة وكذلك من خلال التحريات السرية والمراقبات الميدانية لرصد الأشخاص والأساليب المتبعة منهم لأنشطة الغش. وأوضح أن محافظة الغربية, ومنطقة الزاوية, ومنطقة الشركات بالشرابية من أبرز أماكن انتشار هذه المصانع المتخصصة في غش زيوت السيارات نظرا لانتشار شركات استخلاص الزيوت هناك مما يشجع هؤلاء علي إنتاج وتعبئة زيوت السيارات المغشوشة باستخدام زيوت سابقة الاستخدام أو مجهولة المصدر ويقومون بإعادة تكريرها وتعبئتها داخل عبوات جديدة خالية من البيانات, ثم يطرحونها في الأسواق مما يعرض المستهلكين وممتلكاتهم للخطر. وعن دور مباحث التموين لمواجهة غش زيوت السيارات أكد أن الإدارة تراقب كل ما يعرض بالمجتمع من سلع وخدمات, وفي مجال الزيوت المغشوشة تهتم بالشكاوي الواردة إليها, بالإضافة لعمل دراسات دورية عن حركة السوق التي من خلالها يمكن تحديد ارتفاع نسبة الغش بمقارنة حركة مبيعات الشركات المعتمدة لزيوت السيارات, كما يتم عمل حملات دورية شبه يومية علي جميع محطات خدمة وتموين السيارات خاصة علي الطرق الصحراوية والزراعية لمعايرة الطلمبات وسحب عينات بنزين, زيوت, وشحوم وترسل لتحليلها بهيئة البترول أو مصلحة الكيمياء. ومن خلال خطة عامة علي مدي سنة تمكنت الإدارة العامة وإدارات وأقسام شرطة التموين بمديريات الأمن من ضبط زيوت السيارات المغشوشة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات القياسية, ومصانع إنتاجها غير المرخصة ومجهولة المصدر خلال العام الحالي, حتي وصلت إلي51 قضية وتم ضبط2025 عبوة بمقدار ثلاثين ألفا و960 طنا من زيوت سيارات مغشوشة ومجهولة المصدر. ويوجه رئيس الإدارة العامة لشرطة التموين المستهلكين لضرورة التعامل مع الأماكن المعتمدة لبيع زيوت السيارات, وتجنب الباعة الجائلين, والتأكد من بيانات المنتج والجهة المنتجة له, أما في حالة الاشتباه في وجود أي مخالفات فعليهم الاتصال بغرفة عمليات مباحث التموين برقم27957029 أو27947704. الغش أشكال : علي الجانب الآخر, يقول أحمد عفيفي مدير التسويق بإحدي الشركات العاملة في هذا المجال إن مشكلة زيوت السيارات المغشوشة تتمثل بداية في تحديد منافذ عبورها للسوق المصرية وأولها تصريح وزارة الاستثمار لبعض مصانع إنتاج الزيوت والشحوم بشرط حصولها علي موافقة الجهات المختصة, فمن المفترض حصولها علي موافقة هيئة البترول, ونادرا ما يحدث ذلك بل يتم استغلال الترخيص بشكل خاطيء لمزاولة نشاطها.ويصف إحصائيا عدد الشركات المعتمدة والعاملة بهذا القطاع بالسوق بأنها11 شركة تحظي بثقة العميل في إنتاجها المحلي. المزيد من التحقيقات