اعلن الجمهوريون في الكونغرس الامريكي انهم سيلجأون الى "الخطة باء" لتجنب الهاوية المالية التي تتهدد البلاد في غضون 14 يوما وذلك بتقديمهم اقتراح قانون يتضمن مطالبهم بشأن الضرائب والانفاق، في مسعى للضغط على الرئيس باراك اوباما الذي سارع الى رفض هذه الخطة. وقبل 14 يوما من وقوع الولاياتالمتحدة في "الهاوية المالية"، وهو مصطلح يعني زيادة الضرائب وخفض النفقات العامة في حال لم يتوصل الكونغرس والبيت الابيض الى اتفاق بهذا الشأن، اعلن رئيس مجلس النواب جون باينر امام كتلته الجمهورية انه سيتقدم بشكل احادي الجانب باقتراح قانون يرفع الضرائب اعتبارا من مطلع العام المقبل على اصحاب المداخيل السنوية التي تبلغ مليون دولار وما فوق. ويمثل هذا الطرح تنازلا من جانب الجمهوريين الذين كانوا يرفضون زيادة الضرائب على جميع الاميركيين، في حين ان الرئيس اوباما يطالب بان تشمل زيادة الضرائب اصحاب المداخيل التي تبلغ سنويا 400 الف دولار وما فوق، في تنازل ايضا من جانبه كونه كان يطالب في البدء بتوسيع قاعدة المكلفين المشمولين بالزيادة بحيث تبدأ الزيادة في الضرائب على المداخيل البالغة 250 الف دولار سنويا وما فوق. وسارع البيت الابيض الى رفض "الخطة باء"، مؤكدا ان لا فرصة على الاطلاق لان يتم اقرارها في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديموقراطيون. وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية جاي كارني في بيان ان اوباما "ليس مستعدا للموافقة على اتفاق لا يفرض ما يكفي من الضرائب على الاكثر ثراء وعلى العكس من ذلك يلقي العبء على كاهل الطبقة المتوسطة وكبار السن". وفي الواقع فان المفاوضات الماراثونية بين اوباما وباينر لتجنيب البلاد الهاوية المالية احرزت في الايام القليلة الماضية تقدما كبيرا بحيث لم تعد مواقف الرجلين متباعدة كثيرا كما كانت عليه في البداية. فموضوع زيادة الضرائب على الاغنياء والذي كان بمثابة "موضوع محرم" لدى الجمهوريين لم يعد كذلك بل اصبح موضع نقاش واخذ ورد. ولكن مع هذا لا تزال هناك هوة لا يستهان بها بين خطتي اوباما وباينر تصل قيمتها خلال عشر سنوات الى مئات مليارات الدولارات، ولا سيما بشأن مسألة الانفاق الحكومي. فباينر يواصل الضغط على اوباما لدفعه الى تقديم المزيد من التنازلات، في حين ان الرئيس اكد مسبقا انه لن يتزحزح عن موقفه الرامي الى حماية الاميركيين الاكثر فقرا الذين يعتاشون من الاعانات الاجتماعية والمعاشات التقاعدية التي يريد الجمهوريون تقليصها. وقال باينر خلال الاجتماع الاسبوعي لكتلته البرلمانية ان "البيت الابيض لا يبدو مستعدا للقبول بمقاربة متوازنة والوقت يمر"، مضيفا انه "على الرغم من اننا ننتقل الى الخطة باء فنحن نترك الباب مفتوحا امام اي خيار افضل. الخطة باء ليست خطة باء من باب الصدفة: انها حل اقل من مثالي. لطالما اعتقدت ان بامكاننا ان نقوم بما هو افضل من هذا". وعمليا فان قانون خفض الضرائب على جميع الاميركيين الذي اقر في عهد الرئيس السابق جورج بوش ينتهي مفعوله في 31 كانون الاول/ديسمبر، وكلا الحزبان متفق على وجوب تجديد العمل بهذه التخفيضات الضريبية على جميع الاميركيين باستثناء الاكثر ثراء من بينهم، وهنا تكمن نقطة الخلاف: ما هو المدخول السنوي الذي يعتبر صاحبه من فئة الاكثر ثراء. والشق الثاني من "الهاوية المالية" يقوم على خفض عام وتلقائي للنفقات العامة، وهو خفض كلا الحزبان ايضا متفق على ضرورته ولكنهما يريدان ان يكون خفضا مدروسا في قطاعات محددة لا ان يشمل كل القطاعات بشكل عشوائي. واكد مصدر قريب من باينر الثلاثاء ان "الخطة باء" هدفها الاوحد هو الضغط على البيت الابيض لارغام الرئيس اوباما على تقديم تنازلات جديدة، مشددا في الوقت نفسه على ان المفاوضات بين الجانبين لم تنقطع وما زالت مستمرة. وفي حال التوصل الى اتفاق بين اوباما وباينر ترفع الخطة الى مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس لاقرارها قبل نهاية السنة. وحذر زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد الديموقراطيين الاثنين من انه "يبدو اننا سنعود غداة عيد الميلاد لانجاز العمل على الهاوية المالية". كذلك استبق قادة الجمهوريين في مجلس النواب الامور وحذروا نوابهم منذ الاسبوع الماضي بانه سيترتب عليهم على الارجح الحضور ما بين عيد الميلاد ورأس السنة.