وُلد (غوردن براون) في جلاسكو في 20 شباط 1951 وعاش في قرية (كيركولدي) الاسكتلندية التي تقع بين مدينتي (دندي) و (أدنبرة). و هو من أسرة متدينة، له شقيقان، و والده قس بروتستانتي. تزوّج (براون) في العام 2000 (سارة ماكوله) ولكن وفاة ابنته - التي وُلدت قبل الموعد عام 2002- ثم مولد ابنيه جون وجيمس المصاب بمرض (موكوفيسيدوز وهو تزايد غير طبيعي للألياف في أنسجة أحد أعضاء الجسم) جعلا صورته أكثر إنسانيةً لدى الجمهور. يقول براون إن الأخلاقيات البروتستانتية التي كان أبوه يلقنها مستمعيه في مواعظه والمساعدة والنصح للفقراء في منزل رجل الدين (جون براون) وزوجته (إليزابيث) كانت بوصلته الأخلاقية في الحياة. حاز (براون) على شهادة الدكتوراه في سن مبكرة، و انخرط في النشاط السياسي منذ الصغر حيث كان يوزع المنشورات الدعائية لحزب العمال مذ كان في الثانية عشرة من عمره. في سن السادسة عشرة التحق (براون) بالجامعة، و أُصيبت عينه اليسرى خلال مباراة، و يُقال إنه كان مهدداً بالعمى، و إنّ هذه التجربة أثّرت فيه. في سن العشرين حصل على شهادته العليا في اختصاص التاريخ من جامعة "أدنبرة" الاسكتلندية، ثم تابع دراسته حتى نال شهادة الدكتوراه، و كان في سن الحادية و العشرين يجمع بين المركز الأكاديمي و العمل السياسي و الوظيفة الإعلامية؛ إذ كان يعمل كصحفي في تلفزيون اسكتلندا الذي يُعدّ أحد فروع شركة (آي تي في) وهي الشركة التلفزيونية التجارية الأكبر في بريطانيا. بدأ (براون) نشاطه السياسي مبكراً جداً؛ إذ كان يشارك و هو في سن الثانية عشرة في أعمال الدعاية للجنة المحلية لحزب العمال، ثمّ انضم رسمياً للحزب في سن الثامنة عشرة. حاول الانخراط في اللعبة السياسية في العام 1979 إلاّ أنّه فشل في تلك التجربة؛ مما أعطاه دفعاً لخوض التجربة الثانية في العام 1983 و هو العام الذي نجح فيه في الحصول على مقعد، و أصبح عضواً في البرلمان عن منطقة (ويستمنستر). بدأ (براون) منذ ذلك العام مسيرته في مجلس العموم البريطاني، و صبّ جل تركيزه على إطلاق ورشة عمل لتحديث و تطوير حزب العمّال. تولى في العام 1992 منصب الناطق الاقتصادي الرسمي باسم حكومة الظل "المعارضة"، و في العام 1994 توفي زعيم حزب العمال جون سميث، و قد كان كل من الزميلين (براون) و (بلير) يتنافسان على شغل منصب زعيم حزب العمال البريطاني. و يُقال إن الطرفين اتّفقا على ضرورة التنسيق و التعاون بدلاً من المواجهة و التصادم، و قد شاع في وقتها أنّ (براون) وافق على عقد صفقة سرية تتضمن قبوله أن يتنحى مفسحاً الطريق لدعم (بلير) في رئاسة الحزب على أن يستقيل (بلير) نفسه بعد أربعة أعوام ليحل "براون" مكانه. في العام 1997 ، تولى (غوردن براون) منصب وزير الخزانة أو المالية، و ساهم من خلال العمل في منصبه هذا و النجاح الذي حققه في أن يدعم صورته و شخصيته، و يزيد من أسهمه لدى الجمهور. فقد منح (براون) في غضون أسبوع واحد البنك المركزي البريطاني استقلالية تامة تسمح له بكبح التضخم. لكنّ ذلك لم يقلل من تهجّم معارضيه الذين وصفوه بأنه "ستاليني" يحب السيطرة و التحكم، بعد أن أمضى فترة عشرة أعوام في منصبه هذا ليكون الأطول في منذ مئتي عام في هذا المجال، و الوحيد الذي يمضي عشر سنوات متتالية ودون انقطاع في هذا المنصب. ويصف أصدقاء "براون" شخصيته بأنها تتصف بالحزم و الدقّة. ف(براون) قوي الشخصية، ثاقب الرؤى وفقاً للبعض، و هو انطوائي وذو شخصية غامضة وفقاً للبعض الآخر. مرهف الحس ومتحمس جداً لمشاريعه وعمله، كما يعده أقرانه من السياسيين زعيماً ناجحاً. يعشق (براون) أمريكا ويحب الديناميكية الأمريكية، و قد ساهم ذلك في تقوية ديناميكيتيه الشخصية؛ فهو عادة ما يقضي عطله الرسمية هناك. وقد كان يشارك وبشكل مستمر في ندوات تتناول دراسة المبادئ والقيم المشتركة في مجال التقدم والحرية بين بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية. أول رئيس وزراء من أصل اسكتلندي أعلن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الجمعة 11 مايو 2007 رسمياً تأييده لوزير الخزانة (المالية) غوردن براون ليخلفه في الحكم بعد استقالته، و في 27 يونيو 2007 استلم (غوردن براون) رسمياً منصب رئيس الوزراء البريطاني خلفاً لطوني بلير. وبهذا يكون براون ذو ال(56) عاماً أول رئيس وزراء بريطاني من أصول اسكتلندية. ويقول مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني (كريس دويل): "من الصعب تصور السياسة الخارجية التي سينتهجها (براون) في مجال العلاقات الدولية"، و يعلل كلامه هذا بأنّ سيطرة بلير على ملفات السياسة الخارجية سابقاً، أبقت براون بعيداً عن هذا المجال، و هو ما يفسّر سجله الضعيف في مسائل متعددة كالعراق ولبنان. وفي الحقيقة قد يكون براون غير متأكد من طبيعة سياسته الخارجية، فعلى غرار الكثيرين في حزب العمال، لا يفهم جيداً العلاقات الدولية خارج الميدان الاقتصادي. و يضيف (دويل): لكن، يجب ألاّ يتوقع المرء تغيراً جذرياً على هذا الصعيد. "ويملك براون سجلاً حافلاً على مستوى الاهتمام بالسياسة الأميركية، كما يملك علاقات وطيدة مع الإدارة في واشنطن. ويُنظر إليه على أنه يشكك بأوروبا أكثر من بلير". وعلى الرغم من أنّ عدداً من المحللين يشير إلى أن نوعاً من القطيعة سيحصل في العلاقات البريطانية الأمريكية بعد احتلال (براون) لمنصبه الجديد، إلاّ أن نظرة على موقع أمريكا لدى براون كفيل في أن يذلل العقبات التي ستواجه الطرفين. يعترض (براون) على سياسة أمريكا الخارجية الحالية من دون أن يؤدي ذلك إلى قطيعة معها، و يرى عدد من المراقبين أنّ ل(براون) حماس واضح في تعميق الصلة بين بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصّة أن براون كان يشكل الثقل الأكبر الذي يحول دون الاندماج الكامل لبريطانيا في المنظومة الأوروبية، فهو رائد مقاطعة الانضمام إلى اليورو و التمسك بالعملة البريطانية، و قد وقف بوجه بلير عندما أراد الأخير دفع بريطانيا نحو تبني العملة الأوروبية، و ساهم أيضاً في عدم توقيع لندن حتى الآن على اتفاقية (شينغن) التي تلغي مراقبة الحدود بين دول الاتحاد. رؤاه ومفاهيمه السياسية المستقبلية أ- على الصعيد الداخلي: 1- إيلاء السياسة الداخلية أولوية قصوى مقارنة بالسياسة الخارجية، مع عدم التسرع في إقحام بريطانيا في الأزمات الدولية. 2- التعليم وتوفير سكن بأسعار معقولة هما أكثر ما يشغلانه، لكنه يقول: "إن إصلاح نظام الرعاية الصحية يأتي "على رأس الأولويات". 3- ينظر إلى اقتصاد بريطاني ديناميكي حر وقوي مع دقة و حذر في التعامل مع الأحداث، ولا يتحمس إلى وحدة أوربية دون النظر إلى كل النتائج المترتبة عن ذلك. 4- المتوقع أن يعلن براون عن عدد كبير من المبادرات الجديدة خلال المئة يوم الأولى من توليه منصب رئاسة مجلس الوزراء؛ مثل إرساء «مجلس الشعب» لإعادة كتابة الميثاق الدستوري. كما سيعمد إلى تغيير نمط عمل الحكومة. ب- على الصعيد الخارجي 1- ينتقد "براون" سياسة بوش الحالية تجاه أزمات الشرق الأوسط (على الرغم من أنه كان من أشد المؤيدين للحرب على العراق بداية) إلاّ أنه من المتوقع ألاّ يكون مخالفاً للخط السياسي الأمريكي العام تجاه الوضع في العراق بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام. 2- يدعو إلى حوار جاد مع سوريا و إيران لحل مشاكل المنطقة و تحقيق الاستقرار. 3- يركز على الشق الاقتصادي في معالجة الأزمات السياسية للوصول إلى حل مشترك؛ فهو على سبيل المثال، يطمح إلى تغيير سياسة بريطانيا في العراق؛ إذ أنه يعطي أولوية في ملف العراق السياسي إلى تحسين الوضع الاقتصادي، والى عملية المصالحة الوطنية بين الفرقاء والأحزاب. كما يعترف بوجود أخطاء كانت قد ارتكبت من قبل الإدارة الأمريكية والبريطانية في العراق. 4- كما يُعرف عن براون أنه من المروّجين بشدة لمبدأ إلغاء ديون البلدان النامية.