أعلن نبيل فهمي سفير مصر في واشنطن أن مصر ترفض سياسة ليّ الذراع ولاتقبل بأي حال أي تدخل في شؤونها وأن المساعدات الأمريكية ليست هبة بل استثمار لمصالح أمريكا في المنطقة والتلويح بها من آن لآخر لايخدم مصالح البلدين. وقال السفير -في تصريحات خاصة لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بواشنطن- إن مشروع القانون الذي أقرته لجنة الاعتمادات بمجلس النواب أقر إجمالي المساعدات الأمريكية لمصر كاملة ولم يقلصها لكنه أدرج ضمن نص هذا المشروع التوصية بحجب 200 مليون دولار رهنا بقيام مصر بتحقيق تقدم في تدريب قوات الأمن وضمان استقلالية القضاء ومكافحة عمليات تهريب الأسلحة عبر سيناء إلي غزة. وقال "إننا كنا ولازلنا علي أتم استعداد لأن نشرح كل مايجري في مصر بما في ذلك تطوير البنيان السياسي المصري من منطلق أنه ليس هناك مانخجل منه". وأكد السفير أن مصر لم تقبل في الماضي أن يفرض عليها قرارات من الخارج ولن تقبل بهذا اليوم أو في المستقبل، مشيرا إلي أن هناك فارقا بين الحوار الثنائي بين الدول الذي ينتهي إلي وضع إطار معين من التعاون بما في ذلك تقديم المساعدات وبين وضع شروط معينة في محاولة للي الذراع من أجل تحقيق أهداف معينة وشخصية لعدد من النواب. وأردف بأن لي الذراع من أي حكومة أو أي مجلس نيابي هو أمر مرفوض إذ لايمكن أن تمارس سياسة أو تنظم علاقة علي أساس اهتمامات شخصية لنائب معين اليوم ونائب آخر في اليوم التالي. "فنحن نتحاور مع النواب دائما ونوضح الأمور لكن يجب أن تكون العلاقة قائمة علي احترام متبادل". وقال نبيل فهمي سفير مصر في واشنطن إن التلويح والتهديد بالمساعدات بشكل متكرر ليس من مصلحة أي من الطرفين إذ إن المساعدات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لمصر ليست هبة لكنها تقييم أمريكي بأنها تخدم المصلحة الأمريكية وشدد علي أن هذه المساعدات لاتعني التنازل عن السيادة حيث نقبل بالمساعدات ونحتفظ في الوقت نفسه بحق القرار وفي إطار برامج واتفاق مبرم بيننا وبين واشنطن. وأشار إلي أن هذه المساعدات بمعني آخر هي استثمار لمصالح أمريكا في الشرق الأوسط ولم تكن ولن تكون في يوم من الأيام سببا لتنازل مصر عن حقها السيادي في اتخاذ القرارات التي تراها وقال فهمي إن هناك أمثلة في الماضي حاول فيها البعض الربط بين أمور سياسية ومسألة المساعدات وذكر موقفا شبيها حدث في مرحلة معينة أثناء المحادثات بشأن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والولاياتالمتحدة حيث قررت الإدارة الأمريكية الربط بين التوصل لهذه الاتفاقية وبين بعض الأمور الداخلية في مصر فكان الرد المصري علي الفور بأنه لاداعي لبدء المفاوضات. وأضاف أن هذا لايعني أن هناك أزمة في العلاقات المصرية الأمريكية لكن لايمكن أن ننكر أن الأسابيع الثلاثة الماضية لم تكن أياما طيبة في هذه العلاقة إذا أخذت سلسلة التصريحات التي صدرت عن الإدارة ثم مايدور في الكونجرس الآن في الحسبان. وأشار الي أن هذا التحرك من الكونجرس ربما يتوقف عند مرحلة معينة وربما يستمر حتي يكتمل مؤكدا أننا نحترم حقهم التشريعي في اتخاذ مايرون من قرارات لكننا نحترم أكثر حقنا السيادي ولن نقبل رهن القرار المصري بالمساعدات حيث إن أي نشاطات داخلية في مصر خاصة مايتعلق بالعمل السياسي أو القضائي هو شأن مصري داخلي بحت. وأكد سفير مصر في واشنطن رفض أي تدخل في أمورنا الداخلية وخاصة مايتعلق بالعمل القضائي أو الممارسة السياسية. وقال إننا لانمانع في أن تتابع أي دولة مايدور في مصر لكن التدخل أو محاولة التأثير علي مايتم أو الحكم عليه فنحن لانقبله إذ إن ذلك لايحق إلا للشعب المصري الذي يملك حق القبول أو الرفض. وقال إن انتخابات مجلس الشوري الأخيرة مثلها مثل الانتخابات البرلمانية التي سبقتها تجلت فيها العديد من الممارسات الإيجابية كما شابها بعض الانتقادات والشكاوي التي قدمت بالفعل وكانت محل بحث دون اعتراض.. مشيرا الي أن هذه التعليقات أو الأحكام تقبل من المعارضة المصرية لأنها طرف في العملية السياسية وجزء من النسيج المصري مثلها في ذلك مثل الأغلبية المصرية. وأكد فهمي أن أي دولة ربما يحق لها أن تأمل في أن تقود مصر المنطقة وهو في حد ذاته اعتراف بريادة مصر ومكانتها "لكن مانتحفظ عليه هو تقييم انتخابات أو واقعة أو حكم محكمة، حيث إن هذه أمور سياسية يجب أن تترك للشعب أن يحتكم فيها وللقضاء أن يقطع بشأنها. وقال "إذا كنا نحرص علي استقلالية القضاء المصري حتي من سيطرة الحكومة المصرية فكيف نقبل أن تقوم حكومة أخري بالحكم علي قرار محكمة بأنه عادل أو جائر" وأضاف قائلا "إننا تابعنا ماحدث في انتخابات بوش-آل جور لكننا لم نسمح لأنفسنا أن نقيم هذه الانتخابات". وقال "إننا رفضنا تصريحات الرئيس جورج بوش في براغ وكذلك تعليق الخارجية فيما يتعلق بانتخابات مجلس الشوري" .. وأضاف قائلا "إننا نتحفظ علي لغة الخطاب هذه ونرفض تدخل أي أحد مهما كانت مكانته في الممارسة السياسية المصرية". وحذر سفير مصر في واشنطن من أن هذه التراكمات والتصريحات من شأنها أن تترك آثارا غير إيجابية علي العلاقات المصرية الأمريكية علي الأقل علي المدي القصير لأن لها انعكاسات سلبية علي المناخ العام الذي يدور في إطاره الحوار ليس فقط بين المسئولين بل أيضا في الرأي العام الذي يعمل فيه المسؤولون من الجانبين. وعلي صعيد الأحداث والتطورات في الأراضي الفلسطينية، قال السفير إنه لايستطيع الدخول في تفاصيل الحوار الذي يدور بين مصر والإدارة الأمريكية بشأن هذا الوضع. وقال إن الحوار لايتضمن طلبات من الحكومة المصرية بقدر ماهو تقييم للموقف والتشاور حول مايمكن القيام به وأضاف أن الاتصالات بدأت مساء الاثنين الماضي بين الخارجية الأمريكية والسفارة المصرية حتي أنهم اتصلوا بالسفارة مايقرب من ثماني مرات ثم جرت اتصالات بين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط. وقال إن السؤال الذي تلقته مصر من الإدارة الأمريكية هو ماذا ستفعلون لو أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حل الحكومة الفلسطينية. وقال فهمي إن رد مصر كان هو أنها ستحاول التوصل إلي هدنة لوقف إطلاق النار بين فتح وحماس وأشار إلي أنه اجتمع بمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدني ديفيد وولش أمس ودار الحوار معه حول الوضع الأمني في غزة وماإذا كانت حماس ستستطيع أن تسيطر علي الوضع.