عاجل - سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 18-8-2025 في البنوك    «الإحصاء»: 6 حالات إشهار الإفلاس خلال عام 2024 مقابل حالة واحدة 2023    قافلة المساعدات الإنسانية ال17 من مصر إلى غزة تدخل القطاع عبر معبر رفح    ضبط مدير مكتبة بحوزته 18 ألف كتاب خارجي بالمخالفة للقانون    "صيف بلدنا" ببورسعيد يواصل لياليه باستعراضات متنوعة لفرقة المنيا للفنون الشعبية|صور    بالفيديو.. الغرف التجارية: متابعة دائمة من الأجهزة الرقابية لتطبيق التخفيضات خلال الأوكازيون    بروتوكول بين "البحوث الزراعية" والكلية الفنية العسكرية لإنتاج الأسمدة البوتاسية محليا    الوادي الجديد تعتمد النزول بسن القبول في المدرسة الدولية "IPS"    12 شهيدا ومصابون بنيران جيش الاحتلال في غزة    "ذا ناشيونال": مصر وقطر يعدان مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة    فيريرا يدرس إجراء تغييرات على تشكيل الزمالك أمام مودرن سبورت    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض في المقطم بسبب خلافات الجيرة    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    غرق شاب بأحد شواطئ مدينة القصير جنوب البحر الأحمر    رصف طريق "أبنوب - بني محمديات" أسيوط بتكلفة 16 مليون جنيه    الجمعة.. ويجز يحيي حفلًا بمهرجان العلمين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    إيرادات أفلام موسم الصيف.. "درويش" يتصدر شباك التذاكر و"روكي الغلابة" يواصل المنافسة    "ماتقلقش من البديل".. حملة لرفع وعي المرضى تجاه الأدوية في بورسعيد    من 5 فجرا إلى 12 ظهرا.. مقترح برلماني لتعديل مواعيد العمل الرسمية    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    إصابة عامل في حريق شقة سكنية بسوهاج    آس: كوناتي يقترب من ريال مدريد.. وليفربول يرفض بيعه بأقل من 50 مليون يورو    "لا نقبل بإرهاب يورتشيتش".. بيراميدز يقدم شكوى لاتحاد الكرة ضد أمين عمر    «وقف كارثة بيع قطاع الناشئين».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بتصريحات قوية    وزير الرياضة ورئيس الأولمبية يستعرضان خطط الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    ريهام عبدالغفور عن وفاة تيمور تيمور: «كنت فاكرة أن عمري ما هتوجع تاني»    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    نشأت الديهي يكشف مخططات «إخوان الخارج» لاستهداف مصر    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    استشاري مناعة: مبادرة الفحص قبل الزواج خطوة أساسية للحد من انتشار الأمراض    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    جامعة مصر للمعلوماتية تستضيف جلسة تعريفية حول مبادرة Asia to Japan للتوظيف    حلوى باردة ومغذية فى الصيف، طريقة عمل الأرز باللبن    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    مصر تدعم السلطة الفلسطينية لاستعادة الأمن بغزة    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    ارتفاع سعر اليورو اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    قوة إسرائيلية تفجر منزلا فى ميس الجبل جنوب لبنان    وفاة عميد كلية اللغة العربية الأسبق ب أزهر الشرقية    كم سجل عيار 21 الآن؟ أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    حكيم يشعل أجواء الساحل الشمالي الجمعة المقبلة بأجمل أغانيه    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    ماكرون: لا أستبعد أن تعترف أوكرانيا بفقدان أراضيها ضمن معاهدة سلام    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد :مصر والعرب بعد سقوط الاستبداد والإسلاميين
نشر في أخبار مصر يوم 20 - 09 - 2013

لقد سقط الإسلام السياسي سقطة مروعة ليس في مصر وحسب، بل في تونس واليمن وليبيا والجزائر.
وبالطبع فإن المشهد العام في العالم العربي واحد بعد الثورات لكن المتغيرات المحلية تبرز هذا البعد أو ذاك في كل حالة ضمن المشهد العام.
فعلى سبيل المثال احتاج الأمر إلى الجيش في مصر لإزالة «الإخوان» من السلطة لكنه لو لم يتدخل لسقطت سلطة «الإخوان» في فوضى شعبية عارمة خلال أشهر تؤدي إلى غرقهم في المشهد.
وفي اليمن شارك «الإخوان» التيارات السياسية الأخرى في التمرد على حكم علي عبد الله صالح لكنهم - مثل مصر - أرادوا التخلي عن هذه الشراكة بعد إقصاء صالح في حل سياسي جرى التفاوض عليه مع رعاة المبادرة الخليجية.
بيد أن الذي يوشك أن يحل محل نظام صالح ليس الإسلام السياسي الإخواني بل الفوضى العارمة الحافلة بالمذهبيات والانفصاليات والقبليات وفي تونس تتهادى حركة النهضة باتجاه السقوط غير المدوي.
وفي الجزائر ضاع الإسلام السياسي منذ سنوات بين الجيش وكوادر حزب جبهة التحرير والأصوليات المقاتلة.
وما كان الإسلاميون الحزبيون أقوياء أو راجحي الكفة في ليبيا وسوريا. لكن القوة النسبية التي أكسبتهم إياها الثورات، توشك أن تضيع بين المسلحين ونوافر المحليات والعلاقات الدولية فالأمر في كل الحالات يتراوح ظاهرا بين السقوط السريع أو السقوط البطيء، لكنه سقوط لا مرد له ولا مخرج منه.
والسبب الظاهر هو العجز عن إدارة الشأن العام بنجاح وسط المتغيرات في أزمنة الاضطراب والموران الاجتماعي المتفاقم.
وقد كنت أسخر من كتابات الأوروبيين المتشككين في عام 2011 بحجة أن الثورات تصنعها النخب ذات المبادرات التاريخية، بينما لا يملك الحراك الشبابي العربي نخبة قادرة أو رؤيوية.
وقد تبين أن هواجس المتشككين في صلابة ورؤيوية الثائرين كانت محقة، لكن هؤلاء الثوريين سرعان ما تواروا من المشهد لتحل محلهم أحزاب الإسلام السياسي التي ما تنبأ بسطوتها المراقبون الأوروبيون.
أما الأميركيون فقد سارعوا إلى تبني جماعات الحراك المدني ثم سارعوا لاهثين إلى تبني صاعدي الإسلام السياسي وهم يقفون الآن حائرين أمام عودة العسكر أو كوادر الدولة القديمة، أو الفئتين معا.
لقد ثار الشبان إذن على الاستبداد والفساد. ثم جاءت التطورات والانتخابات بخلائط وأمزجة طفا على سطحها الإسلام السياسي بكوادره وحزبياته وعلائقه المتشابكة في المدن والأرياف.
وفي الحالتين «الصافيتين» بمصر وتونس، وجد هؤلاء أنفسهم واقعين بين شريكين أو ساعيين للشراكة، السلفيين المقبلين على السلطة وعلى «الجهاد» في الوقت نفسه وكوادر الدولة القديمة التي خذلتها قوات الأمن والجيش إبان الحراك الشبابي.
وقد اختاروا أولا السلفيين باعتبارهم من الطينة ذاتها ثم تجاوزوهم لإجراء مصالحات سريعة مع الكوادر والفئات القديمة.
ولأن الفئات القديمة المتجذرة في الدولة والمجتمع أدركت سريعا ضرورتها لتسيير الأمور في البلاد فقد تخلت بسرعة عن الإسلاميين: في تونس باتجاه العمل مع القوى السياسية المعارضة للإسلاميين وفي مصر باتجاه الجيش للخلاص من السادة الجدد.
فما معنى ما يحصل الآن في حالتى مصر وتونس؟ هل هي عودة للجيش والأمن والفئات القديمة في مصر وللفئات والكوادر والأحزاب في تونس؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يعنيه الأمر في سياقه العام؟ إن الأمر في سياقه العام يعني فشلا ذريعا للإسلام السياسي وقبل ذلك فإنه يعني عجزا عن اصطناع بديل أو بدائل من جانب القوى الشبابية ما كانت تملك مشروعا غير المشروع العادي للدولة الديمقراطية في زمن العولمة.
وإذا شئنا التحديد أكثر فإن القوى الشبابية إنما كانت تسير باتجاه زمن مثل الزمن الذي بزغ في شرق أوروبا في التسعينات من القرن الماضي: تسقط السلطة الاستبدادية ويسقط حزبها الأوحد وتظهر تعددية حزبية يرعاها المثال الأوروبي للديمقراطية الليبرالية أو شبه الليبرالية.
وبالفعل فإنه وفي زمن الاضطراب في روسيا الاتحادية تقدم الأوروبيون في غرب أوروبا ووسطها لاحتضان الدول والدويلات الجديدة كما اندفع الأميركيون في زمن الهيمنة ذاك لدعم الأوروبيين في محاولتهم الاستيعابية من طريق الحيلولة دون التدخل الروسي.
وما لقي الشباب التغييريون في العالم العربي حاضنا من أي جهة لكنهم وفي الشهور القليلة التي بدا أنهم قد تسلموا الزمام فيها، انهمكوا في الانقسام على أنفسهم كما انهمكوا في مصارعة بقايا الأنظمة المتساقطة وبعبارة أخرى فإنهم انهمكوا في الصراع على السلطة قبل أن يتسلموها.
ولأنهم ما كانوا ذوي طبائع انقلابية أو ثورية جذرية فإنهم وكما سبق القول دخلوا أو أدخلوا في الآليات الديمقراطية العادية وبذلك فقد صاروا ضحايا لها لحساب الإسلاميين لقد انتهت فاعليتهم بالعجز عن بناء نظام جديد.
والطريف أنهم عندما أوهموا بعودة زاخرة في مظاهرات 30 يونيو عادوا في حضانة الجيش والذين مات مئات منهم عام 2012 لتسريع خروجه من السلطة بعد سقوط الرؤساء! فالعجز في حالتهم بنيوي ويتعلق بالثقافة السياسية كما يتعلق بالبنية الاجتماعية الهشة التي استندوا إليها في تحركاتهم.
أما الإسلاميون الذين أفلسوا في السلطة بسرعة قياسية فإن أمرهم مختلف أو إن أسباب فشلهم مختلفة.
فقد كانت لديهم تنظيمات قديمة أو جديدة واسعة وصلبة ولديهم قاعدة اجتماعية معتبرة ولهذين السببين وصلوا ظاهرا للسلطة ومن خلال الآليات الديمقراطية.
أما الواقع فإن وصولهم للسلطة كان نتيجة تسوية من نوع ما مع الجيش ومع القوى القديمة ومع الولايات المتحدة وفي حين أن كوادرهم وجمهورهم عقائديان فإن قيادة التنظيم هي التي أنجزت كل تلك التسويات.
ولهذا فقد وقعوا منذ البداية بين الشركين: شرك البراغماتية المسرفة في العملية والأداتية، وشرك الإصغاء لمشروعهم الأصلي في اصطناع شرعية جديدة من طريق التمكين والانفراد بالسلطة.
ولذا كان بوسع أنصارهم بالداخل والخارج أن يذكروا عشرات الأمثلة للتنازلات التي قاموا بها كما كان بوسع خصومهم أن يذكروا عشرات الأمثلة على إرادة الاستيلاء على الدولة والمجتمع من جانبهم.
وعلى سبيل المثال فإن الدستور الذي اشترعوه جاء خليطا من التسويات بينهم وبين السلفيين والفقهاء الدستوريين المتأسلمين وغير المتأسلمين وعلى سبيل المثال فإنهم أعطوا الجيش من الامتيازات وفي النص الدستوري ما لم يكن له أيام مبارك.
وعلى سبيل المثال أيضا فإنهم بدأوا حكمهم بمصارعة الأزهر على المرجعية في الدين وانتهوا إلى إعطاء الأزهر المرجعية الدستورية في الدين والدولة والمجتمع! وفي الوقت نفسه فإنهم انصرفوا لمصارعة جهاز الدولة البيروقراطي بإحلال أنصارهم وأقاربهم فيه وقبل سقوطهم بأسابيع عينوا أربعة وعشرين محافظا أكثرهم من محازبيهم.
وعملوا منذ البداية على الاستيلاء على الإعلام وعلى القضاء وعلى النيابات العامة وعلى أجهزة الأمن وما كانت الدوافع العقائدية هي الغالبة في ذلك كله، بل إنهم تصرفوا أحيانا بوحي من مشكلاتهم مع تلك الجهات تاريخيا أو في زمن مبارك بالذات.
ولذا وبخلاف الحالة مع الشبان التغييريين الذين فشلوا أو عجزوا لعدم اكتمال تكوينهم الاجتماعي والسياسي فإن سقوط الإسلاميين كان بسبب فشل مشروعهم في الاختبار الأول له في السلطة وهو المشروع الذي عملوا له منذ عودتهم من المنافي وخروجهم من السجون في سبعينات القرن الماضي!
ما الوضع الآن، وما البدائل؟ كنت أرى أن سقوط الاستبداد وحكومات الفساد، يستتبع حكما سقوط النقيض الإسلامي الجهادي والتنظيمي. وقد سقط النظام السائد منذ الستينات بالفعل في الثورات، وسقط الآن نقيضه الإحيائي والأصولي.
وتعود بيروقراطية الدولة إلى الانتظام بالتدريج لحفظ مصالح الناس الأساسية وهناك حاجة قوية جدا لنظام سياسي جديد، لا تعوض عنه عودة الفئات القديمة ولا عودة العسكر ولا جهاديات الإسلاميين ومظاهراتهم إنما بعد هذه السنوات الثلاث لا تبدو البدائل حاضرة وهذه هي المشكلة التي يرجو الجميع أن لا تظل مستعصية فتنتشر الفوضى.
نقلا عن الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.