الكاتب الصحفى الامريكى جيفري جولدبرج و هو كاتب أعمدة شهير له مصادر نافذة بالبيت الابيض ، كتب مقالا يوصف فيه حالة العلاقة المضطربة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما و رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتانياهو مشيرا الى أنها تحمل الكثير من التجاهل و قدر أكبر من العناد و هو مايؤثر بشكل أو اخر على مصالح البلدين و عملية السلام فى الشرق الاوسط . و كشف فى أول سطور مقاله انه في المحادثات و الجلسات الخاصة لاوباما ، يصرح بأن نتنياهو يقود إسرائيل إلى أسفل الطريق نحو عزلة شبه تامة بمواصلته اعلان خطط بناء المستوطنات مشيرا الى انه بعد فترة وجيزة من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر نوفمبر لترقية وضع الفلسطينيين، اعلنت حكومة نتنياهو أنها سوف تُقدم على إقامة مستوطنة جديدة بمنطقة يطلق عليها E-1 بالضفة الغربية تضم 3 ألاف وحدة سكنية جديدة في القدسالشرقية والضفة الغربية. المستوطنة الكبيرة المزمع انشاؤها في المنطقة E-1، وهى منطقة فارغة بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، يجعل هدف الفلسطينيين المعتدلين سياسيا - الذين يأملون فى اقامة دولة متصلة جغرافيا - أكثر صعوبة في تحقيقه. و يقول جيفرى فى مقالة ، بالطبع كان رد فعل العالم على إعلان بناء المستوطنة فى E-1 بالطريقة المعتادة، فقد أدان هذه الخطط التى تعد بمثابة استفزاز وظلم ، كذلك ادارة الرئيس باراك أوباما ، انتقدت هذا القرار ، وقال تومي فيتور المتحدث باسم مجلس الأمن القومي " نحن نعتقد أن هذه الإجراءات تأتي بنتائج عكسية وتزيد من صعوبة استئناف المفاوضات المباشرة أو تحقيق حل الدولتين". ولكن ما لم يحدث من البيت الأبيض بعد هذا الإعلان هو في الواقع ، الامر الاكثر إثارة للاهتمام ، فعندما علم اوباما وهو من لديه تلك العلاقة الجدلية الشهيرة مع رئيس الوزراء الاسرائيلى ، لم يكلف نفسه حتى عناء الغضب..قائلا لعدة أشخاص إن هذا النوع من السلوك من جانب نتنياهو هو ما نتوقعه منه، وقال أنه أصبح معتاد على ما يعتبره انه هزيمة ذاتية لسياسات نظيره الاسرائيلي. وفي الاسابيع التي تلت التصويت بالأممالمتحدة، قال أوباما سرا وبشكل متكرر " إسرائيل لا تعرف ما هى مصلحتها " ، و من وجهة نظر أوباما ان الاعلان عن كل مستوطنة جديدة ، يأخذ نتنياهو بلاده على طريق العزلة شبه الكلية. وإذا اصبحت إسرائيل، وهي دولة صغيرة في منطقة وعرة ، منبوذة دوليا حتى من اصدقائها المقربين كالولاياتالمتحدة و هى اخر الاصدقاء الباقين حتى الآن، فانها لن تبقى على قيد الحياة .. فهناك ايران التى تشكل تهديدا على المدى القصير لإسرائيل ؛ وهناك سلوك إسرائيل نفسها الذى يشكل تهديدا لها ايضا على المدى الطويل. و يضيف جيفرى ان العلاقة المختلة وظيفيا بين نتنياهو وأوباما تتهيأ للدخول في مرحلة جديدة الأسبوع المقبل، مع احتمال اختيار الناخبين الاسرائيليين إبقاء نتنياهو فى السلطة وهذه المرة سيأتى على رأس ائتلاف أكثر تشددا من الائتلاف اليميني الذى يقوده حاليا. أوباما كان دائما على علاقة معقدة مع رئيس الوزراء لكن بالنسبة لمسائل الأمن الحقيقي، كان اوباما حليفا يمكن الاعتماد عليه، حيث شجع التعاون العسكري الوثيق مما يساعد في المحافظة على تفوق إسرائيل العسكري النوعي على منافسيها الإقليميين، والأهم، واعدا بأنه لن يسمح لإيران بعبور عتبة الأسلحة النووية و رغم كل الدعم الذى يقدمه اوباما الا ان نتنياهو اختار ان يؤيد منافسه المرشح الجمهوري ميت رومني في حملته الرئاسية العام الماضي. وبشأن المسائل المتصلة بالفلسطينيين، قال جيفرى يبدو ان الرئيس اوباما يرى رئيس الوزراء الاسرائيلى غير راغب في القيادة و تحمل إنفاق جزء من رصيده السياسي للدفع بالقضية الى التسوية و تبنى حل وسط. و يهاجم جيفرى الرئيس اوباما قائلا ان السناتور جون كيري من ماساتشوستس ، مرشح أوباما ليحل محل هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية، يقال أنه حريص على إعادة تنشيط عملية السلام بالشرق الأوسط ، ولكن أوباما - وهو الحائز بالفعل بجائزة نوبل للسلام - يعُتقد إلى حد كبير انه سيكون أكثر حذرا. فهو يرى ان حكومة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضعيفة، لكنه ايضا أصبح على قناعة بأن نتنياهو هو الأسير بشدة للوبي المستوطنين، لذا فاوباما غير مهتم بصنع أي شيء أكثر من لفتة تصالحية تجاه المعتدلين الفلسطينيين، ويرى أنه من الحكمة عدم الاستثمار في عملية السلام الان .. و يشير جيفرى فى مقاله بان أوباما، منذ كان عضوا بمجلس الشيوخ، كان يتمشى في تحليله بان التحدي الأساسي لاسرائيل هو عدم فصلها نفسها عن حياة الفلسطينيين بالضفة الغربية ، وان العالم في يوم من الأيام سيقرر أن اسرائيل تتصرف باعتبارها دولة فصل عنصري. أما عن عواقب السياسة الاسرائيلية ، فيرى كاتب المقال ان العواقب بالنسبة لإسرائيل ازاء إحباط أوباما ، ستكون محدودة على المدى القصير . فالولاياتالمتحدة لا تريد ان تقطع مساعداتها لإسرائيل، وجهود أوباما لإحباط طموحات إيران النووية سوف تستمر على الرغم من علاقته مع نتنياهو. ولكن من حيث الحماية الدبلوماسية الأمريكية وسط الأوروبيين وخاصة في الأممالمتحدة ، فان إسرائيل قد لاحظت مؤخرا تحولا كبيرا.. فخلال تصويت نوفمبر على ترقية وضع فلسطين ، دعمت الولاياتالمتحدة إسرائيل وطلبت من حلفائها في أن يحذو حذوها ، لكن في نهاية المطاف، انضم اليهم سبعة بلدان أخرى فقط ، بما في ذلك جزر المحيط الهادئ بالاو وميكرونيزيا. وعندما تتكرر مثل هذه القضية مرة أخرى، قد تجد إسرائيل نفسها بمفردها، و لن تكون مفاجاة لو فشلت الولاياتالمتحدة فى ضم أصوات لجانبها في المرة القادمة، أو إذا امتنعت الولاياتالمتحدة ولن تكون ايضا مفاجأة خاصة . أوباما يرى ان المخاوف الإسرائيلية بشأن الاضطرابات في سوريا وصعود الإخوان المسلمين مخاوف مشروعة في وجهة النظر الأمريكية، وأوباما يعلم أن التسوية الإقليمية في مثل هذه البيئة غير المستقرة أمر غير مرجح. وفى ختام المقال يؤكد جيفرى ان ما يريده أوباما هو اعتراف نتنياهو أن سياسات إسرائيل الاستيطانية تحول دون إمكانية التوصل إلى حل الدولتين، ويريد من نتنياهو أن يعترف بأن حل الدولتين يمثل أفضل فرصة للحفاظ على اسرائيل كدولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية .. فأوباما يريد، بعبارة أخرى، لنتنياهو ان يعمل في مصلحة إسرائيل.