تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد افردت مجلة "التايم" الامريكية الشهيرة عدد من صفحاتها للحديث عما حدث فى مصر و مقارنة المسار السياسى المصرى و التونسى فى مقال مطول للمخاوف التونسية من تكرار السيناريو المصرى على اراضيها .. و افتتحت" التايم " مقالها بالتاكيد على ان تونس .. تلك البلد التى اندلعت منها شرارة الربيع العربى فى الايام الاخيرة من ديسمبر عام 2010 تجد نفسها الان تقف موقف المراقب لما حدث فى مصر حيث يرى الحزب الحاكم في تونس نفسه الآن انه "الحكومة الاسلامية" الوحيدة الباقية في المنطقة بعد ان ازاح الجيش بناء علي طلب الشعب الاخوان المسلمين من سدة الحكم فى بعد عام فقط من ارتقاء منصب الرئاسة . هذه المخاوف لا تنفك تطارد الحزب الحكم التونسى و يخشى من ان يكون هناك احتمال ثورة جديدة أو ان يحاول العسكريين الاستيلاء على السلطة بل قد دفعت هذه المخاوف لاعتراف البعض من الاسلاميين فى تونس بانهم اصبحوا يعتقدون ان السياسة الديمقراطية غير مجدية.. و يقول محمد عمر عضو المكتب السياسي لحزب تونس الحاكم الإسلامي حزب النهضة وهو الشريك الرئيسي في ائتلاف من ثلاثة احزاب تدير البلاد الان " ان ما حدث في مصر هو تهديد حقيقي للديمقراطية لأننا شاهدنا الإطاحة بالرئيس الشرعي" و يضيف عمر قائلا " أعتقد أن أي بلد غير آمن الآن بعد ما حدث في مصر." و ترى " التايم " انه ونظرا للمعارك الشديدة التي احتدمت في شوارع القاهرة منذ 30 يونيو، فلا يجب أن ننسى دور تونس المحوري في ثورة مصر في يناير 2011 حينما نزل المصريون في ميدان التحرير للمطالبة بسقوط حسني مبارك مثلما ثار التونسيون قبلهم بايام معدودة ضد دكتاتورية زين العابدين بن علي ، الذى ظل يحكم البلاد طوال 24عاما و نجحوا فى خمسة اسابيع فقط فى اسقاط نظام حكمه فى تونس . عندما بدأت الثورة المصرية قام العديد من المتظاهرين بحمل العلم ذو اللون الأحمر والأبيض "علم تونس" فى ميدان التحرير تكريما لثورة شعبها الذى شجعت المصريون و اعطتهم الدفعة ليفعلوا مثلهم . و لعدة أشهر بعد ذلك، فإن البلدين و على الرغم التفاوت فى الظروف و الحجم السكانى و المساحة الا انهما اتبعتا بعضهما البعض بشكل وثيق و كانن مسارهما السياسى متشابه جدا: فقد فازت الأحزاب الإسلامية باول انتخابات ديمقراطية في حين اشتبك ايضا معسكرى التيار العلماني والتيار الديني على الإطار القانوني للدساتير جديدة فى البلدين. الخلاف الوحيد فى مسارى تونس و مصر هو: انه فى مصر قطع الرئيس مرسى الطريق على بقية الفصائل السياسية وسعت جماعة الإخوان المسلمين فى تشديد قبضتها على الحكم فى مصر، بينما فى تونس يدير الحكومة حزب النهضة التونسي بالشراكة مع اثنين من الأحزاب العلمانية الصغيرة احدهم له السيطرة على الرئاسة في ظل رئاسة منصف المرزوقي و الآخر له السيطرة على الجمعية المشكلة لصياغة الدستور الذى سيحدد النظام القانوني في البلاد. المسار الذى اتخذه الاخوان فى مصر عصف بالبلاد الى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي ويأمل التونسيون فى أن يؤدي بهم التحالف القائم الى تجنب ما حدث فى مصر و منع الاقتتال الداخلي و درء حدوث انفجار مماثل في المنزل التونسى . و تنقل المجلة الامريكية عن محمد عمر عضو المكتب السياسي لحزب النهضة الحاكم .. قوله "في تونس توقعنا ما حدث في مصر لقد اخترنا إعطاء فرصة للأحزاب العلمانية للمشاركة معنا، و نستبعد اى تدخل من الجيش أو أي شيء من هذا القبيل." وترى "التايم" ان السلام الذى يتحدث عنه " محمد عمر " ليس مضمونا تماما بعد ان شجب الحكام الاسلاميين في تونس الاطاحة بالرئيس الاسلامى محمد مرسي كما دعا زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي أعضاء جماعة الإخوان للبقاء في شوارع القاهرة حتى يتم تحرير مرسي. و تشير مجلة التايم ان غضب الغنوشي بالطبع لم يكن له اى تأثير يذكر على الوضع في مصر. وبدلا من ذلك اصبح بعض التونسيون يعتقدون الان أن اضطرابات مماثلة لما حدثت فى مصر قد تكون ممكنة فى تونس لا سيما مع ارتفاع عدم الرضا ازاء عدم قدرة الحكومة التونسية على ما يبدو لتحسين مسار الاقتصاد الراكد أو كبح جماح الجماعات الإسلامية المتشددة، التي اغتالت زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد في فبراير الماضي. المحلل السياسي يوسف اوسلاتى قال لوكالة رويترز يوم الجمعة الماضى " تونس لا يبدو انها في مأمن مما حدث في مصر الاخوة في تونس قد يواجهوا مصيرا مشابها خاصة في ظل التقارب غير المسبوق بين التيارات السياسية المتباينة في المعارضة و رغبتهم فى ازاحة الإسلاميين من السلطة" . في مايو اشتبكت الشرطة التونسية مع محتجين من أنصار تطبيق الشريعة المتشددة مما ادى لتصاعد العنف والأسبوع الماضي، جدد المرزوقي لمدة ثلاثة أشهر سلطات قانون الطوارئ التي كانت سارية المفعول منذ سقوط زين العابدين بن علي. وفي هذه الأثناء، شكل النشطاء العلمانيين في تونس مؤخرا حركة جديدة تطلق على نفسها اسم " تمرد " وهو نفس اسم حركة الاحتجاج الجماهيري التي سعت لاسقاط مرسي و تقول الجماعة التونسية انها جمعت حتى الان 2 مليون توقيع تطالب الحكومة بحل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة . وربما الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للغنوشي والحكومة الاسلامية التابعة له ان حركة تمرد التونسية دعت الى تنظيم احتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة في 25 يوليو ذكرى استقلال تونس عن فرنسا. و مثلما كان 30 -6 يوم بدء الثورة المضادة لمرسي يخشى الغنوشي ان يكون 25 - 7 يوما مماثلا خاصا اذا اضيفت جهود و ضغوط "تمرد" للضغوط التى يواجهها من منظمة " نداء تونس" السياسية العلمانية التي نمت بسرعة منذ العام الماضي، والتي تريد حل الحكومة. و تختتم مجلة" التايم " الامريكية مقالها بالتاكيد على ان " تونس ومصر" يعدان مثل كرة البنج بونج وفقا لمقولة نبيل القروي رئيس تلفزيون "نسمة" وهى شبكة تليفزيونية علمانية مقرها تونس حيث يقول " بدأنا الثورة وبعد ذلك انتقلت إلى مصر وبعد ذلك تتكرر الاحداث هنا وهناك، و ما حدث فى مصر يجعل حكومتنا والإسلاميين حريصين جدا. انهم خائفون .. و سينتقل ماحدث فى مصر الى تونس ".