قال رئيس مجلس ادارة اتحاد بنوك مصر هشام عزالعرب، إن مصطلح "الإستدامة"، تردد كثيرا في الآونة الأخيرة وهو في مدلوله الظاهري يعني استمرارية الأشياء، ولكن جوهره أعمق بكثير، حيث أنه يعنى السياسات التي تضمن "البقاء"لجميع جوانب الحياة التى نخشى نضوبها ونسعى للحيلولة دون نفاذها. وأضاف عزالعرب -في مقال نشرته مجلة "البنوك" الخاصة باتحاد بنوك مصر- أن البعض يخطئون بقصر مفهوم الاستدامة على الأمور البيئية فحسب، لأن الاستمرارية ومبادئها تنطبق على كافة أنشطة الحياة من اقتصاد وعلوم وبيئة واجتماع مع اختلاف درجات تأثيرها. والسبب وراء ربط كلمة الاستدامة بالعوامل والموارد البيئية فقط لأمرين الاول هو عدم الوعى الكافى بمدلول ومفهوم الإستدامة، وارتباط الإنسان منذ نشأته بالبيئة،والاعتقاد السائد بأن البيئة ما خoلقت إلا لخدمته وليفعل بها ما يشاء حتى إذا أدى ذلك إلى أعلى درجات التعدى عليها، بدأ ذلك مع الثورة الصناعية، واستمر حتى اليوم وإن تعددت الأشكال. وتابع بالقول إن الاستدامة فى شموليتها يجب أن تبدأ من المجتمع بجميع فئاته،وأن يدرك الجميع أهميتها للمجتمع بشكل عام، وللفرد بشكل خاص، وإن الفرد هو المتحكم الأول فى جميع الموارد المحيطة به،علما بأن الاستدامة تبنى على ثلاث ركائز، وهى الاقتصاد،والمجتمع، والبيئة، ولا يستقيم الأمر إلا بمراعاة متغيراتها. وأضاف أن"الطاقة تعتبرعلى سبيل المثال المؤثر الأساسى فى هذه الركائز والتى تدعم تطور الاقتصاد ورخاء المجتمعات من جهة، ولكنها تؤثر سلباk على البيئة من جهة أخرى. ويعد ارتباط الطاقة بالفرد ارتباطاk وثيقاk، ولذلك خفض استهلاك الطاقة مسؤولية عامة على كل أفراد المجتمع والمؤسسات كل بقدر استطاعته وهناك العديد من المؤسسات المصرية التى بادرت بتعزيز قدراتها فى التحول للطاقة النظيفة، وتم نشر هذه الثقافة فى المجتمع فمن المؤكد النتائج ستكون مؤثرة سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى أو البيئى، ويجب على الجميع التكاتف من أجل الحفاظ على البيئة وتنميتها وتطوير مواردها والا سيكون هناك خطر يهدد العالم". وأكد أنه يجب أن نتفق أولا أن مصطلح الاستدامة واسع النطاق، لا يقتصر على جزء بعينه ويمكن تطبيقه على كافة أوجه الحياة. على سبيل المثال، عندما توفر المؤسسات التدريبات اللازمة لتنمية وتعزيز مهارات الموظفين فهى بذلك تهدف إلى الحفاظ على الكفاءات واستدامتها بالمؤسسة، والذى بدوره يساهم فى تحقيق نتائج إيجابية على صعيد الأداء العملى، وبالتالى الأرباح التجارية مع ضمان استدامتها. واستشهد عزالعرب بمثال يبرهن على أهمية تطبيق مفهوم الاستدامة فيما يتعلق بالأمور الاجتماعية، هو المشروعات المرتبطة بالمسؤولية المجتمعية للشركات، مثل تنمية العشوائيات وإصلاح الطرق وتوصيل شبكات المياه والصرف الصحى والكهرباء، خموضحا أنه لا جدوى من مشروع يoنفذ ولا تتم متابعته باستمرارية فيتدهور، ومن هنا تبرز أهمية "استدامة"المتابعة الدورية لضمان استمرار الأثر الإيجابى لهذه المشروعات على المجتمع والمواطنين. وأشار إلى أن مسؤولية تطبيق الاستدامة مسؤولية الدول بكل أجهزتها الرسمية، فى حين يرى البعض أنها مسؤولية منظمات المجتمع المدنى وهناك فئة أخرى تعتقد أنها مسؤولية المؤسسات الخاصة الكبرى ومنها بالطبع المؤسسات المالية بكافة أنواعها وعلى رأسها البنوك. واستطرد بالقول "الاستدامة هى مسؤولية كل مواطن، سواء منفردا أو تابعا لمجموعة أو مؤسسة ، وهناك العديد من المؤسسات والشركات طبقت فكر الاستدامة بنجاح كبير، فلا توجد مؤسسة منفردة تستطيع نشر فكر الاستدامة مهما بلغت قوة هذه المؤسسة، ولكن إذا قامت كل المؤسسات الكبرى والشركات بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى بتطبيق الاستدامة ونشر الفكر فى المجتمع فمن المؤكد سيختلف الوضع كثيرا". وأضاف أن الاستدامة تحقق احتياجاتنا فى الحاضر، مع الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة فى المستقبل.، وبذلك فالثلاث محاور الأساسية للاستدامة هى "الانسان" من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، و"البيئة" فى الحفاظ على الموارد الطبيعية ومحاولة احيائها،و"التنمية الاقتصادية".