تحاول فرنسا التخلص من سمعتها باعتبارها ''شرطي افريقيا'' لكن على الرغم من الجهود لاشراك الشركاء الاوروبيين في مهام حفظ السلام فليس هناك مؤشرات على انها تعتزم التخلي عن دورها. وحظيت فرنسا في الشهر الماضي بالدعم لارسال قوة من الاتحاد الاوروبي لنشرها في شرق تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى في وقت قريب حيث لها بالفعل قوات مرابطة وستحمي قوة الاتحاد الاوروبي المدنيين من صراع عمره اربع سنوات كان قد امتد الى هذه المناطق من اقليم دارفور في السودان. ويمثل هذا تقدما في سياسة باريس الجديدة باشراك الحلفاء الاوروبيين في منطقة كانت تنظر اليها يوما ما باعتبارها ''فناءها الخلفي'' غير ان فرنسا ستقدم الجانب الاكبر من القوات في مفرزة من الاتحاد الاوروبي يصل قوامها الى نحو ثلاثة اَلاف جندي كما ستمثل العمود الفقري للامداد والتموين لها. وقال اليكس فاينز رئيس برنامج افريقيا في تشاتام هاوس ''فرنسا لها رؤية للتدخل المتعدد الاطراف لكنها الدولة الاوروبية الوحيدة التي لها وجود عسكري. انهم معزولون في افريقيا وليس هناك احد اخر ينهض بمهمة القيادة. '' وفرنسا لها خمس قواعد في افريقيا في ساحل العاج والسنغال والجابون وتشاد وجيبوتي بها أكثر من 11 الف جندي. والولايات المتحدة على النقيض من ذلك لها 1800 جندي في جيبوتي وبريطانيا لها فقط بعثات تدريبية في كينيا وسيرالون. وبين عامي 1962 و1995 تدخلت فرنسا 19 مرة في افريقيا لتعيين رؤساء ودعم حكومات في انحاء القارة غير ان تدخلا انسانيا تعرض لانتقادات كثيرة في الابادة الجماعية في رواندا في عام 1994 والقى عليه باللوم في تفاقم المذبحة مما دفع حكومة الرئيس السابق جاك شيراك الى اعادة النظر. وأدى خفض قوام اكبر جيش في اوروبا الى ظهور دعوات من القادة الفرنسيين الى تخفيض القوات في افريقيا غير ان الظروف السياسية اعاقت فك الارتباط من جانب فرنسا. وما زال هناك نحو 240 الف مغترب فرنسي يعيشون في افريقيا. وتقول دانييلا كروسلاك وهي مدير الابحاث في مجموعة ادارة الازمات ''الخطط الهادفة الى تقليص التزام القوات الفرنسية ليست جديدة. . لكن عددا من الاحداث خلال السنوات العشر الاخيرة ابطأت ذلك ولاسيما ازمة ساحل العاج. '' وانزلقت ساحل العاج التي كانت درة ممتلكات فرنسا في غرب افريقيا الى الركود الاقتصادي والتوترات العرقية خلال تسعينيات القرن الماضي مما ادى في نهاية الامر الى نشوب الحرب الاهلية 2002- 2003. ونشرت فرنسا خمسة الاف جندي للفصل بين الجانبين كما اجلت المئات من مواطنيها وسط احداث شغب في ابيدجان في نوفمبر تشرين الثاني من عام 2004. ومازال ثلاثة الاف جندي فرنسي في ساحل العاج يوفرون قوة امداد وتموين لبعثة الا· المتحدة لكن باريس اعلنت عن خفض لقوة ليكورن فور توقيع اتفاق السلام في مارس . وقال السفير الفرنسي اندري جانييه ''ليكورن تكلفنا 250 مليون يورو سنويا. كلما احللنا مساعدين فنيين محل جنود ليكورن بسرعة كلما كان ذلك افضل لساحل العاج. '' ومؤخرا قدمت فرنسا دعم امداد وتموين للرئيس التشادي ادريس ديبي ضد المتمردين القادمين من شرق البلاد كما قصفت مسلحين في شمال جمهورية افريقيا الوسطى في ظل اتفاقات دفاع ثنائية تعود الى حقبة الاستقلال. واتهمت المعارضة في تشاد فرنسا بدعم ديبي الذي استولى على السلطة في انقلاب في عام 1990 لكن دبلوماسيين فرنسيين يقولون ان البديل هو الفوضى. وينظر محللون ان المهمة المعقدة في شرق تشاد على انها اختبار لبعثات الاتحاد الاوروبي. وقال فاينز ''من الصعب ان تتدخل في تشاد دون ان تصبح متورطا في السياسات المحلية. وحتى لو كانت تشارك في المهام العسكرية تريد فرنسا ان تسيطر على بعثات الاتحاد الاوروبي هناك. '' ولا تتداخل قواعد فرنسا في مصالحها التجارية التي تقع في انجولا ونيجيريا المنتجتين للنفط وفي جنوب افريقيا.