أحداث الأسبوع الماضي في الكويت لم تكن سعيدة! ولا تُفرح كل الذين يحبون الكويت. كويت (السالم)، كويت (الهولو واليامال)، كويت (العربي)، كويت (المسرح)، كويت (الصدر الأرحب للفارين من عنف الأنظمة)، كويت (الدستور)، كويت (حرية التعبير). ما حصل الأسبوع الماضي شوّهَ لوحة الكويت التي شملت منجزات عديدة، وأدخلنا مدارات الحيرة والترقب لما يمكن أن تؤول إليه الأمور. فالمظاهرات الاحتجاجية -التي جاءت نتيجة للمرسوم الأميري الخاص بتعديل الانتخابات إلى صوت لكل منتخب- الذي تم تفسيره عدة تفسيرات، منها أن المرسوم غير دستوري! وأن المعارضة قد "ضللت" الناس وأقنعتهم بعدم دستوريته، بينما واقع الأمر أن كلًا من مجلس الأمة والأمير يتوليان السلطة التشريعية (حسب المادة 51) وتُبيّن المادة (71) هذه القضية -ما معناه- أنه إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة، أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يُصدر بشأنها مراسيم تكون لها قوة القانون. أستاذ القانون الدستوري الدكتور محمد الفيلي يؤكد أن "مرسوم الضرورة بتعديل آلية التصويت يصدر وفق المادة (71) من الدستور بغياب مجلس الأمة ولوجود حالة ضرورة التي يختص بتقديرها ثلاثة أطراف هي: مجلس الوزراء الذي يرفع مشروع المرسوم، ورئيس الدولة صاحب السمو الذي يصادق عليه، والطرف الثالث هو مجلس الأمة المقبل الذي يستطيع أن يقر هذا المرسوم أو يرفضه بأثر فوري أو رجعي مع ترتيب الآثار في الماضي". وذكر الفيلي: أن "مرسوم القانون واجب النفاذ إلى حين إلغائه من قبل المحكمة الدستورية قبل إجراء الانتخابات أو يصدر مرسوم مضاد لإلغائه، أما بعد الانتخابات فإن الاختصاص ينعقد بالمحكمة الدستورية أو مجلس الأمة القادم فقط" (الرأي-12/10/2012). ويرى قانونيون أن حالة (الأصوات الأربعة) تدعم شراء الأصوات، بعكس الصوت الواحد، بينما ترى المعارضة أن المرسوم الجديد يعتبر محاولة للحد من فرص المعارضة للفوز في الانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل. والرأي العام الكويتي منقسمٌ على نفسه تجاه القضية. ففي حين يرى مفكرون كويتيون أن اندلاع المظاهرات قد جاء على خلفية ممارسات برلمانية، وإيداعات مليونية في حسابات عدد من نواب الأغلبية، وسعي الحكومة للإتيان بمجلس أمة على هواها، خلافاً للدستور الذي يحتم أن تأتي حكومة على هوى المجلس وليس العكس! كما قال ذلك الدكتور عبدالله النيباري في مقال له يوم الخميس الماضي بجريدة "القبس" الكويتية. ويرى الدكتور "محمد المقاطع" أن العمل البرلماني قد وصل إلى مرحلة متدنية من الفساد بحيث تحولت إلى مقاعد مأجورة أو مبيعة لطرف سياسي، أو شخصية مؤثرة أو لصاحب مال ملوث. ويرى أن "الشعب يواجه إشكاليات خانقة في حياته اليومية، وهو يشعر بأنه في بلد غني في ثرواته قليل بسكانه، فدخول الشباب في التعليم العالي إشكالية مستمرة، وعدم الحصول على الوظائف أزمة متجددة وطوابير الإسكان بتزايد مخيف، والرعاية الصحية بتدهور سريع، والخدمات العامة بشلل شبه كامل". ويرى أن "تعديل النظام الانتخابي له هذا الأثر السلبي". وتزامناً مع المظاهرات، التقى سمو أمير الكويت أصحاب الدواوين الذين أبدوا تضامنهم معه وتأييدهم لما اتخذه من قرارات لمواجهة الأحداث التي مرت بها الكويت. ويرى الكاتب عبداللطيف الدعيج أنه "بعد أن أثبتت القيادة قدرتها على الردع، وجديتها في مواجهة العناد والإصرار، فإنه لم يبق، أو لم يعد هناك مجال لمزيد من القسوة، ولا داعي للعنف أو حتى المواجهة الساخنة. ونحن على ثقة بأن الكثيرين قد استوعبوا الدرس، وأن الكثيرين يراجعون الآن مواقفهم. لذا نطمح بمزيد من التسامح ومزيد من الصبر". الكاتب "سعود السمكة" يرى في قرار سمو أمير الكويت إجهاضاً لمشروع "خطف الكويت" بأسرها، "ووقف خطة معدة لهذا الخطف من قبل التنظيم الدولي لحركة «الإخوان المسلمين» الذين وجدوا من ذلك الداء الطارئ في جسد الأسرة فرصة عظيمة لتسهيل مهمتهم في القيام بمحاولة الانقلاب على النظام وفرض الهيمنة التامة على الكويت، لتحقيق حلمهم في الهيمنة بالتالي على بقية دول الإقليم". نقلا عن صحيفة الاتحاد