يبدو أن مخطط إسقاط النظام الحاكم في مصر يسير بوتيرة متسارعة, ربما لا يستطيع النظام مجاراتها أو التعامل معها بالكيفية التي تمكنه من احتوائها, مما جعل البعض يتكهن بالمدة الزمنية التي يمكن خلالها تحقيق هذا الهدف, وما إذا كانت ثلاثة أسابيع, أو ثلاثة أشهر, طبقا لمدى ارتفاع حدة الأزمتين: السياسية والاقتصادية معا. فما يسمى بالعصيان المدني, الذي دعا إليه شباب الألتراس في بورسعيد, قد حمل دلالة بالغة في هذا الاتجاه, لم تنتبه إليها الدولة, إلا مع الإعلان عن عصيان آخر في محافظة الإسماعيلية, مع أنباء أخرى متواترة عن استعدادات في السويس والإسكندرية والغربية, وهو ما يؤكد أن القضية ليست مرتبطة بأزمة بورسعيد مع النادي الأهلي أو الأمن أو النظام ككل, وإنما هي مرتبطة بالنظام وأزمته مع القوى السياسية. إذن.. فقد قررت هذه القوى, وعلى طريقتها الخاصة, التخلص من النظام خارج صناديق الانتخابات البرلمانية التي بقي عليها نحو الشهرين, وأعتقد أن هذه المدة كانت كافية للوصول إلى رجل الشارع لإقناعه بالتغيير, إلا أنه بدا واضحا أنها ليست واثقة لا في قدراتها ولا في رجل الشارع, فآثرت أن تستغل مناصريها في إغلاق طرق الوصول إلى العمل, وتعطيل الإنتاج, في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى العمل والإنتاج. ولأن الأمر كذلك.. يجب أن نعترف بأن ما يحدث هو مقدمة لشلل كامل, ليس بعيدا, وعلى مستويات أكبر, مع الأخذ في الاعتبار, أن عصيان بورسعيد كان سلميا, أو منضبطا إلى حد كبير, لم تتخلله أعمال تخريب هنا, أو تدمير هناك, لسبب وحيد, هو أن أهالي المدينة الباسلة يعرفون بعضهم بعضا, أما حينما تنتقل هذه الآفة إلى بؤر أخرى, فإن أحدا لن يستطيع السيطرة على الموقف بما يضمن سلميته, وهو الأمر الذي ينذر بمخاطر يجب أن تنتبه إليها السلطة الرسمية من الآن, وذلك لأن عمليات التخريب والتدمير قد لا تستغرق دقائق معدودة, إلا أن عملية إعادة البناء تتطلب عقودا عديدة, لا تتحملها إمكانات دولة تعاني تفاقم أزمات البطالة والتشرد والمرض, وقد يكون الجوع هو العامل المشترك في المستقبل, إذا لم يتم تدارك الأمر. في البداية نود أن نوضح أن مصطلح عصيان في قاموس المعاني يعني عدم الطاعة, ويعني ترك الانقياد, ويعني الامتناع عن تنفيذ الأوامر, ويعني الإعلان عن مقاومة الحكم القائم, ويعني التآمر أو التمرد ضد حكم ومقاومته, ويعني رفض الخضوع للقوانين.. والعصيان المدني استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة, مثل حالة المهاتما غاندي من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية, ومثل مقاومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا, وكذلك في حركة الحقوق المدنية الأمريكية, والنموذج الأكبر والأوسع نطاقا كان في مصر ضد الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية أيضا, وما واكبها من إعلان جمهورية زفتى في هذا الوقت, وهذا يعني أن العصيان المدني تم اللجوء إليه تاريخيا في حالات ضئيلة جدا, وفي مواجهة نماذج صارخة جدا أيضا, حيث الاحتلال, والفصل العنصري, والاضطهاد, وذلك لأنه سلوك غير شرعي من حيث المبدأ, إلا إذا اتخذ اتجاها شعبيا عارما, وهو ما لا ينطبق على الحالة المصرية الآن, وذلك لأن غالبية الشعب تستنكره بشده, إلا أنها تخضع وتضطر إليه مع سيطرة البلطجة والترويع. نحن إذن.. أمام أخطر كارثة تواجهها مصر في العصر الحديث, وليس بعد الثورة فقط, فالحديث الآن يدور عن انهيار اقتصادي خلال ثلاثة أشهر, والحديث يتواتر عن أزمة غذاء غير مسبوقة, والأنباء تكشف عن أزمة مالية كبيرة, ووزير السياحة تحدث أمس الأول عن خسائر في قطاع السياحة بلغت 2.7 مليار دولار خلال عام واحد, ووزير التخطيط تحدث من قبل عن خسائر بسبب المليونيات والإضرابات منذ ثورة يناير بلغت أكثر من مائتي مليار جنيه, وواقع محافظة بورسعيد يتحدث الآن عن خسائر يومية بالمنطقة الحرة تبلغ نحو 40 مليون دولار, وتغيير مسار السفن من ميناء بورسعيد إلى ميناء أشدود بإسرائيل, وقبل ذلك تحويل مساراتها من ميناء دمياط إلى ميناء إيلات, وانتعاش حركة السياحة الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة, بسبب تفاقم الأزمات في مصر, كما حملت الأنباء أمس الأول أيضا خبرا خطيرا, مؤداه أن المحاجر البيطرية الحدودية أصبحت متوقفة عن العمل بسبب إحجام التجار عن الاستيراد نتيجة ارتفاع سعر الدولار, أما عن أزمات الدواء, والسولار, والأسمدة, فحدث ولا حرج. وعلى الرغم من ذلك.. نجد بيننا من يؤيد, أو من يدعو إلى العصيان, حتى لو كانت كل مقومات الدولة سوف تسقط, مادام النظام الحاكم سيسقط معها, إلا أن الدولة والنظام الحاكم هنا لن يسقطا بفعل سياسي, أو بضغط القوى السياسية, وإنما بفعل أطفال الشوارع وضغط البلطجية, الذين يقودون الآن الشارع المصري إلى العنف, بدءا من الاعتداء على قصر الرئاسة بالاتحادية, مرورا بالاعتداء على الشرطة, وحرق وتخريب الفنادق, إلى أن تصدروا في النهاية مشاهد الإضراب, والعصيان, وقطع الطرق, ومنع الموظفين من الوصول إلى أعمالهم, والاستهانة المطلقة بقرارات الرئاسة, في ظل بطء واضح في اتخاذ القرارات, التي إن صدرت فقد يشوبها البطلان الدستوري, والعوار القانوني, ومثال ذلك تخصيص 400 مليون جنيه من عائد قناة السويس لمحافظات القناة الثلاث, وهو القرار الذي يضرب وحدة موازنة الدولة في مقتل, ناهيك عن أنه يفتح الباب واسعا أمام كل إقليم به آبار نفط أن يطلب نسبة من المستخرج, أو من لديه منافذ حدودية أن يطلب نسبة من الجمارك, أو من لديه شركات قطاع عام أن يطلب نسبة من ريعها, وهكذا. وإذا كانت التجربة البرازيلية, في التعامل مع ظاهرة المشردين والبلطجية, ماثلة للعيان, وذلك حينما أصرت قوات الجيش هناك على محوهم من الوجود, فإننا هنا لا نستطيع أن نجد في هذه التجربة مثالا يحتذي به, إلا أننا سوف نظل نطالب بتفعيل القانون في هذا الشأن, أو صدور قوانين استثنائية لمواجهتهم بما يتناسب وطبيعة المرحلة, أو طبيعة الجرم الذي يرتكبونه, فهم في النهاية ضحايا تهميش أنظمة سابقة, لم تولهم أي اهتمام صحي أو تعليمي أو معيشي, وقد وجدوا في مرحلة ما بعد الثورة ضالتهم في الاستئجار والارتزاق أحيانا, والسطو والخطف وفرض الإتاوات أحيانا أخرى, في غياب من سلطة الدولة الرسمية, التي تعاملت معهم كثوار, إذا كانوا أحياء, وشهداء إذا أصبحوا أمواتا, وبذلك اختلطت أوراق الثورة بأعمال البلطجة في قواميس الحكومة والمعارضة على السواء, وما على عامة الشعب إلا أن تسدد فاتورة هذا العبث كل صباح ومساء, على الطرق المقطوعة, والمصالح الحكومية المغلقة, والمدارس المحترقة, والمحاكم المعطلة, إلى أن امتدت هذه الأزمات إلى المواني والمصانع ومواقع الإنتاج ككل. ومن هنا.. فإن كارثة العصيان هذه, إذا كانت قد وجدت غطاء سياسيا من القوى المختلفة الموجودة على الساحة, وغطاء إعلاميا من بعض الفضائيات والصحف, فإنها في النهاية أصبحت تتفاعل ذاتيا, دون رأس يمكن التعامل معه, أو قيادة يمكن التفاهم معها, أو حتى مطالب محددة يمكن مناقشتها, وهو الأمر الذي يجعلنا أمام حالة من الفوضى العامة يصعب السيطرة عليها دون إجراءات حازمة وحاسمة على أرض الواقع, وبوتيرة متسارعة تتناسب مع سرعة الأحداث, التي تتفاقم يوما تلو الآخر على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وقد نستيقظ يوما على ما هو أسوأ, إذا لم يتم التعامل مع هذا الطفح اليومي بمأخذ الجد, وخاصة أننا نقرأ ونشاهد طوال الوقت سواء على المواقع الإلكترونية, أو من خلال الفضائيات, سيناريوهات للعبث, وإشاعة الفوضى, تقشعر لها الأبدان, وتنذر بأن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الخراب والدمار, دون أدنى مواجهة مع المخربين, أو من يتسترون عليهم, أو من يقومون بالتمويل, أو حتى من يجاهرون بالتحريض. لقد بدا واضحا.. أن العالم الخارجي بدأ يتنكر للثورة المصرية, ومن هنا وجدنا سريعا, بين مقربيهم, من يطالب بتنحي الرئيس, وبين ذويهم من يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة, ومن بين التيارات السياسية من يعلن مقاطعة الانتخابات البرلمانية, ومن بين القوى من يعوق الحوار الوطني, ومن بين الرموز من يزايد على العصيان, وذلك على اعتبار أن صك الحكم في مصر يجب أن تدمغه واشنطن, وهو أمر أثبتت الممارسة أنه حقيقة لا جدال فيها, وأثبتت التجربة أنه واقع أليم لا مناص عنه,على اعتبار أن ال90 مليون نسمة مازالوا في حاجة إلى وصاية خارجية, للأسف, ولم لا؟, ونحن لا ننتج غذاءنا بأيدينا, ولم لا؟, ونحن لم نصل بعد إلى سن الرشد, ولم لا؟, ومازلنا نتسول حتى الآن من العواصم والمنظمات والصناديق والبنوك الدولية.. ولذلك فمن المنتظر, خلال الأسابيع المقبلة, أن ترتفع نبرة المزايدة والمعارضة, وإثارة القلاقل والتوتر, مادامت هناك آذان صاغية لدى أبناء العم سام, ومن ثم فمن المنتظر أن تتزايد وتيرة العنف في المجتمع لسبب ودون سبب, مادام هناك غطاء سياسي في الداخل, وغطاء ضاغط من الخارج. وإذا كانت هذه الحقيقة, الصادمة, توجب علينا أن نعيد, من الآن, رفع شعار الاستقلال والخروج من التبعية, فقد بدا واضحا أن النخبة الحاكمة قد أقرت هذا الوضع وتعايشت معه منذ البداية, كما أن نخبة المعارضة قد وجدت فيه أيضا ملاذا آمنا للتمرد والشكوى والبكاء, كأداة ضغط على النظام, وبذلك, فقد التقى الفريقان تحت مظلة واحدة, وهي المظلة الأمريكية, التي يسعى الجميع إلى التلفح بها في السراء والضراء, وفي الرخاء والشدة, دون الأخذ في الاعتبار أن سلسلة التنازلات تحت هذه المظلة لا تنتهي, وأن المستظل بها يعيش وهم الغطاء, إلى أن يستيقظ عاريا على صيحات جموع الشعب, ولنا في الأولين العبرة, بدءا من شاه إيران, وليس انتهاء برئيس مصر السابق, إلا أنه رغم وضوح الرؤية إلى هذا الحد, فقد أصبحت آذان وأنظار جموع الشعب تتطلع إلى التصريحات الغربية, وخاصة الأمريكية منها, علها تجد فيها غايتها, إما بدعم النظام, وإما بالتخلي عنه؟!. نحن الآن.. أحوج ما نكون إلى العمل, وأحوج ما نكون إلى الاستقرار, وأحوج ما نكون لتعويض عامين من الانفلات في كل المجالات, وأحوج ما نكون إلى استعادة الثقة بالنفس, بعد أن شهد لنا العالم في بداية الثورة بالتحضر والشجاعة, وها هو اليوم ينظر إلينا بسخرية وضجر شديدين.. نحن الآن في حاجة إلى تعويض مئات المليارات من الدولارات خسرها الاقتصاد, سواء في الاستثمار, أو السياحة, أو سوق الأوراق المالية, أو في قيمة العملة المحلية, أو في تراجع الإنتاج, أو في تخريب المرافق, وحرق المنشآت.. نحن الآن في حاجة إلى الارتفاع فوق الأطماع الشخصية, والمصالح الآنية, وتصفية الحسابات, وذلك للارتقاء بالمجتمع وبمصر إلى الوضع الذي تستحق, بمنأى عن الأيديولوجيات, وبمعزل عن الصراعات السياسية, التي توارثتها أجيال, كان من المهم أن نسطر لها فصولا في الإيثار والفداء, والشهامة, بدلا من الأحقاد والمراوغة والتخاذل, وهو الأمر الذي لن تغفره هذه الأجيال مهما تكن المبررات. إلا أن الأمر الذي يجب تأكيده, هو أن زمام المبادرة مازال حتى الآن بيد النظام الحاكم, رئاسة وحكومة وبرلمانا, فالمواطن حتى هذه اللحظة لم يشعر بأي تغيير إيجابي في حياته بعد الثورة, بل إن الأمر قد ازداد تعقيدا, وارتفع عدد العاطلين, وأطفال الشوارع كذلك, والأسعار لم تعد تحت السيطرة, ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى إمكانية إعادة تأهيل جهاز الأمن, عن قصد, أو غير قصد, كما أن أوضاع المرافق تتراجع, والخدمات تزداد سوءا, وهو الأمر الذي يحتم إيجاد مخرج سريع من الوضع الحالي إلى آفاق أكثر رحابة, يشعر معها المواطن بتغيير حقيقي, يجعله يتصدى لكل محاولات العبث والتآمر, وأيضا العصيان, الذي إن أصبح توجها شعبيا, فسوف يصبح أمرا مشروعا, تتراجع أمامه القوانين المنظمة لحركة المجتمع وعلاقات العمل. .. وحديث المصالحة جاء لقاء الرئيس محمد مرسي بنحو 130 من رجال الأعمال الثلاثاء الماضي, بمثابة شهادة تقدير لهذه الفئة, وخاصة في هذه المرحلة التي تتطلب تطمينهم, ليس على استثماراتهم وأموالهم فقط, وإنما على وضعهم في المجتمع, كمجموعة ذات طبيعة خاصة, عانت بأعمالها وأموالها على مدى العامين الماضيين أكثر من أي فئة أخرى, في ضوء حملات التشهير من جهة, والإضرابات والاعتصامات والتجاوزات من جهة أخرى. ولأن المجموعة, التي شاركت في اللقاء, قد ضمت من كانوا مقربين من النظام السابق, ومن ليسوا كذلك, فقد بدا واضحا أن الرئيس قد حرص على إثبات أن الجميع سواسية, وأنه تم إغلاق هذا الملف الذي كان يزعج رجال الأعمال ويثير حفيظتهم, وهو الأمر الذي توجست معه بعض رءوس الأموال, فآثر بعضها الهجرة إلى الخارج, بينما أحجم البعض الآخر عن الاستثمار, انتظارا لما ستسفر عنه الأوضاع الحالية. ولأن القطاع الخاص في بلادنا يتحمل تشغيل الجزء الأكبر من الأيدي العاملة, فقد كان تأكيد الرئيس استعداده للقاء أسبوعي معهم بمثابة اعتراف بأهمية هذا القطاع, وهي مبادرة رئاسية وإن جاءت متأخرة كثيرا, فإنها في الوقت نفسه من أهم المبادرات التي كنا ننتظرها, وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الاقتصاد المصري. ففي ظل هذه الظروف أصبح الاستثمار الأجنبي في بلادنا ضربا من الخيال, وذلك لأن أي مستثمر لن يغامر بأمواله في بلد يفتقد الأمن, وخاصة إذا علمنا أن بلدانا كثيرة من حولنا تقدم إغراءات لا حصر لها للمستثمرين, بل إن مستثمرينا يجدون الأمن والترحاب في هذه البلدان أكثر مما يجدونه في وطنهم, وهو الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود للخروج من الحالة الراهنة ولبث الطمأنينة في نفوس هؤلاء وأولئك, ولن يتأتى ذلك بجهود الدولة الرسمية فقط, وإنما من خلال جهود شعبية تتصدرها منظمات المجتمع المدني على اختلاف مسمياتها. فقد كان هروب رءوس الأموال الأجنبية من مصر على مدى العامين الماضيين, ومن بعدها المحلية, من أكبر الكوارث التي أضرت بمجتمعنا على كل المستويات, فقد تم إغلاق أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة مصنع, بينما أصبح هناك أكثر من هذا الرقم لا يعمل بالطاقة نفسها التي كان يعمل بها قبل الثورة, في الوقت الذي افتقدنا فيه افتتاح منشآت أو مصانع جديدة, على الرغم من أن المجتمع يئن بجيوش العاطلين عن العمل. ولا يتعلق الأمر بالمصانع فقط, حيث تعطلت في الوقت نفسه عمليات استصلاح الأراضي وزراعتها, انتظارا للوقوف على توجهات الحكومة في هذا الشأن, وهل ستتجه إلى التقنين أم إلى السحب؟.. بل وصلت الشائعات إلى التأميم, وهو الأمر الذي كان يتطلب سرعة حسم هذا الملف, بإصدار قرارات وقوانين واضحة في هذا الصدد, بعيدا عن المزايدات وتصفية الحسابات. هي إذن مبادرة, من المهم أن تتلوها مبادرات أخرى تتعلق بالمصالحة مع كل رجال الأعمال الذين طالتهم تحقيقات هنا, أو اتهامات هناك, نتيجة ممارسات فرضتها الظروف في مراحل سابقة, ربما كانوا خلالها ضحايا أكثر من كونهم متهمين, ونحن لا نتحدث هنا عن التفريط في حق الدولة, أو في حقوق العباد, وإنما نؤكد فقط أهمية فض هذه المنازعات من خلال لجان متخصصة, تعمل على حل ما هو عالق من أجل مصلحة الوطن. فمن المهم تأكيد أن مصر في حاجة إلى كل أبنائها, وفي حاجة إلى استثمار أموالهم وعقولهم بالشكل اللائق, الذي لا تشوبه مظلمة, وكفانا ما هرب من أموال, وما هاجر من عقول, أسهمت جميعها في نهضة وبناء مجتمعات أخرى على الرغم من حاجتنا الشديدة إليها, وخاصة في هذه الظروف, إلا أن الفرصة لاتزال سانحة لتدارك الموقف, وما علينا إلا أن نكون على مستوى المسئولية قبل فوات الأوان. نقلا عن جريدة الأهرام