اقتحام السجون و عمليات فرار المساجين الضخمة الأخيرة في ليبيا، العراق، وباكستان، في غضون عدة أيام متقاربة ، يدفع للتساؤل : ما اذا كانت هذه العمليات تشكل صدفة في الشؤون الخارجية؟ وهل هذه الهجمات و الاقتحامات للسجون صدفة سعيدة للمجرمين الذين تم تحريرهم، أم انها سلسلة مخططة مرتبطة بالأحداث الجارية ؟ تساؤلات طرحها بايلى كاهل Bailey Cahall على صفحات مجلة فورين بوليسى الامريكية ، و يقول بيلى انه يبدو حقيقة ان ماحدث من اقتحام و فرار بالسجون فى هذه البلاد يمكن ان يعتبر فى مجمله عنصر من عناصر الاستراتيجية الجديدة تنظيم القاعدة . . خاصة و ان منتسبين لتنظيم القاعدة اعلنوا بالفعل مسؤوليتهم عن اثنين من هذه الاعتداءات. ان طريقه تنفيذ هذه الاقتحامات ينبغي أن تجذب نظر الولاياتالمتحدة في إمكانية أن يكون قادة تنظيم القاعدة و الجماعات المتصلة بها قد بداوا فى تغيير استراتيجياتهم الهجومية المضادة ، فإذا ما أمعنا النظر في تفاصيل عمليات اقتحام السجون ، سنجد ان هناك سمات مشتركة فى عمليات تنفيذها فقد تمت بتكتيكات مماثلة : مفجرين انتحاريين ومسلحين يستهدفون جدران السجون، مدافع الهاون وقذائف صاروخية أو قذائف الارب جى . و لقد استخدام المسلحون عنصر المفاجأة ليتفوقوا على موظفي السجن، أو كما في قضية سجن أبو غريب، حيث كان هناك حراس مواليين سهلوا بالفعل عملية الهجوم ، و كان بعض المهاجمين يرتدون زي حراس السجن. يوم السبت 27 يوليو، هرب أكثر من 1200 سجين معظمهم محكومون ومحتجزون على ذمة قضايا جنائية وقضايا متعلقة بمساندة نظام القذافى من سجن الكويفية العسكرى والمدنى فى مدينة بنغازى الليبية التى تشهد اضطرابات أمنية، و قد تم ذلك بعد ان اطلق مسلحون النار من خارج السجن و اشتبكوا مع حراسه فيما بدأ السجناء فى اشعال حرائق داخل منشأة السجن . وبعد يومين وفي شمال غرب باكستان ، فجر مسلحون بوابات سجن في ديرا إسماعيل خان، واقتحموا السجن و افرجوا عن نحو 250 سجينا بينهم بينهم العشرات من المقاتلين الإسلاميين .. و قد ادى الهجوم العنيف لمقتل 12 شخصاً بينهم 5 من ضباط الشرطة. وقد اعلنت جماعة تحريك طالبان باكستان، والمعروفة أيضا بإسم طالبان باكستان، مسؤوليتها عن اقتحام السجن الواقع في مقاطعة خيبر بختون خوا. و خلال يومي الاحد والاثنين من نفس الاسبوع، هُوجم اثنين من السجون العراقية عن طريق انتحاريين في سيارات محملة بالمتفجرات ، سجن أبو غريب، ويقع إلى الغرب من بغداد، و سجن آل التاجي ويقع إلى الشمال منها ، و قد تم خلال الهجومين تحرير أكثر من 500 سجين، بينهم عدد من كبار أعضاء تنظيم القاعدة. وعلى الرغم من ان بعض التفاصيل لا تزال غير واضحة، الا انه لا جدال فيه أن هذه الهجمات كانت جيدة الخطيط والتنفيذ و كان هناك بعض مستوى التنسيق بين المهاجمين والسجناء لخلق مناخ لنجاح مخططات الاقتحام .. لذا من المتوقع ان يكون التخطيط قد استغرق عدة شهورا ، فمن الصعب أن نعتقد أن الجماعات المتشددة خططت لهذه الهجمات بمعزل عن الاحداث و الظروف القائمة فى البلدان المستهدفة . ولكن اذا ما كانت طالبان باكستان قد اعلنت مسئوليتها هناك ، و تنظيم القاعدة في العراق فعل بالمثل .. فما تزال هناك نقطة غامضة بشان من هو بالضبط المسؤول عن فرار ما يقرب من 1000 سجين في ليبيا، فيما تشير جميع المؤشرات الى ان التخطيط تم بمساعدة تنظيم القاعدة لم يتم بعد اكتشاف هوية منفذو الاقتحام . لكن كيف حدث هذا، ولماذا اقتصرت تلك الهجمات على هذه البلدان الثلاثة؟: الحقيقة ان هناك سمة واحدة تجمع بين هذه الدول الا وهي ضعف المؤسسات الوطنية الحاكمة و ضعف بنيتها الامنية و الاستخباراتية على الرغم من كون البلدان الثلاثة تمثل جزء من الجهود الامريكية الهائلة فى مكافحة الارهاب و تحصل على دعم امريكى كبير لتحقيق هذا الهدف . كذلك فان وقوع هذه الاقتحامات فى ليبيا و باكستان و العراق بتخطيط من تنظيم القاعدة ، وان العديد من الهاربين من السجون فى البلدان الثلاث لديهم روابط قوية بجماعات متشددة و تنظيم القاعدة ، يؤكد بشكل كبير علي أن اقتحام السجون و تحرير السجنان اصبح جزء من استراتيجية القاعدة الجديدة لزعزعة استقرار المؤسسات التي تديرها الدول . في الصيف الماضي، حذر علنا "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم القاعدة في العراق، من ان تحرير السجناء الاسلاميين ، سيصبح أولوية جديدة فى مبادرة تسمى "كسر الجدران".. و ربما تكون هذه الاستراتيجية قد انطلقت فى عام 2012 ، مع هجوم طالبان الباكستانية الناجح على سجن بانو المركزي في باكستان ، و تمكنهم من اطلاق نحو سراح 400 سجين .. ما يفعله القاعدة الان يدل على ان التنظيم الأساسي لا يزال نشيط جدا. فبدلا من تقلص كيان التنظيم كما كنا نتوقع ، يبدو ان التنظيم قد بدا يطور نفسه و يطور تكتيكاته و صلاته بالجماعات و التنظيمات التي انتشرت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. و على الولاياتالمتحدة ان تنظر بقلق للتطورات الاخيرة ، و يمكن القول ان الفشل في تأمين تلك السجون هو احدث مثال على فشل الدعم الامريكي لهذه الدول و مساعدتها في توفير الامن و الاستقرار و فشل فى سياسات واشنطن الخاصة بمكافحة نشاط تنظيم القاعدة .