لم أقرأ فى حياتى قصيدة حب أمام والدى رحمة الله عليه وكنت اخجل ان يسمع منى كلاما عن الأشواق والعيون والذكريات، وكان ذلك تصرفا تلقائيا لم اجد له ما يبرره فى يوم من الأيام خاصة اننى احببت اغنيات ام كلثوم وعبدالوهاب مع والدى الذى كان عاشقا للفن الجميل رغم انه شيخ ازهرى معمم. وعندما كنت اجلس فى حضرة فضيلة الإمام الشعراوى كنت اتردد كثيرا فى ان اقرأ قصائد حب ولكنه ذات يوم طلب منى واصر ان أقرأ امامه قصائد فى الغزل، ويومها توقف عند أخر بيت فى إحدى القصائد كنت اقول فيه ولو ان إبليس يوما رآك لقبل عينيك ثم اهتدى وكان تعليق الإمام الشعراوى ان هذا البيت كان حلا لأزمة كونية. كثيرا ما كنت ازور الشيخ الشعراوى فى بيته على ترعة المنصورية وعند دعوته لمشاهدة مسرحيتى دماء على ستار الكعبة فى عام 1987 على المسرح القومى إمتلأ ميدان العتبة بالالاف الذين توافدوا ليشاهدوا الشيخ الشعراوى فى المسرح وحين جاء وقت الخروج اندفع الناس إليه وكان الحل ان يخرج من الباب الخلفى للمسرح. وكان الشيخ الشعراوى شاعرا ومحبا للشعر وكان يقسم الشعراء الى فصائل ما بين الهدى والغواية ولم يكن يحب شعر الهجاء وان كتب فى الرثاء كثيرا. وكلما شاهدت على شاشات الفضائيات الوجوه العابثة التى تكره كل شئ وترفض اى شئ وتتهم الناس فى دينهم بالحق والباطل وتنصب نفسها حكما على سلوكيات الناس وتدينهم وضلالهم تذكرت سماحة الشيخ الشعراوى بلغته المترفعة وإيمانه العميق. عندما دارت معركته الشهيرة مع توفيق الحكيم وزكى نجيب محمود ويوسف ادريس لم يتجاوز احد منهم فى حق الأخر وكان حريصا ان يرافق الحكيم فى محنة مرضه ويزوره ويتحاور معه خاصة بعد حواره الشهير حديث مع الله. كان الحكيم يرى ان السماء تفتح ابوابها للجميع. وكان الشعراوى يرى ان قدسية الخالق سبحانه يجب ان تبقى بعيدا عن التجاوزات. نقلا عن صحيفة الاهرام ولم يمنع الخلاف فى الرأى من التواصل فى الحوار وان يبقى لكل صاحب رأى منطقه وقناعاته. كانوا كبارا ولهذا عاشوا فى ضمير الناس.