هل اصبحت كوريا الشمالية بمنىء عن الهجوم عليها الان؟ وهل اصبحت كوريا الشمالية تتجه لتصبح تهديدا وجوديا للولايات المتحدة؟. هذه التساؤلات طرحها مسؤول أمريكي كبير سابق تعليقا على تجربة بيونج يانج النووية هذا الأسبوع، و التى كانت أقوى الاختبارات الثلاثة النووية لكوريا الشمالية حتى الآن، و هو ما يجعلها تحوز على قنبلة ربما تبلغ قوتها نصف القنبلة التى دمرت هيروشيما في الحرب العالمية الثانية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت التجربة اعتدمت على البلوتونيوم، مثل السابقتين، أو ان تلك التجربة استخدمت اليورانيوم عالي التخصيب. وإذا كان قد استخدمته كوريا الشمالية ، فان لديها الآن اثنين من مصادر الوقود. و مع هذه التساؤلات و التخمينات ، نجد ان الحقيقة هي ان الاستخبارات الغربية لا تعرف سوى القليل جدا عما يجري داخل كوريا الشمالية، وخاصة داخل رأس ديكتاتور بيونج يانج الشباب المنمق كيم جونج أون. لا أحد يراقب عن كثب كوريا الشمالية من سول ، وقدكانت سول فى الثمانينيات و التسعينيات مشهورة بنقل معلومات استخبارية خاطئة عن الشمال.. والوحيد الذى اعترف بعدوجود معلوات دقيقة عن الجارة الشمالية هو الرئيس الكورى النوبى لي ميونج باك، الذي سيترك منصبه في 25 فبراير. وقال إنه في القضايا الحرجة مع كوريا الشمالية: "لا توجد لدينا معلومات دقيقة". كانت بيونج يانج مسالة عصبية بشكل حاد للولايات المتحدة وآسيا الشمالية منذ عقود. ولكن لقد تغيرت الأمور جذريا ، واصبحت كوريا تمثل تحديا جديدا لثلاثة محاور رئيسية هي: الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية والصين. كوريا الشمالية تزعم ان أجهزتها النووية الجديدة جاهزة، وهو ما يعني أنها يمكن أن تضعها على صواريخها. وربما هذا غير صحيح حيث تعتقد المخابرات الامريكية ان كوريا لا يزال امامها بضع سنوات بعيدا عن هذا، ولكن واشنطن تدرك محدودية مخابراتها. هاجس بيونج يانج مع الولاياتالمتحدة اصبح فى اطار المعادلات العادية الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدة والصين وكوريا الشمال والجنوبية . لكن بيونج يانج ترفض قبول هذا، وتريد دائما أن تتعامل مباشرة مع واشنطن. لكن الانخراط معها وسياسة التفاوض لم تجنى أي أرباح. منذ عقد من الزمان كسرت قصة وزارة الدفاع بانها تخطط لضرب كوريا الشمالية عسكريا لمنعها من الحصول على أسلحة نووية. وكانت الحجج ضد مثل هذه الضربة قوية جدا ودائما يحكم الحذر قرار واشنطن و يجبرها على عدم التصرف. ربما كان هذا هو القرار الصائب. ولكن الآن كوريا الشمالية تمتلك ما لا يقل عن عدة أجهزة نووية تجعلها بمنأى عن الهجوم عليها. وقد وجد الأمريكان ان لكيم جونج أون شخصية متناقضة وغير متوقعة تماما . فقبل ان يصبح زعيم لكوريا الشمالية بلا منازع، كان هو نفسه وراء قرار إغراق سفينة تابعة للبحرية الكورية الجنوبية، اوقعت خسائر كبيرة في الأرواح، وكذلك إطلاق قذائف مدفعية على السكان المدنيين في كوريا الجنوبية. و شخصية كيم كانت على قمة تحقيقات شديدة من المخابرات الامريكية. حيث قدم كيم عند توليه منصبه، إشارات عدة لرغبته بمزيد من الارتباط مع الغرب. فقد سمح بارتداء أنماط الملابس الغربية. و في خطوة غريبة الأطوار بشكل عام، سمح بنشر و اظهار رموز عالم ديزني خاصة في مدن الملاهي. كما دعا رئيس جوجل اريك شميت للزيارة. هناك بعض الأدلة على زيادة استقلال المزارعين في بيع منتجاتهم الخاصة، وزيادة صنع القرار على مستوى القرية ، وتطور الحياة في بيونج يانج، فلاول مرة اصبحت هناك الطبقة الوسطى .. صحيح انها مازالت صغيرة ولكنها واضحة . و الأكثر تشجيعا ، انه في بداية العام الماضي ووقع كيم اتفاقات ثنائية مع الولاياتالمتحدة، التي تنطوي على تبادل المساعدات الأمريكية مقابل تعليق كوريا الشمالية لأنشطة نووية معينة. كان كل هذا ينطوى على أمل كبير ، ولكن ضيعته عمليتي اطلاق الصواريخ الباليستية والاختبار النووي الجديد، ، و بث فيديو غريب على يوتيوب يضم تدمير شمال ولاية نيويورك في انفجار نووي. الان كوريا الشمالية اصبحت لا تهدد فقط الولاياتالمتحدة و الصين و كوريا الجنوبية بل ايضا استراليا مع وجود الصواريخ الباليستية، والذى من شانه ايضا لعب دورا رئيسيا في انتشار عالمي للقنابل النووية والصاروخية. لقد حصلت كوريا الشمالية على خبرتها النووية من الصين، ونجحت في تطوير تكنولوجيا الصواريخ. وحصلت باكستان قدراتها النووية مباشرة من الصين ايضا و من ثم ساعدت كوريا الشمالية بالتكنولوجيا النووية في مقابل الحصول على تكنولوجيا الصواريخ. و ايضا ساعدت باكستانايران بالتكنولوجيا النووية في حين ساعدت كوريا الشمالية ايران فى تطوير الصواريخ. وكانت كوريا الشمالية تساعد سوريا أيضا لبناء مفاعل نووي، والذى دمره الإسرائيليون . وأخيرا، ماذا عن تحدي بيونج يانج للصين؟ ومن المفارقات أن كوريا الشمالية هي الدولة الآسيوية الوحيدة التى نجحت فى تحدى بكين . . لكن الزعيم كيم يفهم عمق الالتزام الاستراتيجي العميق من بكين تجاه كوريا الشمالية. الصين تحتاج كوريا الشمالية كدولة عازلة. انها لا تريد، توحيد شبه الجزيرة الكورية، حيث ستجد حليف للولايات المتحدة على حدودها. ونتيجة لهذه الاعتبارات لا توجد فرصة لبكين لاتخاذ إجراءات جدية ضد بيونج يانج.