"اليتيم..فقد أبويه..وفقد دفء البيت وحنان الأسرة..وفقد معهم الإحساس بالأمان والأمل فى غد أفضل ومستقبل مشرق، وهنا يظهر واجب المجتمع كله وضرورة احتوائه لليتيم وتوفير الرعاية له وتعويضه عن فقده والديه حتى لا يتحول الى قنبلة موقوتة تنفجر فى وجه المجتمع. "أول جمعة من شهر أبريل" موعد سنوى كل عام للاحتفال بيوم اليتيم وفرصة الاشخاص والاسر للاقتراب من اليتيم والاحتفاء به والعناية بكل من فقد أبويه كنوع من الترابط الاجتماعى كما أوصانا ديننا الحنيف،وأصبح الكثير من الأثرياء يوجهون زكاتهم وصدقاتهم إلى دور الأيتام، وأصبح هذا اليوم فرصة لتلاقى البشر وانصهار فئات المجتمع ككل حتى لا يشعر اليتيم بالوحدة والضعف أمام عقبات الحياة. ولكن هل يكفى الاحتفال بالايتام لمرة واحدة فى العام، أم أنهم يحتاجون الى ما هو أكثر من الاحتفال ، يحتاجون الى خطط لتمدهم بالامان وترسم مستقبل أفضل لهم ؟ وتنتشر دور رعاية الأيتام على مستوى الجمهورية تقدم لهم العون وتعتنى بهم وتنفق عليهم حتى تزوج اليتيمات وتعلمهم حرفا للانخراط بسوق العمل فى المستقبل. ومابين هذا وذاك توجد دور رعاية الأطفال على امتداد محافظات الجمهورية ، مابين ايجابى وماينطوى على مخالفات جسيمة تنتهك حقوق الطفل. وقد اعترفت الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن في تصريحات صحفية سابقة بوجود تجاوزات كبيرة داخل دور رعاية الأيتام، وعدم وجود معايير واضحة لضمان معاملة الأطفال في شكل جيّد، خصوصاً أنّ الرقابة كانت تركّز على مراقبة مصاريف التبرعات فقط، قائلة: "عاهدنا أنفسنا على المصارحة، فالتركة الّتي ورثناها ثقيلة، والواقع أكثر إيلاماً، حيث تنتشر تلك الممارسات فى جميع المحافظات، ونحن مسؤولون كحكومة وأمام الله عن حماية هؤلاء الأطفال، وسنقضي عليها قريباً". وأشارت إحصاءات وزارة التضامن الإجتماعي إلى أن هناك 454 دار رعاية أيتام على مستوى الجمهوريّة تجمع الأطفال حتى سن ال18 عاماً، إضافة إلى 83 حضانة فيها 12 ألف طفل تختص بالأطفال المبتسرين والمشردين وضحايا التفكك الأسري. خطة للنهوض بدور رعاية الأيتام وأكد محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان لموقع أخبار مصر أن العناية بالأطفال الأيتام تحتاج الى معالجة جديدة بشكل علمى ومنهجى، بعيدا عن الأفكار المتكررة ، فالأمر يجب أن يتعدى حدود الاحتفال والتفكير فى مشروع كبير على غرار مستشفى سرطان الأطفال ، تتبناه الدولة لرعاية الأيتام والأحداث والأطفال بلا مأوى ،لنصنع منهم جيلا جديدا قويا يفيد المجتمع والدولة، وأضاف البدوى أنه يجب توحيد الجهود بين وزارة التضامن الإجتماعى بوصفها المشرفة والمسئولة عن دور الرعاية الإجتماعية ودور رعاية الأيتام من جهة،وبين منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال دعم قضايا الطفولة والجمعيات المتخصصة فى مجال الأطفال الذين ليس لهم مأوى من جهة أخرى. وأوضح أنه يجب على الدولة تطوير دور الأيتام، والاهتمام بأطفال الملاجئ،من خلال تنفيذ خطة جديدة ومتكاملة للنهوض تبدأ بتقييم أداء مؤسسات الرعاية الاجتماعية،و الرقابة على المشرفين بشكل دائم،ومحاسبة المقصرين،ويجب اتباع منظومة متكاملة لتأمين احتياجات أطفال الملاجئ وتوفير الرعاية والتربية أخلاقياً ودينياً وعلمياً، والاهتمام بالتغذية والصحة النفسية والجسدية، بالاضافة الى برامج إعادة التأهيل، وبرامج التعليم الخاصة بالأطفال متحدى الاعاقة . وقال البدوى ان اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون حماية الطفل رقم 12 لسنة 1996 للعمل في دور رعاية الأطفال الأيتام تنص على توفير شروط الرعاية الصحيّة المتكاملة كالتهوية والإضاءة الطبيعيّة ومياه الشرب النقية ودورات المياه، وأيضاً وضع ضمانات لتأمين الأطفال من المخاطر،وأن تتوافر في المبنى الأماكن اللاّزمة لمزاولة الأطفال تمارين رياضيّة خفيفة أو أنشطة ترفيهيّة وثقافيّة أو إشراكهم في النوادي والمكتبات العامّة. دور وزارة التضامن وصرح المستشار محمد عمر القمارى مستشار وزارة التضامن الاجتماعى بأن الوزارة وضعت استراتيجية واضحة لملف دور الأيتام،تتوقف على رؤية هذه الاستراتيجية ومحاورها لتوفير الرعاية لدور الأيتام. وقال إن الوزارة حصرت عدد دور الأيتام على مستوى الجمهورية، وتقدر ب454 دورا، أغلبيتها في القاهرة، والإسكندرية، والجيزة، والقليوبية. وأضاف أنه يجب على المجتمع كله تبنى ثقافة كفالة الأيتام داخل الأسر وتعديل القوانين لتسهيل هذه المنظومة والعمل على زيادة معدلات تجربة الاسر البديلة في احتواء مشكلات الأيتام بمصر. وأضاف أن الوزارة تقوم بتقييم مستوى أداء دور الرعاية الإجتماعية على مستوى الجمهورية والعمل على تحسين الرعاية فيها جميعا،وأكد أن مخطط رفع كفائة دور الرعاية الإجتماعية ودور الأيتام ، الذى تم الشروع فيه حاليا بالتعاون بين وزارة التضامن ومؤسسات المجتمع المدنى المتخصصة فى مجال حقوق الطفل،ومنظمة اليونيسيف وهيئة إنقاذ الطفولة، سيؤدى الى القضاء على المتاجرة بأعداد الأطفال بلا مأوى و إساءة معاملة الأطفال الإيتام ، والتى يجب على المجتمع بكافة افرادة وتوجهاته التصدى لها بقوة وحزم . وأضاف أنه هناك معايير واضحة وضعتها الوزارة في ما يتعلّق بتوفير الرعاية الصحيّة الكاملة للأطفال وحمايتهم من العنف،حيث تم كشف المزيد من صور سوء الرعاية داخل دور الايتام مثل زيادة عدد الأطفال داخل الحجرة الواحدة عن الحدّ المسموح وعدم اهتمام بالنظافة الشخصيّة والتّحصينات من الأوبئة والأمراض. الأثر النفسي بداخل اليتيم وقال الدكتور على ليلة،أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس،للموقع إن الدراسات أكدت أن التربية داخل دور الأيتام تترك اثارا نفسية سيئة لدى الأطفال مهما كان مستوى الرعاية جيدا وان حياة طفل فى كنف أب وأم هو الضمان لتنشئة نفسية سوية للطفل. وأوضح ضرورة دعم احتواء الأطفال الأيتام داخل اسر طبيعية واستعراض أراء الشرع الحكيم ورأى الطب النفسى ورأى المتخصصين فى فوائد تربية الطفل اليتيم داخل أسرة من أب وأم وما يمثله ذلك من حل متكامل لمشكلات الأيتام فى مصر وكون تربية الطفل اليتيم فى كنف أسرة هو فى ذاته تجفيف احد أهم منابع كارثة أطفال بلا مأوى . وأضاف أن اليتيم يحتاج لمن يشعره بالتقدير والحب معا،وأن هؤلاء خائفون من المستقبل ووظيفة المجتمع ان يطمئنهم ويعطيهم احساسا بأنهم طبيعيون ويدعمهم نفسيا ليصبحوا جيلا واعدا خاليا من الأمراض. وقال ليلة إن الاحتفال بيوم اليتيم له طابع رمزى لدى مجتمعنا من خلال مساعدة الجمعيات الخيرية لهؤلاء وتلبية احتياجاتهم ولكن يجب أن نعتبرها دعوة للتذكير فقط حيث يجب ان يكون هذا اليوم متواصلا دائما،موضحا أن دور الرعاية الإجتماعية في مصر ليس بها برامج لتأهيل الأخصائيين وتدريبهم على معاملة الأطفال،إضافة إلى قلة عدد الإختصاصيين المتواجدين،وهذا يؤدي بالطّبع إلى مشاكل كبيرة"، وقال أنه توجد تجاوزات تحدث داخل الدور لا نعلمها. وأكد أن دور الأيتام فى حاجة إلى إشراف مباشر وعاجل من الدولة، ووزارة التضامن الاجتماعى باعتبارها المسئول الأول عن الرقابة والمتابعة والتقييم لدور الرعاية، وضمان حد أدنى من الأداء يكفل أمان وصحة ورعاية الأطفال الملحقين بمؤسسات الرعاية، مع إعطاء المزيد من الدعم المالى والتطوعى من أفراد المجتمع لتحقيق الأهداف الإنسانية التى تعمل عليها، لذا لابد من توافر الرؤية والاستراتيجية المتكاملة والواضحة لدى دور الرعاية الاجتماعية للنهوض بدورها، والتصدى لانتهاكات البراءة وجميع أنواع العنف والإساءة والاستغلال التجارى فى بعض الدور. مشروعات لتنمية الطفل وأعلن حسام القبانى رئيس مجلس إدارة جمعية الأورمان،ان الجمعية رصدت 100مليون جنيه لدعم إقامة مشروعات تنموية صغيرة لصالح الأيتام فى جميع محافظات مصر وبخاصة فى القرى الأكثر فقرا بصعيد مصر وفى المحافظات النائية بشكل خاص. وأضاف القبانى فى تصريحات صحفية، أنه سيتم تنظيم احتفال بيوم اليتيم . ويذكر أن اختيار اللجنة العليا المنظمة لاحتفالات يوم اليتيم لشعار الاحتفالات هذا العام "معا من أجل يوم يتيم عالمى ومن أجل مصر آمنة سياحيا" يأتى فى إطار الدعوة التى تتبناها جمعية الأورمان لجعل يوم اليتيم يوما عالميا، ومن أجل إرسال رسالة للعالم للتأكيد أن مصر بريادتها الإنسانية وبحضارتها التاريخية آمنة سياحيا، وما زالت قادرة على إبهار العالم بما تملكه من مقومات سياحية وتاريخية. وقال رئيس مجلس ادارة جمعية الاورمان الخيرية حسام القبانى إن عدد الأيتام فى مصر يتراوح بين 2،5% إلى 3% من عدد السكان قائلا اننا كجمعية نعملجاهدين من اجل ايصال الأيتام بأسر لا تنجب حتي يتم حل مشكلة الطرفين . وقال إن انطلاق احتفالات يوم اليتيم 2016 واستمرار الاحتفالات منذ انطلاقها فى عام 2004 والى الان وعلى مدار 13 عاما دون انقطاع والتوسع التدريجى السنوى فى الاحتفالات لتشمل الان جميع أنحاء مصر وتصل إلى العديد من الدول العربية والعالمية كل ذلك يعد انجازا كبيرا نفخر به ويستدعى منا تقديم الشكر لكل الجهات والهيئات التى ساندتنا حتى تصل احتفالات يوم اليتيم إلى ما وصلت اليه اليوم وعلى راس هذه الجهات والهيئات جامعة الدول العربية التى نلتقى اليوم مجدد فى رحابه لنعقد مؤتمرنا التحضيرى. وأشار المهندس حسام قبانى إلى أهمية التعاون بين الجميع لدعم قضايا الايتام موضحا أن جهود تقديم المساعدات العينية للايتام ليست كافية ولن تكون الحل لمشكلاتهم وان من بين أهم الحلول لمشكلات الايتام دعم مبادرة كفالة الايتام فى منازل الكفالين وقد نجحت جمعية الاورمان منذ عام 93 19وحتى الان فى وصول ما يقرب من 3 آلاف طفل من مجهولى النسب الى الكثير من الاسر لرعايتهم والاهتمام بهؤلاء الأطفال. الإسلام أمر برعاية اليتيم ومن جهته قال الدكتور صلاح سعد أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر للموقع إن مراعاة اليتيم ومساعدته وتلبية احتياجاته والرفق به ودعمه هو واجب دينى كما جاء الأمر واضحا فى كتابه العزيز"فأما اليتيم فلا تقهر" داعيا الى التبرع ب 1% من دخل كل مواطن لرعاية الأيتام واطفال الشوارع واحتوائهم. وأضاف أن الإسلام حافظ على حقوق اليتامى سواء التى حصلوا عليها عن طريق الميراث الشرعى أو التى حصلوا عليها من مصادر الزكاة والإنفاق ،كما حافظ على حياته أن يحيا حياة كريمة من خلال الدعوة الى كفالته،ولم يأمرنا الإسلام بإهمال تربية اليتيم ،كما أمر الإسلام القائم على أمر اليتيم أن يأخذ على يديه عند الخطأ وهذا من الواجب الذى ينبغى اتباعه لمن يكفل يتيما. وأكد الدكتور صلاح أن تعاليم الإسلام أثمرت العديد من جهات رعاية الأيتام ويتسابق المسلمون فى دعم هذا الفعل الخير .