أما أبو القوانين فهو الدستور, فما هي أم التشريعات؟ انشغل العالم بهيئاته الدولية ومراكزه الحقوقية بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور وبصياغات الدستور نفسه, وقد شاركوا في الجدل الذي ثار حول الجمعية وشرعيتها وحسن تمثيلها وبالدستور ومواده وتوجهاته. وشاء الله أن تم وضع دستور لقي قبول أغلبية المصريين الذين ذهبوا للاستفتاء عليه وصار سندا للحريات والحقوق يطالب الجميع بالاحتكام اليه عند الملمات والتشريعات. ورغم كثرة التشريعات التي تناقش في مجلس الشوري إلا أن الاهتمام العالمي كان بقانون تنظيم حق التظاهرالسلمي وقانون الجمعيات الأهلية, وقد استلزم ذلك مكاتبات بين هيومان رايتس ووتش وبعض المسئولين في الحكومة المصرية. وهذا الاهتمام يؤكد أن هناك حرصا شديدا علي متابعة القوانين ذات الصلة بالحقوق والحريات ومصالح البعض في مصر! ولعل التخوف من التقييد لحريات التظاهر وتكوين الجمعيات الأهلية هو ما دفع هؤلاء ومن خلفهم المراكز الحقوقية المصرية والأجنبية العاملة في مصر للقلق ومتابعة ما يتم في هذه التشريعات التي تستحق بجدارة مسمي أم التشريعات. أؤكد من وجهة نظري الشخصية أن القانون الذي قدمته الحكومة تحت مسمي حماية الحق في التظاهر السلمي في الأماكن العامة ويتم النقاش حوله الآن في لجان المجلس لهو قانون يحتاج الي تعديلات وتحسينات تحقق ما استهدفه الدستور من حماية الحق في التظاهر, ولقد نال القانون هجوما شديدا من الكثيرين في توقيته وضرورته, وهو كلام مردود عليه لأن القانون لا علاقة له بما يجري في الشارع المصري من عنف وإجرام, وقوانين مواجهة البلطجة والعقوبات تكفي لإنهاء هذا العبث الذي يدور في شوارع مصر ولا علاقة لذلك بهذا القانون إلا في رفع أي غطاء سياسي لهؤلاء البلطجية الذين يروعون أهل مصر! ونستطيع أن نحدد ملامح المشروع الذي يمنح المتظاهرين حق التظاهر السلمي بعد إخطار الجهات المسئولة قبل قيامها بثلاثة أيام يتم خلالها إنهاء جميع الإجراءات من عرض المطالب علي الجهات المعنية عند الموافقة واتخاذ جميع المواقف القانونية عند الرفض! كما يتم تحديد الشروط الواجبة لحماية المتظاهرين والحفاظ علي أمن المواطنين وعدم قطع الطرق أو تعطيل حركة المرور وحماية الممتلكات الخاصة والعامة, وقد ألزم المشروع وزارة الداخلية بتأمين التظاهرات السلمية حتي لا تتحول إلي مخالفات يعاقب عليها القانون وقد حدد الخطوات والإجراءات الواجب اتباعها من قبل الشرطة عند تفريق التظاهرات غير السلمية! ومعاقبة المسئولين عن ذلك, وأعتقد أن هناك إضافات قيمة ستضاف الي هذا المشروع في أثناء مناقشته في لجان مجلس الشوري. أما قانون الجمعيات والمؤسسسات الأهلية فهناك رؤي متعددة قدمت من جهات كثيرة منها بعض الأحزاب والمراكز الحقوقية في الداخل والخارج والحكومة, ومهما تكن الاختلافات فهي بسيطة, أخطرها تلك التي تحوز اهتمام المنظمات الأجنبية في مصر وخارجها, وهي المواد التي تتحدث عن المنظمات الأجنبية غير الحكومية, والرؤية التي يتفق عليها جميع الأعضاء علي مختلف انتماءاتهم تسمح لهم بممارسة نشاط أو أكثر من أنشطة الجمعيات والمؤسسات الأهلية الخاضعة لأحكام هذا القانون, وذلك بعد الحصول علي تصريح من لجنة تنسيقية تبت في كل ما يتعلق بنشاط هذه المنظمات وكذلك التمويل الأجنبي للمنظمات المصرية, ويتجه مشروع القانون في التعامل مع المنظمات الأجنبية علي قاعدة المعاملة بالمثل. فمن يسمح للمنظمات الأهلية المصرية والعربية بالوجود في بلده سيسمح له هنا في مصر علي ألا تهدف في نشاطها إلي نشر توجهات أو سياسات أحزاب سياسية أجنبية أو تخل بالسيادة الوطنية, وتتعهد بتقديم تقرير إنجاز نصف سنوي عن الأنشطة التي مارستها في هذه المدة وتقرير محاسبة مالية تتساوي في ذلك مع المنظمات المصرية. وربما أتوقع أن يلقي ذلك مقاومة وتشويها من بعض المنظمات الأجنبية أو المصرية التي تعتمد علي التمويل الأجنبي الذي يمثل العمود الفقري لها! باختصار سيقدم مجلس الشوري قانونا يتناسب مع الحق الدستوري في تشكيل الجمعيات الأهلية بالإخطار تأكيدا علي بزوغ شمس مصر الجديدة بعد ثورة يناير المجيدة. من جهة ثانية, أمام رئيس مجلس الوزراء مجموعة من المطالب أهمها, توزيع الأراضي الزراعية( المزمع توزيعها) علي صغار الفلاحين الذين لا حيازة لهم في وادي النيل, بعيدا عن المزايدة, حيث لايملكون الكثير بل يمكن استقبال طلباتهم والبت فيها وتسليمهم الأرض ومنحهم فرصة الاستصلاح بجهودهم الذاتية, وعندما تثمر الأرض يمكن تحصيل ثمنها منهم نقدا أو تقسيطا ويكفيهم مصاريف الاستصلاح في إطار هيئة تنسيقية لكل مساحة أرض بها كل كفاءات الدعم الهندسي والزراعي والتقني. وكذلك سرعة تحديد أسعار المحاصيل الزراعية التي تتم زراعتها في الأيام المقبلة وقد تأخر تحديد سعر القطن مما ينذر بتقلص مساحاته المزروعة هذا العام! وهنا نطالب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة بمطالب الفلاحين التي تقتضي عودة الدورة الزراعية لتحديد الاحتياجات من المحاصيل الزراعية وضمان توفير مياه الري لكل الأراضي المزروعة. من جهة ثالثة, من الضروري توزيع الحاصلين علي الماجستير والدكتوراة مركزيا عن طريق التنظيم والإدارة علي الوظائف التي تم توفيرها لهم بدلا من تضييع فرص العمل وعدالة توزيعهم بالواسطة التي مازالت تسيطر علي الأداء الحكومي في94 هيئة ومؤسسة. وتأكيد إحكام المراقبة التموينية علي منافذ توزيع العيش والبوتاجاز بعد تحرير أسعارهما في منظومة جديدة قد يفسدها غياب الرقيب وانعدام المحاسبة! ونرجو ان تمتد المنظومة الي السماد والكيماوي الذي ينال دعما دون أن يصل الي مستحقيه ولم يقترب منهما وزير الزراعة حتي الآن, رغم كثرة الاقتراحات القابلة للتنفيذ. علاوة علي متابعة تنفيذ قانون الحد الأقصي الذي أقره برلمان الثورة ويخضع له رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وذلك في كل مؤسسات الدولة, خاصة تلك الوزارات التي مازال قياداتها يتقاضون شهريا مبالغ فلكية دون أي إنجاز يذكر, وهو ما بدأ وزير القوي العاملة في تغييره, ونطالب وزير الكهرباء بالحد منه لتوفير موارد لشراء السولار أو الانتهاء من المحطات التي مازالت تحت الإنشاء ولا تجد بقية تمويل! لن أطلب المزيد رغم أنها طلبات لاتحتاج لتمويل بل تدر موارد مالية لكنها تحتاج لإرادة ومتابعة لأداء الوزارات وتفكير غير نمطي لمشاكل نمطية, فهل نجد استجابة؟ نقلا عن صحيفة الاهرام