أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكبار المشرعين الأمريكيين مفاوضات ماراثونية أمس السبت لبحث مشكلة الدين لكنها لم تخرج بنتيجة مما قد يهدد الاقتصاد الأمريكي بكارثة إن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين العام قبل عشرة أيام. واتهم رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي السناتور هاري ريد مساء السبت الجمهوريين بدفع الولاياتالمتحدة إلى "شفير التخلف عن السداد" برفضهم التنازل في المفاوضات المصيرية الجارية بين الحزبين حول رفع سقف الدين العام. وقال ريد في بيان إن "عدم استعدادهم لتقديم تنازلات يدفع الولاياتالمتحدة إلى شفير التخلف عن السداد"، وأضاف أن "وقت السياسة قد نفد والوقت الآن هو للتعاون". وصدر بيان ريد بعد يوم ماراتوني من المفاوضات الفاشلة في البيت الابيض ومن ثم في الكونغرس، لتجنيب البلاد كارثة مالية محتومة بعد عشرة أيام في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق على رفع سقف الدين العام وبالتالي عدم الوقوع في فخ التخلف عن السداد. وأوضح ريد أن نقطة أساسية في الخلاف بين الجانبين في المفاوضات الرامية إلى رفع سقف الدين إلى أكثر من ال14,3 تريليون دولار التي بلغتها المالية العامة في 16 مايو، تكمن في ما إذا كان تمديد فترة السماح بالاقتراض سيمتد لغاية الانتخابات الرئاسية في 2012. وقال إن "أي شيء أقل من هذا لن ينجح في توفير الطمأنينة التي تتطلع إليها الأسواق والعالم أجمع، ويهدد بخفض فوري لمستوى التصنيف الائتماني للولايات المتحدة". وأدلى ريد بهذا التصريح إثر مشاركته في جولة مفاوضات مع كل من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل وزعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي. وأضاف "آمل أن يعيد رئيس المجلس باينر والزعيم ماكونيل النظر في موقفهما المتعنت". بالمقابل أعلن مسؤول أمريكي لوكالة فرانس برس أن باينر أعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين العام قبل بعد ظهر الأحد أي قبل أن تبدأ التداولات في أسواق المال في آسيا. وأوضح المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه أن باينر أعرب عن هذه الرغبة خلال اجتماع عبر الهاتف مع برلمانيين جمهوريين آخرين، مؤكدا أن الزعيم الجمهوري "يدرك المخاوف المتعلقة بالأسواق الآسيوية". وبحسب أحد المشاركين في هذا الاجتماع فإن باينر دعا زملاءه إلى رص صفوفهم والتمسك بموقفهم، مشيرا إلى أن المفاوضات مع البيت الابيض تتناول خفض نفقات الدولة الفدرالية من أربعة آلاف مليار دولار إلى ثلاثة آلاف مليار. ويضع الجمهوريون هذا الخفض شرطا مقابل الموافقة على رفع سقف الدين العام الذي تجاوز ال14 ألف مليار دولار. وأوباما مستعد للتضحية ببعض النفقات ذات الطابع الاجتماعي لكنه يطالب في المقابل بزيادة الضرائب على الفئات الأكثر ثراء وهو ما يعارضه الجمهوريون معارضة تامة. وإذا لم يتم التوصل قبل الثاني من أغسطس إلى اتفاق حول رفع سقف الدين العام، تصبح الإدارة الأمريكية في حالة تخلف عن السداد، الأمر الذي من شأنه أن يعرض الاقتصاد العالمي بمجمله للخطر. وكان البيت الأبيض دعا في أعقاب اجتماع صباح السبت بين أوباما وقادة الكونغرس إلى "تجنب المناورات السياسية المتهورة" في ما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني "بدلا من ذلك عليه (الكونغرس) أن يتحلى بالمسؤولية ويقوم بواجبه بما يحول دون التخلف عن سداد الديون وبما يؤدي لخفض العجز في الموازنة". وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس أوباما خلال الاجتماع "أعاد تأكيد معارضته لرفع سقف المديونية لاجل قصير"، مضيفا ان اي اجراء محدد باجل قصير قد لا يجنب الولاياتالمتحدة تدني تصنيفها الائتماني. لكن بالرغم من الفشل المدوي لمفاوضات الجمعة بين أوباما وباينر لم تتوقف المحادثات. وقال كارني "إن قادة (مجلسي الشيوخ والنواب) وافقوا على العودة الى الكونغرس للتحدث الى كتلتيهما وبحث الطريقة التي تساعد على التقدم والمحادثات ستتواصل طوال يوم السبت". من جهته أكد باينر بدوره ان اعضاء المجلسين سيواصلون العمل. وأضاف "خلال عطلة نهاية الاسبوع سيعد الكونغرس حلا مسؤولا للخروج (من المأزق)، سيعمل قادة مجلسي النواب والشيوخ لايجاد حل مدعوم من الحزبين من اجل خفض نفقات واشنطن بشكل كبير وصون الثقة (تجاه اقتصاد) الولاياتالمتحدة". في الجانب الديموقراطي، قالت بيلوسي "انها تأمل" ان يتم التوصل الى اتفاق قبل الاثنين. وأضافت "يجب الاستفادة من كل لحظة". وكان أوباما حذر مساء الجمعة الكونغرس من ان "وول ستريت ستفتح غداً الاثنين وسيكون من الأفضل ان نجد اجوبة في الأيام المقبلة". وقال "الأمريكيون تعبوا من عجز الكونغرس عن التحرك". كما أكد استعداده لأن يتحمل وحده مسؤولية رفع سقف الدين. وقال "في النهاية إن مسؤوليتي هي ضمان تجنيب الشعب الأمريكي وقطاع الاعمال الأمريكي مصاعب فوق العادة". وبين خطط الإنقاذ إجراء تشريعي معقد يسمح لاوباما بالاضطلاع وحده بمسؤولية رفع سقف الدين. ويطالب الرئيس بأن يكون رفع سقف الدين كافيا لسنتين، أي بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2012 التي سيترشح اليها لولاية ثانية. وفي حال لم يتم ذلك فان الولاياتالمتحدة قد تتعرض ل"خفض تقييم الدين" من قبل وكالات التصنيف المالي كما قال كارني أمس السبت.