التأثيرات السلبية لقرار الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف إعلان حالة الطوارئ في البلاد لم تتوقف عند الحدود الباكستانية فقط, بل تجاوزتها إلي دول أخري علي رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية, حيث كشف قرار مشرف وتباطؤ الإدانة من جانب تلك الدول أن ما تدعيه من محاولات نشر الديمقراطية مجرد شعارات فارغة تعفي منها كل ديكتاتورايتعاون معها ويحقق مصالحها حتي وإن كان علي حساب شعبه, وفجرت قرارات مشرف الأخيرة الانتقادات في وجه صناع السياسة في الغرب, كما فعلت في باكستان تماما وعجلت بمواجهة محتملة بينه وبين رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو. فقد تصدرت أحداث باكستان عناوين الصحف الأمريكية والبريطانية واحتلت صفحات الرأي بها, حيث اعتبرت تلك الصحف أن الغرب أحد أسباب ما جري لدعمه الدائم لمشرف والتغاضي عن تجاوزاته, ورأت أن إعلان الطوارئ خطوة وضعت الإدارة الأمريكية في حيرة وأيقظت الكابوس الذي تخشاه واشنطن والمتمثل في تعريض الاستقرار المدني للخطر في بلد يمتلك الأسلحة النووية إضافة إلي أنهإعلان رسمي عن فشل مشرف في محاربة تنظيم القاعدة وقيادة شعبه إلي طريق مسدود بعد تمزيق الخيوط الأخيرة للديمقراطية الباكستانية. فقد تساءلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في افتتاحيتها عن المضمون الذي يقف خلف قرار الرئيس الباكستاني برويز مشرف بشأن فرض حالة الطوارئ قائلة: ألم يعتقد مشرف أن إدارة بوش ستعارض حقا خطوته أم أنه لم يكترث وتابعت الصحيفة:' فإذا كان الأمر يتعلق بالجزء الأول فتقييمه سيكون موضع تفهم لا سيما أن الإدارة منذ البداية أعفت دكتاتور باكستان- من بين آخرين- من التزام بوش المفترض بتعزيز الديمقراطية الذي يقوم علي فكرة أن الحرية ستوفر خير بديل للتطرف الإسلامي غير أن مشرف بعد أن تولي السلطة إثر انقلاب1999 نكث كل وعوده ومنها جلب الديمقراطية' الحقيقية' للبلاد والتخلي عن منصبه العسكري ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية كانت متسامحةمعه في كل مرة ينكث فيها العهود التي قطعها علي نفسه بل داعمة له وذاكرة لاستعداده لمكافحة' المتطرفين' حتي إن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أمس أكد أن الولاياتالمتحدة' منزعجة جدا' ولكن دون ذكر لتعليق التعاون العسكري أو حتي إعطاء أي معني لتلك الكلمات, واعتبرت الصحيفة أن فرض حالة الطوارئ اعتراف بفشل مشرف في محاربة القاعدة, كما أنه بذلك يقود شعبه إلي طريق مسدود. كابوس أمريكا من جانبها اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أن إعلان مشرف حالة الطوارئ في باكستان وضع الإدارة الأمريكية في حالة حيرة وتناقض واضحين حيث لفتت الصحيفة النظر إلي أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس وجهت انتقادا لخطوة مشرف ولكنها لم تدنها بل تحدثت عن فضله في العديد من الأعمال نحو تهيئة باكستان لما سمته' الطريق إلي حكم الديمقراطية' ونقلت الصحيفة عن الخبراء أن قرار مشرف لم يكن خبرا سارا لإدارة بوش ومن شأنه أن يشوه صورة الرئيس الباكستاني وشرعية أي انتخابات تنظمها حكومته تحت عنوان' المسئولون يرون أن الخيارات محدودة أمام الولاياتالمتحدة', قدم الكاتبان شيرلي ستولبيرج وهيلين كوبر تحليلا للأحداث يقول:' إن أمريكا حاولت علي مدي أكثر منخمسة أشهر تنظيم عملية انتقال سياسية في باكستان تحافظ بواسطتها علي بقاء الرئيس الباكستاني برويز مشرف حاكما للبلاد دون أن تتعرض سياستها في تعزيز الديمقراطية في العالم الإسلامي للانتقاد غير أن تلك الخطط الموضوعة بشكل دقيق باءت بالفشل يوم السبت- يوم إعلان حالة الطوارئ- ووجد البيت الأبيض نفسه في حيرة دفعته لاتخاذ موقف من ينتظر وليس لديه سوي خيارات محدودة للقيام بالخطوة التالية ومضت ا لصحيفة تقول إن خطوة مشرف للسيطرة علي سلطات الطوارئ وتخليه عن الدستور جعلت المسئولين في الإدارة الأمريكية يقتربون من كابوسهم: دكتاتور عسكري يحظي بدعم أمريكي يعرض الاستقرار المدني في بلد يمتلك الأسلحة النووية للخطر. أما مجلة' تايم' الأمريكية فقد كتبت تقريرا تحت عنوان' خطوة مشرف قد تؤتي نتائج غير مرجوة' تقول فيه إن إعلان مشرف حالة الطوارئ الرامية لتعزيز سلطاته أدخلت البلاد في أزمة دستورية أكثر عمقا من شأنها أن تحفز موجة من هجمات جديدة يشنها مسلحون استلهموا من القاعدة أعمالها, وأن تزعزع استقرار حليف رئيسي في حرب تقودها الولاياتالمتحدة علي ما يسمي الإرهاب وقالت المجلة إن حالة الطوارئ التي فرضها مشرف ستضع واشنطن في موقف غير مريح لا سيما أنها دأبت علي دعم مشرف باعتباره حليفا رئيسيا فيما يسمي الحرب علي الإرهاب في الوقت الذي تدعوه فيه بشكل متواصل إلي العودة إلي الديمقراطية بيد أن خطوة مشرف الأخيرة تحول دون القيام بحركة التوازن. الحكم عبر التخويف الصحف البريطانية تناولت هي الأخري أحداث باكستان باهتمام شديد وأفردت لها مساحات واسعة فتحت عنوان' مشرف اليائس يعلن حالة الطوارئ' قال مراسل صحيفة ذي أوبزورفر في إسلام آباد دكلان وولش: إن إعلان الرئيس الباكستاني برويز مشرف فرض حالة الطوارئ أدخل هذه القوة النووية في أزمة, وأضاف أن مشرف برر هذه الخطوة بأنها رد علي التطرف الإسلامي وعلي' الجمود الحكومي الناتج عن تدخل الجهاز القضائي' محذرا من أن سيادة بلاده أصبحت في خطر وتحت عنوان' الخيوط الأخيرة للديمقراطية الباكستانية تتمزق' قال وولش في نفس الصحيفة إن مشرف الذي نشر قواته في الشوارع ووضع دستور بلاده في جيبه طلع بوجهه القاتم علي التليفزيون الرسمي للإعلان عن خطوته الجديدة والتعهد سريعا بالعودة بالبلاد إلي الديمقراطية وأرجع وولش قرار مشرف إلي ما مر به من أزمات متتالية منذ التاسع من مارس الماضي عندما واجه احتجاجات شعبية واسعة بعد عزله كبير القضاة الباكستانيين افتخار تشودري. المواجهة الدامية صحيفة صنداي تايمز اهتمت برد فعل رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو علي التطورات الجديدة, فقالت إن مشرف بإعلانه هذا مزق الاتفاق الذي كان قد أبرمه مع بوتو لكنه أيضا حول رئيسة الوزراء السابقة إلي الأمل الرئيسي للديمقراطية في باكستان, وأضافت كريستينا لام التي كتبت المقال أن الخيار الوحيد أمام بوتو الآن هو أن تقف في وجه مشرف كما فعلت ضد الرئيس الباكستاني الراحل الجنرال ضياء الحق قبل عشرين عاما لكن لام حذرت من أن الوضع في باكستان اليوم مختلف عما كان عليه آنذاك فقد أصبحت باكستان علي حد قولها أخطر بكثير من ذي قبل.