نقلا عن : القبس الكويتية ملفان متساويان في الرؤية الاسرائيلية، البرنامج النووي العراقي الذي اندثر، والبرنامج النووي الايراني المتصاعد. فكلاهما خطر من وجهة النظر الاسرائيلية الى درجة لا تخلو من المبالغة، وربما المبالغة المفرطة، فحساسية اسرائيل تعدت من حيث العلن حساسية الخليج الكبيرة، المبنية على حسابات اكثر واقعية. فالخليج هو الاكثر اهمية من اي بقعة اخرى في العالم لفترة تمتد الى عشرات السنين، وسيبقى موضع تركيز اقليمي ودولي. قبل ستة وعشرين عاما نجح الطيران الاسرائيلي في تدمير المفاعل النووي العراقي وعرقلة البرامج النووية العراقية بشكل جدي وجذري، وهي عملية كانت ملائمة لكل الاطراف ومرحبا بها في السر، حتى ضمن المجموعة العربية. ويعزز الفيلم التلفزيوني الوثائقي الاسرائيلي الاخير، حقيقة النجاح الباهر في تدمير المفاعل خلال دقيقتين فوق بغداد، بعملية تسلل جوي بغارة واحدة، لم تسلتزم غير الكتمان المسبق، وتدريبات بسيطة وتلقين ابتدائي بدائي. وكانت لذلك النجاح اسباب موضوعية، اهمها: 1- وقوع الهدف في ارض مكشوفة تماما، خالية من العوارض الطبيعية، التي توفر ظروفا مناسبة للدفاع والتحصين . 2- تركيز الهدف كله في مكان واحد لا اكثر. 3- ضعف قدرات الدفاع الجوي العراقي، خصوصا في مجال الطائرات المقاتلة، فقد كانت الفجوة التقنية كبيرة جدا بين الطائرات العراقية والاسرائيلية. 4- انشغال العراق في الحرب مع ايران. 5- عدم توقع قيام اسرائيل بعملية ضد العراق، لعدم حصولها على تشجيع اميركي، في وقت كان الدفاع العراقي تجاه ايران عسيرا. 6- المبالغة العراقية المفرطة في قدراتهم الدفاعية والغرور الاعمى. 7- سهولة عملية الاقتراب الجوي من ايلات الى الصحارى السعودية والاردنية والعراقية، وعدم وجود دفاعات عراقية فاعلة على المقتربات المتوقعة، عدا الشرق. 8- تنفيذ العملية في مرحلة فورة القيادات العراقية، التي ينقصها النضوج في الحسابات والتوقعات. وضع مختلف! اما المعطيات على الجانب الايراني فانها مختلفة تماما عما سبق، مثلما هو الظرف الدولي مختلف تماما، فلا تشابه بين الحالتين، ولو في جزئيات الحال ومسببات القرار، والحقائق التالية تثبت البون الشاسع بين حالتين: 1- استفادة ايران من التجارب الاسرائيلية والعراقية، خصوصا بعد ان اصبحت كل جزئياتها واضحة تماما . 2- وضوح الجبهة. فهنالك اتجاه تهديد واحد لا اكثر، كما ان الوسائل معروفة، وهي ضربات صاروخية وجوية. 3- انتشار الاهداف على رقعة غير محدودة، يعقد عملية تدميرها في ضربة موقعية محدودة. 4- عدا منطقة بوشهر، مساعدة التضاريس، على تامين قدر كبير من متطلبات الحماية والاخفاء. 5- توفر قدرة عالية على الانذار المبكر. 6- عدم انشغال ايران بحرب اخرى، فما يجري على الساحة العراقية لا يستنزف شيئا من القدرات الايرانية. 7- القدرة العسكرية الكبيرة على الرد الصاروخي الايراني، وغيره، في مجالات محددة وخيارات مختارة. 8- توافر وسائل ردع ايراني لا يستهان بها. 9- توقع تطور اي عملية خاطفة الى حرب واسعة، بشكل او بآخر. مقارنة المعطيات يتضح مما ورد ان مقارنة المعطيات والعوامل تقود الى الاستنتاجات، او الحقائق التالية: 1- عدم توافر القدرة لدى القوات الجوية والصاروخية الاسرائيلية على احداث تدمير او عرقلة للبرامج النووية الايرانية، بالوسائل التقليدية، وبما ان الخيارات غير التقليدية مقيدة بمتطلبات اكثر خطورة تهدد الامن الاستراتيجي المباشر وليس المحسوب على المستقبل البعيد، فان اللجوء اليها سابق لاوانه على اقل تقدير . 2- قصة البرنامج النووي الايراني لا ترتبط بالرؤية الاسرائيلية تحديدا، لان من الصعب التاسيس على الحسابات الفردية. فهنالك دول اخرى اكثر قلقا من اسرائيل. 3- اي عمل اسرائيلي منفرد سيجر المنطقة واميركا الى موقف غير محسوب، له تداعيات خطيرة، لذلك لن يكون هناك ضوء اخضر اميركي. وسيكون بمثابة عمل يستهدف تحريك الملف تحريكا خطيرا.