تسعى تركيا إلى اعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تنظيمًا إرهابيًا، وبالتالي فهي تعمل على إقصائه من مفاوضات السلام السورية المواقف تتعارض عند التعامل عن هذا الحزب حيث يعتبره الغرب شريكًا مهمًا له. في الأسبوع المقبل تبدأ في جنيف جولة جديدة من مفاوضات السلام السورية ولم يتقرر بعد من سيجلس على طاولة المفاوضات إلى جانب الولاياتالمتحدة وروسيا وتركيا والعربية السعودية وغير هذه الدول. ولذلك فليس من الواضح ما إذا كان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي سيتسلم أيضًا دعوة الحضور إلى تلك المحادثات في سويسرا. ورغم أن هذا الحزب وأيضا "وحدات حماية الشعب" التابعة له تسيطر على مناطق كبيرة على الحدود السورية التركية، كما أنها شريكة عسكرية للولايات المتحدة، فإن تركيا ترفض مشاركة الأكراد بالكامل. يشير كمال سيدو من "جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة" في حديث مع DW إلى أن الأكراد السوريين خُدعوا مرة في الماضي، حيث طالب دبلوماسيون، أمريكان وروس، الأكراد قبيل الجولة الأخيرة من المحادثات في جنيف التعامل بهدوء هناك. والآن يبدو أنهم لن يكونوا حاضرين في الجولة المقبلة. نجاح الأكراد في مواجهة "داعش" :- بالنسبة للولايات المتحدة فالمقاتلين والمقاتلات الأكراد يشكلون لبنة مهمة في سياساتها تجاه سوريا وقد نجح هؤلاء في مهمتهم، فهم تمكنوا خلال الأشهر الأخيرة من السيطرة على مناطق أوسع غير أن الحكومة التركية قلقة من هذا التطور، حيث قام الجيش التركي مرات عديدة بضرب مواقع كردية في سوريا. أكرم حسو مدير إدارة المنطقة الكردية بشمال شرق سوريا يتحدث فخورًا عن ذلك ويتحدث في حوار مع موقع شؤون الشرق الأوسط "المونيترز" عن العلاقات مع الغرب معتبرًا أنها "تقوم على مصالح مشتركة من أجل إقامة سلطة ديموقراطية في سوريا، وذلك للانتصار على "داعش" وبالتالي لبناء نظام جديد في الشرق الأوسط." بالنسبة لتركيا، العضو في الحلف الأطلسي الناتو، فإن إقامة أي نظام في سوريا وفي الشرق الأوسط لايجب أن يتم بنفوذ كردي. فأنقرة لا تريد أن تؤدي سيطرة الأكراد على تلك المناطق إلى إقامة كيان دولة خاصة بهم في الحدود الجنوبية للبلاد، حيث إن ذلك قد ينعكس على الأقلية التركية الكبيرة الموجودة هناك. وبالنسبة لتركيا، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب بمثابة فرع سوري لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية والذي كان مسؤولا عن عدة هجمات في تركيا. موقف أنقرة من الأكراد :- بالنسبة للحكومة التركية، فإن وحدات الدفاع الشعبية هي المسؤولة عن عملية الحافلة العسكرية في 17 فبراير في أنقرة والتي أدت الى قتل 30 شخصًا ولذلك فهي ترى أنه يجب مكافحة تلك القوات كما هو الشأن في التعامل مع تنظيم داعش أو جبهة النصرة القريبة من تنظيم القاعدة. وترفض المنظمة الكردية في سوريا تلك الاتهامات، حيث نفى رئيس الحزب صالح مسلم أية مشاركة في العملية، في حين أعلن فرع تابع لحزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن ذلك. الحكومة التركية ترى من جهتها أن كل تلك الجماعات لها نفس الهدف وقد تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ذلك بشكل واضح، كما أكد نائب رئيس الوزراء يالسين أغدوغان تلك الاتهامات. الرئيس أردوغان حذر في حديث مع وكالة الأنباء الفرنسية من أنه يجب على واشنطن ألا تبني إستراتيجيتها على ما وصفه "بمنظمة إرهابية صغيرة". كما ذكر نائب رئيس الوزراء في مقارنة بين التنظيمين أن "الاسم وحده لا يغير من خصوصية المسمى" قائلا بإنه يمكن إطلاق اسم "آجاصة " على تفاحة ولكن هذه تبقى طبعا تفاحة". الأمريكيون والأوروبيون لهم في ذلك رأي آخر كما أن الخبير سيدو لا يرى أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو عبارة عن فرع لحزب العمال الكردستاني. وإضافة الى الاتهامات التي توجهها أنقرة للمقاتلين الأكراد في شمال سوريا هناك أيضا انتقادات من طرف منظمة العفو الدولية والتي تتهمهم بالقيام بأعمال تهجير واسعة النطاق وبتدمير المنازل وقد اعتمدت المنظمة الحقوقية في ذلك على شهود عيان وصور الأقمار الاصطناعية. التخلي عن القومية الكردية :- ينتقد كمال سيدو أيضا خروقات حقوق الإنسان من طرف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، غير أنه يؤكد في نفس الوقت أن هذا التنظيم هوالحزب الوحيد الذي يعتمد على مشروع تعددية ثقافية ودينية. فهو لا ينطلق من القومية الكردية، وحوالي 30 حتى 40 بالمائة من مقاتليه ليسو أكرادًا بل من العرب والأشوريين والأرمن ويعتبر أن التعددية الدينية هي الشكل الوحيد الذي قد يؤدي إلى السلام في سوريا. أما بالنسبة لإستراتيجية تركيا والعربية السعودية، فإنه يعتقد أنها ستبوء بالفشل ويضيف: "إنهم يريدون إقامة نظام سياسي إسلامي معتدل غير موجود." وحسب رأيه فلن تنجحا في ذلك. كما يعتبر سيدو أن العلويين والمسيحيين والدروز والإسماعليين والشيعة وأغلبية الأتراك سيرفضون جميعا مثل تلك المشاريع. ويرى أن "ما يتهدد المناطق الكردية يتجلى في خطر داعش وجبهة النصرة وما يسمى بالمعتدلين وبالخصوص أردوغان".