تعيش الولاياتالمتحدة هذه الأيام حمى الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة والمشكلة أن الانتخابات نفسها أصبحت حدثا مملا بالنسبة لكثير من الأمريكان (وهذا بالطبع يدعوا للتشمت والتشفي في دول العالم الثالث).. فقد أثبتت استطلاعات الرأي أن أكثر من نصف المواطنين لايتابعون (ولا يصدقون) الوعود التي يطلقها المرشحون الحاليون.. والأخطر من هذا أن نسبة كبيرة منهم لم تعد تميز بين المتنافسين الرئيسيين أمثال هيلاري كلينتون وأوباما وجولياني ومايك هاكابي.. ويمكن القول إن أحد الأسباب الرئيسية - لانحدار الحس الديموقراطي للامريكان -هو التشابة الممل في شخصيات ومواقف المرشحين أنفسهم.. فالجميع يرسم نفس الابتسامة، ويكرر ذات الوعود، ويلبس نفس الثياب، ويحقن وجهه بمادة البوتكس.. ورغم أنني لست خبيرا في تنظيم الحملات الانتخابية إلا أنني أرى ضرورة إضفاء لمسة استثنائية وهوية غرائبية على مرشحي الانتخابات الأمريكية.. وهذا الاقتراح الغريب اقتبسته من شخصيات سياسية عالمية تميزت بالجنون والغرابة - والخروج عن المألوف - ومع ذلك حققت شعبية لا يستهان بها : * فهناك مثلا ماسيشو ماتايوشي من اليابان الذي رشح نفسه للانتخابات الرئاسية بصفته "السيد المسيح".. فحسب ادعائه حلت روح المسيح في جسده منذ عام 1980وطلبت منه حكم اليابان وتحويلها الى القيم النصرانية ومنذ ذلك الحين وهو يتصرف كرسول ويظهر في لباس مماثل لما يلبسه المسيح في الصور الكنائسية.. ورغم استقطابه عددا كبيرا من الأصوات إلا أنه فشل في الفوز كمرشح مستقل فأسس حزبه الخاص عام 1997وطلب من الفاتيكان مساندته ! *أما في الهند فهناك أدولف لالي هتلر الذي لا يخفي إعجابه بالزعيم النازي (الذي يحمل نفس الاسم).. وقد ورث هذا الاعجاب من والده الذي أطلق عليه هذا الاسم تيمناً بالديكتاتور الألماني الذي اضطهد الأقليات وأشعل الحرب العالمية الثانية.. والغريب أنه فاز كوزير للبيئة في ولاية ميجالايا وحظي بمقعد في مجلسها الانتخابي قبل أن يخسره في فبراير 2003.وحين أصبح خارج التركيبة السياسية أعلن نفسه خليفة لهتلر وبدأت تظهر حقيقته العنصرية والنازية فتم اعتقاله والزج به في السجن... * أما في الدنمرك فهناك مرشح مستقل يدعى جاكوب هايوجارد اشتهر بوعوده الانتخابية الخارجة عن المألوف ؛ ففي عام 1994مثلا أعلن ترشيح نفسه للبرلمان الدنمركي ووعد بإلغاء أشهر الشتاء وردم البحر وسد مؤخرات الأبقار للتقليل من انبعاث غاز الميثان.. وحال دخوله المجلس (وهذا غريب بحد ذاته) اعترف أنه انسان كاذب وان الدنمركيين لا يفقهون في الديموقراطية وقرر إنفاق راتبه الجديد على شرب البيرة أثناء جلسات البرلمان !! *وأخيرا هناك مرشح سياسي يائس أطلق على نفسه لقب (ملك المكسيك).. فرغم أن المكسيك "جمهورية" إلا أن نيكولاس ميراندا فشل في الفوز بالانتخابات الرئاسية 10مرات ودخول المجلس النيابي 14مرة.. وحين يئس من فوزه بأي منصب أعلن نفسه - ببساطة -ملكاً على المكسيك وطلب من الناس تأييده.. والمفارقة هنا أن أكثر من مائة ألف مكسيكي أيدوه هذه المرة الأمر الذي منحه قوة شعبية لايستهان بها (وفعلته هذه تذكرني بمواطن أمريكي لا أذكر اسمه أعلن نفسه امبراطورا للولايات المتحدة عام 1976وحظي بنسبة غير قليلة من التأييد) !! والآن أيها السادة.. تأملوا معي تميز وتفرد هذه الشخصيات الغريبة وقارنوها بالشخصيات البلاستيكية المملة التي تتنافس اليوم لدخول البيت الأبيض...