تحتفل تونس بعد غد الاثنين بذكرى مرور عامين على فرار الرئيس زين العابدين بن علي في أجواء من القلق بسبب أعمال العنف الاجتماعي واقتصاد يتسم بالركود وتهديد الجهاديين ومأزق حول الدستور المقبل. وحل محل الآمال التي تم إحياؤها في الرابع عشر من شهر يناير من العام 2011 إثر نجاح أول انتفاضات الربيع العربي، القلق من استمرار الفقر رغم سقوط الدكتاتور زين العابدين بن علي والذي يعيش اليوم حياة المنفى في المملكة السعودية بعد 23 عاما من الحكم المطلق. حاليا فى تونس تقدر البطالة بنحو 17 بالمئة ، وتراجعت الاستثمارات الصناعية بنسبة 6 بالمئة في العام 2012 على المستوى الوطني وبنسبة 20 الى 40 بالمئة في المناطق الغربية من البلاد التي كانت مهد الثورة. ويقول سالم العياري رئيس الاتحاد التونسي للمعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات "بعكس ما تقول الحكومة، فإن نسبة البطالة زادت منذ الثورة وأصحاب الشهادات الجامعية يمثلون ثلث نحو مليون طالب عمل. واضاف أن التجاذبات السياسية والمحسوبية والفساد زادت من هشاشة وضع اقتصادي مازال حرج بالفعل . من جانبه , لخص دبلوماسي غربي الوضع في تونس - التي يحكمها حزب إسلامي منذ أول انتخابات حرة في البلاد في الثالث والعشرين من شهر أكتوبرمن العام 2011، بقوله إننا إزاء حالة "دوران في حلقة مفرغة" من دون أى تقدم. وجاء أوضح تعبير عن الوضع في اليابع عشر من شهر ديسمبر الماضي من العام 2012 في ذكرى بداية الانتفاضة على بن علي في سيدي بوزيد (وسط غربي)، حين رشق أهالي المدينة الحجارة على الرئيس منصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر أثناء موكب بالمناسبة. وتشهد البلاد بانتظام تحركات اجتماعية كما حدث بداية ديسمبر الماضي في سليانة (شمال غربي) حيث أصيب 300 شخص بجروح، والخميس الماضي في بنقردان (جنوب) حيث أحرق الأهالي الغاضبون مركز الشرطة ومقر الجمارك. وحذر راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الإسلامي الجمعة من تزايد مثل هذه الاحداث.وأوضح أنه لا يؤيد أن تتحول الثورة التونسية الى فوضى بحيث لا يريد أن تكون تونس مثل الصومال" معتبرا أن أعمال العنف "لا تشرف الثورة بل على العكس تهددها". ومع كل ذلك فإن السلطات لم تتخل عن الاحتفال بيوم الرابع عشر من يناير حيث ازدانت العاصمة بالأعلام الوطنية وتم نصب خيام لأنشطة ثقافية بالمناسبة. ومن المقرر ان يشارك في إحياء الذكرى ممثلون عن مصر وليبيا اللتين شهدتا تغييرات في سياق الربيع العربي، إضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ومن المتوقع أن يتم التوقيع بعد غد الإثنين على "عقد اجتماعي" بين السلطات والمركزية النقابية ومنظمة أصحاب العمل. وتؤكد الحكومة على مكاسب الثورة وخصوصا حرية التعبير والتعددية السياسية والنمو الاقتصادي الذي مر من ناقص 2 بالمئة في 2011 الى 3,5 بالمئة في 2012. لكن علاوة على التحركات الاجتماعية والمواجهات بين أنصار الحكومة ومعارضيها، فإن السلطات تواجه تنامي أقلية إسلامية متطرفة تملك أسلحة وتشكل خطرا حقيقيا على تونس في الوقت الذي يستمر فيه سريان حالة الطوارىء في البلاد منذ عامين. ففي ديسمبر الماضى تمت مطاردة عناصر مسلحة لأكثر من عشرة أيام على الحدود مع الجزائر. وتم توقيف 16 شخصا يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة في ما يعرف ببلاد المغرب الإسلامي.