بعد أقل من عامين على قتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة يوجه مقتل القيادي الجزائري مختار بلمختار "إذا تأكد"ضربة قوية لجهودالتنظيم الرامية إلى استعادة تماسكه كقوة جهادية في العالم. وتشكك مصادررسمية في مدى قدرة القاعدة على التأثير في فروعها بمنطقة شمال افريقياوتقول إن حملة الطائرات الأمريكية بدون طيار المكثفة على معقل التنظيم فيالمناطق القبلية بباكستان على الحدود مع أفغانستان أضرت كثيرا بقدرته علىالقيادة والسيطرة. لكن بلمختار الذي قالت تشاد إن قواتها قتلته في شمال مالي السبت كان حلقة وصل مهمة بجذور التنظيم الجهادي حيث أنه تدرب فيأفغانستان في مطلع التسعينيات وكان مقربا من القاعدة وفقا لما ذكره قياديان سابقان للمجاهدين. ويعتقد أن بلمختار كان العقل المدبر لعملية احتجاز رهائن في منشأة للغاز بالجزائر في يناير كانون الثاني وقد فوض نفسه لتمثيل قضايا جوهرية للقاعدة عندما طلب محتجزو الرهائن الافراج عن الشيخ المصري عمر عبد الرحمن وأستاذة علم الأعصاب الباكستانية عافية صديقي المحتجزين في سجون أمريكية. واحتجاز الشيخ الضرير عبد الرحمن لضلوعه في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 وعافية صديقي التي تربطها صلة نسب بخالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول بالولايات المتحدة من القضايا الحساسة للغاية في مصر وباكستان وتستخدمان لحشد الدعم لقضية تنظيم القاعدة وتجنيد مقاتلين وجمع أموال. وقال كميل الطويل وهو صحفي بجريدة الحياة ومتخصص في شؤون الجهاد بشمال افريقيا إنهإذا تأكد مقتل بلمختار فإن ذلك سيوجه حتما ضربة للشبكات الجهادية في شمال افريقيا والساحل. وأضاف أن بلمختار من أقدم الشخصيات المعروفة بالمنطقة ويحظى بشبكة واسعة وقوية من الخلايا التي تضم محليين وأجانب حيث نقلت خدمةسايت المعنية بمتابعة مواقع المتشددين على شبكة الإنترنت عن جهادي نفيهما جاء في تقارير أفادت بمقتل بلمختار وقوله إنه حي وسيبعث برسالة قريبا. ولم يرد تأكيد من خارج تشاد لمقتل بلمختار وقال الرئيس التشادي ادريس ديبي يوم الجمعة إن جنوده قتلوا أيضا عبد الحميد أبو زيد القيادي فيتنظيم القاعدة في عملية بنفس المنطقة وهي منطقة جبال ادرار ايفوغاس في مالي على الحدود مع الجزائر. وقال مصدر أمني جزائري إن مقتل بلمختار"مرجح جدا"وقد شكك آخرون في الأمر وقالوا إن خبرته ومعرفته بالبيئةالصحراوية ربما ساعدته على الفرار بعد عمليات عسكرية قادتها فرنسا ضدالإسلاميين المتشددين في مالي هذا العام. وسيكون مقتل هذين القياديينالجهاديين إذا تأكد ضربة قاصمة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وكان للمتشددين قبل طردهم من بلدات شمال مالي جذور عميقة بين السكان المحليين وجندوا الكثير من المقاتلين الجدد الذين يتوقع أن يستمروا فيالقتال. وسيكسر مقتل بلمختار وبشكل أكبر من مقتل أبو زيد- سلسلة متصلة بين المنتمين لفكر القاعدة من موريتانيا في الغرب وتتجه شرقا عبر مالي إلى ليبيا ومصر والصومال ونيجيريا واليمن وباكستان. ويجيء هذا في وقت ينبغي أن يثبت فيه أيمن الظواهري خليفة بن لادن أهليته للحفاظ على وحدة أجزاء القاعدة المختلفة ولا يتمتع الظواهري بالمكانة الرمزية التي كان يتمتع بها بن لادن الذي نجح في لعب دور القوة الموحدة قبل أن تقتله قوات أمريكية في بلدة ابوت اباد الباكستانية في مايو ايار عام 2011 . وقال ارسلان تشيخاوي وهو محلل أمني ورئيس شركة استشارات مقرها الجزائر إن أحد التحديات الرئيسية التي سيواجهها الظواهري هو طمأنة أعضاء القاعدة إلى انه لن يتبع -بصفته زعيم التنظيم- استراتيجية تركز على مصر. وأضاف في تقرير صدر الشهر الماضي أن على الظواهري أن يعمل على نحو خاص لابقاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في جانب شبكة القاعدة وإقناعهما بأن مصلحتهما في البقاء داخل التنظيم لا خارجه ورغم أن مقاتلين أكثر شبابا سيظلون يدعمون أيديولوجية القاعدة إن بلمختار كان -أو لا يزال- آخر قدامى حركة الجهاد بمنطقة الساحل. وقال قياديان سابقان للمجاهدين كانا يعرفان بلمختار إنه كان في التاسعة عشر من العمر عندما وصل إلى أفغانستان عام 1991 وقضى عاما ونصف العام هناك وفقد عينه خلال درس لتعلم صنع القنابل قبل أن يعود إلى الجزائر للمشاركة في الصراع الدامي هناك. وأصدر اد رويس رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي بيانا وصف فيه بلمختار بأنه "واحد من أكثر الإرهابيين مراوغة وخطورة في شمال افريقيا." وإبرازا لأهميته أضاف البيان أن "وكالة المخابرات المركزية تتعقب بلمختار منذ أوائل التسعينيات " وانضم بلمختار والعديد من الإسلاميين الجزائريين الذين خاضوا الحرب الأهلية رسميا إلى القاعدة عندما غيرت جماعته اسمها إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي عام 2007 . وقبل الهجوم على منشأة الغاز الجزائرية في ان اميناس مما أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصا قال بعض الخبراء إن بلمختار ابتعد عن الجهاد ومال للخطف وتهريب الأسلحة والسجائر في منطقة الصحراء مما أكسبه لقب "السيد مارلبورو". لكن بلمختار أعلن في فيديو صدر العام الماضي ولاءه للظواهري وللملا محمد عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية ولم يبتعد بلمختار عن الجهاد لكنه ضم إليه نشاطات التهريب والخطف لجمع الأموال ومما يبرز اتساع تأثيره جغرافيا يحظى بلمختار بتأييد في موريتانيا وهي قاعدة عمليات قديمة بالنسبة له. ويتردد أيضا أنه اشترى أسلحة من جهاديين في ليبيا ضمن كمية سلاح ضخمة وجدت كذلك طريقا إلى أيدي إسلاميين متشددين في شبه جزيرة سيناء المصرية بعد الاطاحة بالزعيم ةالليبي الراحل معمر القذافي عام 2011 . ولا يعرف الكثير عن خطط الظواهري لبسط نفوذه على الأجزاء المتشرذمة للقاعدة حفاظا على تماسكها العالمي ووجودها بعد انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بزعماء كان التنظيم يعارضهم لكن المحلل الجزائري تشيخاوي قال إن الظواهري ضم في الدائرة المقربة منه بالقيادة المركزية رجالا من شمال افريقيا لهم صلات بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي للتركيز أولا على ليبيا والجزائر والساحل. وكتب تشيخاوي أن الظواهري يرى في ليبيا تحديدا "قاعدة خلفية محتملة لمصرالتي تعتبر مفتاح العالم العربي" وبعد أن يضمن بقاء تنظيم القاعدةببلاد المغرب الإسلامي في التنظيم سيسعى الظواهري لبقاء تنظيم القاعدة فيجزيرة العرب أيضا ومقتل بلمختار -إذا تأكد- سيزيل لاعبا مهما في الساحة.. رجلا جدد أهليته القتالية بهجوم ان اميناس وأثبت أن القاعدة ما زالت تهديدا قويا للمصالح الغربية.