تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد الرئيس النيجيرى السابق اولوسيجون اوباسانجو و عضو لجنة " تقدم افريقيا " التى يراسها كوفى عنان ، كتب مقالا على موقع شبكة سى ان ان الاخبارية الامريكية ، يفند فيه الصورة القاتمة التى تطغى على افريقيا و السمعة السائدة عنها بانها تتضور جوعا .. مؤكدا انه امر ظالم لإمكانات القارة السوداء . و يقول اوباسانجو ان صور الأطفال الذين يتضورون جوعا، والتي تجسدت في التغطية الإخبارية للمجاعة فى اثيوبيا خلال عقد الثمانينيات من القرن المنصرم ، أعطت صورة غير صحيحة عن افريقيا ،مشيرا الى ان لجنة "تقدم أفريقيا" و غيرها من الجهات الدولية تعتقد أن أفريقيا لديها القدرة ليس فقط على إطعام نفسها، ولكن أيضا لتصبح المورد الغذائي الرئيسي لبقية العالم.. صحيح أن تقرير صدر مؤخرا عن ثلاث من وكالات الاممالمتحدة يقول ان نحو 239 مليون شخص في أفريقيا يعانون من الجوع ، وهو رقم أعلى بنحو 20 مليون عن ألاربع سنوات التى مضت، كذلك فان الأزمات التي حدثت مؤخرا في منطقة القرن الأفريقي والساحل تسلط الضوء على الشكوك بتأكيد الحاجة الماسة لإمدادات غذائية لملايين من الافارقة الذين يعانون من سوء التغذية التى مازالت تؤثر تاثيرا عميقا في احداث التقدم على صعيد الصحة والتعليم. لكن لننظر على سبيل المثال، الى الأراضي الزراعية في أفريقيا نجد انه ووفقا لتحليل حديث ، أفريقيا لديها نحو 600 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة غير المزروعة، وهو ما يقرب من 60 في المئة من الإجمالي العالمي. وبالنسبة للارض المزروعة فى افريقيا فان استخدام التكنولوجيات والتقنيات التي عفا عليها الزمن مازال السبب وراء إلانتاجية المنخفضة. فانتاج غلة الحبوب الأفريقية، على سبيل المثال، ليس سوى أكثر قليلا من ثلث المتوسط العالمي بالدول المتقدمة و السبب الرئيسي هو أن ما يصل إلى 80 في المائة من الزراعة في أفريقيا لا يزال تعتمد على المطر و ليس الري والسؤال هو ..ما الذي ينبغي عمله لزيادة الإنتاجية الزراعية في أفريقيا؟ و فى المقال يستعرض الرئيس النيجيرى السابق عدة طرق لزيادة الانتاجية الزراعية الافريقية و من بينها .. اولا انه يجب ان تركز سياسات الحكومات الأفريقية و الجهات الزراعية المانحة على صغار المزارعين. وترى بعض الحكومات الأفريقية الزراعة كوسيلة لزيادة الإنتاجية على نطاق تجارى واسع ، لكن يمكن لأفريقيا أن تزيد انتاجها الغذائي وتخلق فرص عمل كثرة و تحد من الفقر على النطاق المطلوب دون المساس بأصحاب الحيازات الصغيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فان سكان أفريقيا ينمون سريعا مما يجعل خلق فرص العمل للشباب مسألة ملحة بالنسبة للعديد من الحكومات في القارة وبالفعل هناك ما يقرب من كل اثنين من كل ثلاثة أفارقة يعتمدون على الزراعة في معيشتهم. وفي بلدان مثل إثيوبيا وكينيا .. تعد الزراعة أمر أساسي للحد من الفقر ، وتبين في هذه البلدان، ان النمو الزراعي كان وسيلة للحد من الفقر أسرع مرتين من أي قطاع آخر. ولهذا يجب على الحكومات أن تستثمر في البنية التحتية التي تتيح لأصحاب الحيازات الصغيرة وصولا أفضل إلى الأسواق، بما في ذلك مرافق التخزين للحفاظ على منتجات ذات نوعية جيدة، وتشييد طرق جديدة وأفضل و يتعين على الحكومات أيضا أن تستثمر في البحث والتطوير لمساعدة صغار المزارعين فى الوصول إلى تقنيات وتكنولوجيات جديدة مثل البذور المقاومة للجفاف. وينبغي تشجيع الابتكارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما قد يساعد أيضا على إشراك الشباب الأفارقة في هذا القطاع. ثانيا ، يجب على الحكومات الأفريقية التعامل مع قضية الاستيلاء على الأرض ، حيث ان النمو السكاني، وازدهار الطبقة المتوسطة العالمية، والبحث عن مصادر الطاقة منخفضة الكربون يعني أن الطلب على الغذاء والوقود الحيوي سيزداد ويصبح حاجة ملحة و ويشتعل السباق لاكتشاف فرصة الربح، ويتدافع المستثمرين الأجانب للحصول على جزء من الكعكة ، فيستأجرون الأراضي، ويستخدمون أحدث الأساليب الزراعية (بالإضافة إلى مصادر المياه الثمينة )، لتصدير المواد الغذائية، وجنى الثروات. ولقد كانت أفريقيا مركز صفقات الأراضي العالمية بين عامي 2000 و 2011، فقد شهدت أفريقيا 948 صفةق أراضي تقدر تغطي نحو 124 مليون هكتار - وهى مساحة أكبر من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة مجتمعين - وكثير من هذه المعاملات تشمل البلدان الواقعة على طول نهر النيل ونهر النيجر ، حيث تستخدم المياه لري المشاريع الزراعية الكبرى و يحوز المستثمرون الأجانب على تنازلات الإيجار المنخفض مع إعفاءات ضريبية واسعة النطاق. و غالبا ما يتم التفاوض على عقود هذه الاراضى خلف الأبواب المغلقة دون استشارة المجتمعات المحلية المتضررة. وبالفعل، شهدت العديد من هذه المخططات السلب القسرى لأراضي المزارعين المحللين. و كثيرا ما تتعطل بعض المشروعات .. ففي إثيوبيا، في ابريل عام 2012 نصب كمينا مسلحا لمجموعة من العمال بمشروع زراعي تملكه السعودية، مما أسفر عن مقتل خمسة اشخاص. ويقول محللون انه تم الربط بين الكمين و خطة المشروع لاستخدام كميات كبيرة من المياه الثمينة من نهر الورو Alwero القريب، الذى يعتمد عليها الآلاف من الناس في ابقائهم على قيد الحياة. و لجنة تقدم إفريقيا،تؤيد المزج بين الخبرات الأجنبية مع المعرفة المحلية لزيادة الإنتاج، وتوليد فرص العمل، ونقل المعرفة الفنية ولكن ما لا تحتاجه أفريقيا، ولا يمكن أن تتحمله ، هو استخدام الأراضي والمياه الأفريقية من قبل المستثمرين الأجانب الذين يستخدمون موارد نادرة في أفريقيا لتوفير الغذاء والوقود الحيوي إلى بلدان أخرى وبالنسبة للأفارقة، كانت فوائد استملاك الأراضي على نطاق واسع مشكوك فيها ولان صغار المزارعين في أفريقيا بحاجة إلى حماية من مثل هذه الصفقات فيتعين على الاتحاد الأفريقي وضع إطار لإدارة الاستثمار الأجنبي في الزراعة، ويتعين على الحكومات أن تقيم صفقات الأراضي على نطاق واسع، والنظر في التشريعات لحماية المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة. ثالثا - يجب على الحكومات وغيرها مساعدة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة فى تحمل المخاطر بشكل أكثر فعالية وقد أبرزت الأزمات في منطقة القرن الأفريقي والساحل المخاطر التي يواجهها صغار المزارعين، الذين بالكاد قادرون على إطعام أنفسهم وأسرهم . وينبغي للحكومات والجهات المانحة توفير الغذاء أو الاموال التي تمكن المنتجين الريفيين على الحياة فى الفترات الصعبة من الجفاف . رابعا، يجب على المجتمع الدولي تكريس المزيد من المال والمزيد من الجهد لتحسين الأمن الغذائي والتغذية في أفريقيا، وهي مسألة جزء من العديد من التحديات الإنمائية الأخرى زيادة مقاومة الطفل للإصابة بالأمراض وسوء التغذية وهو المساهم الرئيسي في وفيات الأطفال فى افريقيا حيث اشارت دراسة عالمية في عام 2008 ان ثلث مجموع وفيات الأطفال نتيجة لسوء التغذية. و زيادة المبادرات الدولية كمبادرة دول مجموعة الثمان G-8 بالالتزام بإطلاق تحالف جديد للأمن الغذائي الذى يهدف إلى رفع 50 مليون شخص من براثن الفقر خلال العقد القادم. و اختتم الرئيس النيجيرى السابق مقاله بالتاكيد على ان الفرص المتزايدة بالسوق العالمية ستؤدي لدفع الحكومات الأفريقية للاستثمار في الزراعة وزيادة الإنتاجية.. مع ضرورة سعى القادة الأفارقة وشركائهم للقيام بالمزيد لتشكيل ودعم القدرة الزراعية المحتملة لقارة افريقيا .. و يمكن في يوم من الأيام ان تصبح أفريقيا قادرة على إطعام العالم. ولكن أولا يجب أن تستطيع إطعام نفسها.