تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول في برنامج الاستزراع السمكي والأحياء المائية بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    "الزراعة" تواصل رصد التعديات على الأراضي وإزالتها خلال أيام عيد الأضحى    الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي قبالة الجليل الأعلى    تشاد: مقتل وإصابة العديد من الأشخاص جراء حريق وانفجار في مستودع ذخيرة    غارات جوية تهز اليمن.. الحوثيون يستهدفون سفينة تجارية في البحر الأحمر    الرئيس الإيطالي: على الاتحاد الأوروبي أن يزود نفسه بدفاع مشترك لمواجهة روسيا    منتخب سيدات اليد 2004 يتصدر المجموعة الثانية ببطولة العالم فى مقدونيا    البرازيل تحلم بأفضل نسخة من فينيسيوس    مراكز شباب بني سويف تستقبل نصف مليون مواطن في عيد الأضحى    سرقة درع الدوري الإنجليزي.. تعرف على التفاصيل    رُعب وفزع.. كيف أنقذت الداخلية 5 أشخاص تعطل بهم مصعد بالنزهة؟    تحريات مكثفة لكشف لغز العثور على جثة نهشتها كلاب بمدينة بدر    المراجعة النهائية أسئلة وأجوبة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الثانوي (نماذج التعبير pdf)    حج عن أمه وترك أبيه وحيدًا في مكة.. «صيدلي كفر شلشلمون» يلحق بأخيه المتوفى أثناء «المناسك»    فيلم جديد يجمع إلهام شاهين وهالة صدقي وليلى علوي بعد 28 عاما من «يا دنيا يا غرامي»    صور.. عمرو دياب يشعل حفل عيد الأضحى في دبي    كنوز| اللقاء الأول بين «صانع البهجة» والسادات فى منزل الحجاوى    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    طريقة عمل الفخذة الضاني المشوية، بمذاق لا يقاوم    في اليوم العالمي لمرض فقر الدم المنجلي، 6 أعراض للإصابة منها تورم القدمين    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    الكعبي والنصيري ورحيمي يتنافسون على المشاركة مع المغرب في أولمبياد باريس    في رابع أيام عيد الأضحى.. توافد الزوار على بحيرة قارون وغلق شواطئ وادي الريان    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    رسالة ماجستير تناقش رضا العملاء وتطبيقات البنوك: أهم وأكثر التطبيقات الرقمية المستخدمة إنستا باي    زي النهارده.. عودة مركبتى الفضاء 6 و Vostok 5 إلى الأرض    محافظ الجيزة: ذبح 3067 أضحية للمواطنين بالمجازر خلال عيد الأضحى    التحالف الوطنى بالأقصر: استمرار توزيع لحوم الأضاحى على الأسر الأكثر احتياجا    إعلام: صفارات الإنذار تدوى مجددا فى موقع كرم أبو سالم العسكرى جنوب غزة    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    جولة تفقدية على مخزن الأدوية الاستراتيجي بالريسة ووحدات الرعاية الأولية بالعريش    أكلات هامة لطلاب الثانوية العامة.. لتعزيز الذاكرة والتركيز    غياب 4 نجوم عن الأهلي أمام الزمالك وثنائي مهدد    قومي المرأة: العمل على إعداد دليل عن "تمكين المرأة المصرية"    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    المالية: إسقاط ضريبة القيمة المضافة على آلات ومعدات الصناعة المستوردة    ننشر أسماء الحجاج المتوفين في المستشفيات السعودية    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    عائلات الأسرى الإسرائيليين يحتجون داخل مقر الكنيست    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأربعاء 19-6-2024    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    حماية المستهلك بالبحيرة يشن حملات على المحلات والمخابز خلال إجازة عيد الأضحى    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمى الجزار:القضاء.. والقدر
نشر في أخبار مصر يوم 25 - 04 - 2013


يكاد الإجماع ينعقد بين العقلاء علي أن كل نظام موصوف بالفساد والاستبداد يعتمد علي ذراع أمنية باطشة،وسلطة تشريعية تأتمر بأمره وتشرع له من قوانين الاستبداد ما يثبت أركان حكمه، ومظلة قضائية توظف إمكاناتها لمصلحته، ويقوم نظام الاستبداد بإغداق تلك الجهات الثلاث بالمميزات المادية والأدبية. وإذا قامت ثورة ضد هذا النظام فإنها تكون موجهة في المقام الأول ضد أدواته تلك، ولا يقصد بذلك أن كل فرد بعينه داخل هذه المنظومة الثلاثية قد تورط في الاستبداد والفساد، بل من المجزوم به أنه رغم السياسات العامة الفاسدة فإن أفرادا بأعينهم- زاد عددهم أو قل- يظلون متمسكين بالحق والحقيقة، ويحدث ذلك بنسب متفاوتة في المجالات الثلاثة. إذا طبقنا ذلك المنطق علي مصر وثورتها وجدنا أن التبعية التامة للنظام المستبد الفاسد كانت هي الغالبة في كل من الذراع الأمنية( وزارة الداخلية) والسلطة التشريعية( مجلسي الشعب والشوري)، بينما ظلت السلطة القضائية في مجملها متماسكة بل منتصرة للحق برغم وجود من أطلق عليهم في السابق ترزية القوانين ووجود عدد قليل تلونت أحكامهم بالهوي السياسي. لقد فعلت الثورة فعلها ضد السلطة التشريعية أيام الرئيس السابق حسني مبارك فتم حل مجلسي الشعب والشوري، وزلزلت الذراع الأمنية التي مازالت تعاني من توابع ما حدث لها، واحتاجت وقتا ليس بالقليل كي تتعافي وتعيد صياغة عقيدتها الأمنية. ولما توجهت الأنظار إلي السلطة القضائية حيث التبجيل والاحترام غلب علي ظن المصريين أن السلطة القضائية سوف تتفاعل مع الثورة وقد شارك بعض أفرادها في الثورة نفسها، لكن يبدو أن قول القائل ما كل ما يتمني المرء يدركه قد انطبق علي واقع الحال. ومن أوضح الاستدلالات علي ذلك، هذا الحكم الذي صدر من إحدي الهيئات القضائية فعصف بالمؤسسة التشريعية برغم مشاركة أكثر من ثلاثين مليونا من المصريين في اختيارها، وكذلك بعض الأحكام التي أصابت في مقتل بعضا من المؤسسات السياسية مثل الجمعية التأسيسية الأولي لصياغة الدستور، وكادت تسقط الغرفة الثانية للبرلمان( مجلس الشوري) لولا الحصانة التي أوجبها ونص عليها الدستور المصري الجديد. وكان أشد إيلاما من ذلك تلك الأحكام التي وصفت بمهرجان البراءة للجميع، وحتي تلك القضايا التي أصدر فيها القضاء حكمه ضد بعض المتهمين في أحداث الثورة انهدم بنيانها، وألغيت حين وصلت إلي محكمة النقض. كل ذلك أثار سؤالا حائرا علي ألسنة الكثيرين: هل تجاوبت السلطة القضائية مع الثورة أم أنها غضت الطرف عن ذلك تحت وطأة إرث القوانين التي صيغت في أثناء النظام السابق، يؤيد ذلك ما ظهر جليا في حيثيات محكمة الجنايات التي أصدرت حكما بإخلاء سبيل الرئيس السابق حيث قالت إن القانون قد غل يد المحكمة عن أي سلطة تقديرية تستطيع بها أن تتجاوب مع الرغبات الثورية للشعب، ودعت إلي تغيير مثل هذه القوانين. ويسهل علي كل مراقب أن يرصد مواقف كثيرة تدخلت فيها السلطة القضائية فيما يخص السلطتين الأخريين التشريعية والتنفيذية، وكثير منا يتذكر واحدة من خطب السيد المستشار رئيس نادي القضاة وهو يمهل السيد رئيس الجمهورية يومين ليرجع في أحد قراراته برغم أن رئيس الجمهورية يمارس صلاحياته كأول رئيس مدني منتخب، وفي خطبة أخري لا تقل شهرة عن الأولي صب السيد المستشار جام غضبه علي مجلس الشعب السابق قبل حله متخطيا بذلك مبدأ الفصل بين السلطات. لكن أخطر خطبة هي تلك التي ارتجلها السيد المستشار يوم الإثنين الماضي في معرض حديثه عن مشروع السلطة القضائية المعروض علي مجلس الشوري، وإذا بسيادته في انتقاده لما يراه خطأ يوجه حديثه إلي الرئيس الأمريكي أوباما(!!!) يعلمه بأحوال داخلية في مصر مستشهدا ببيت الشعر الشهير: إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم وآلمني وآلم كل حر في مصر أن يصدر هذا الكلام علي لسان رمز من رموز القضاء، وبدوري أقول لو كنت سياسيا فتلك مصيبة أما وأنت قاض فالمصيبة أعظم، ذلك لأن أي قاض فعل ذلك يكون قد أخطأ مرتين: مرة إذ تحدث في شأن سياسي محض( وليس له ذلك)، ومرة لاستقوائه بالخارج، وتلك جريمة متكاملة الأركان. أيا كان الأمر فالأزمة موجودة، ومن الواجب ألا يكون أحد منا داعيا إلي تصعيدها، بل الواجب أن نجتهد جميعا لنكون جزءا من الحل، وعلي ذلك فالأمر ليس سن تقاعد لكن يجب أن يكون بحثا عن آليات تحفظ للقضاء استقلاله وتضمن نزاهته. يمكن أن نصل إلي ذلك عبر حوار مخلص بين مجلس الشوري( السلطة التشريعية) ومجلس القضاء الأعلي( السلطة القضائية). وإذا سلمنا أن السن ليست معيارا للفساد و يجب ألا تكون، فهناك معايير أخري أقترح تفعيلها، يأتي علي رأسها مجموعة المعايير التي تحدد من الأحق بالالتحاق بالسلطة القضائية من خريجي كليات الحقوق، ولا يعقل أن يكون أحدها أنه من بيئة قضائية بل الأكفأ هو الأحق. وتأتي مجموعة أخري من المعايير متصلة بالذمة المالية، حيث يجب أن تضمن الدولة راتبا مجزيا للسادة القضاة تجعلهم يتسامون فوق شبهات الهدايا والانتدابات. إن الالتقاء حول المبادئ الأساسية في الفصل بين السلطات يضمن استقلالا ونزاهة للقضاء فتصبح أحكامه بردا وسلاما علي صدور الجميع كما يضمن استقلالا واستقامة للسلطة التشريعية فتصبح القوانين الصادرة عنها نورا يضيء المستقبل، وبنفس القدر يضمن استقلالا وشفافية للسلطة التنفيذية فتكون قراراتها رشيدة وحكيمة تصلح ما قد اعوج في الماضي. حينما يحدث ذلك تكون الأقدار الربانية قد أهدت لمصر مصلحة أكيدة للوطن والمواطنين فيزداد إيمانهم بالقضاء والقدر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.