تكشف استقالة سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران ومسؤول الملف النووي علي لاريجاني السبت الماضي عن عمق الخلافات السياسية في الساحة الإيرانية ، وحيث يتوقع المراقبون أن تتسبب تلك الاستقالة في إضفاء المزيد من التعقيدات على المفاوضات الخاصة بالملف النووي الإيراني لجهة افتقار خليفة لاريجاني سعيد جليلي الذي كان يشغل منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأمريكية إلى الخبرة السياسية التي كان يتمتع بها لارينجاني الذي نجح في توثيق علاقته مع المفوض الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي . لم تأت استقالة لاريجاني مفاجئة ، ذاك أنها الثالثة التي يقدمها لارينجاني هذا العام . وكانت آخرها في مايو الماضي حيث ذكرت المصادر الإيرانية في حينها أن الاستقالة جاءت احتجاجاً على ما وصفه لارينجاني في كتاب الاستقالة الذي قدمه إلى مرشد النظام آية الله علي خامنئي بتصرفات وتصريحات غير مسؤولة لرئيس الجمهورية وزملائه «ما تسبب في إعاقة مسار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي والخطوات الجارية لإبعاد التهديدات الموجهة ضد البلاد ومصالحها الاستراتيجية». وقد برزت خلافات لاريجاني مع أحمدي نجاد بشكل علني حينما ذهب الأول إلى بغداد بغية التشاور مع المسؤولين العراقيين حول شروط إيران لحضور مؤتمر شرم الشيخ. وبينما كانت المباحثات بين لارينجاني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عند مفترق هام بحيث توصلا إلى اتفاق ما بشأن كيفية التعاطي مع الملف الأمني والدور الذي تستطيع ايران ان تلعبه في مساعدة حكومة المالكي في مواجهة الإرهاب، أطلق حسن كاظمي قمي سفير ايران لدى العراق تصريحات بأن وزير الخارجية منوشهر متقي سيذهب إلى شرم الشيخ. وأثار الخبر غضب لارينجاني إلى حد قوله رداً على سؤال من مندوب إحدى الوكالات، انه لا يعرف شيئاً عن سفر متُقي وقد وصله النبأ بشكل مفاجئ . المفاجئ في الاستقالة هو توقيتها عشية انعقاد جولة جديدة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني التي يفترض انعقادها في روما الثلاثاء المقبل ، وحيث تكتسب تلك الجولة أهميتها لما سيسفر عنها من نتائج سيتضمنها تقرير سولانا الشهر المقبل إلى مجلس الأمن الدولي ، وهو ذلك التقرير الذي سيحدد ما إذا كان هنالك عقوبات جديدة (ثالثة) ستفرض على إيران . وقد لوحظ أن الاستقالة جاءت بعد توجيه الرئيس الأمريكي جورج بوش تحذيرًا شديد اللهجة إلى كل من روسيا والصين اللتين تدعمان المساعي الإيرانية للحصول على التكنولوجيا النووية قائلاً إن امتلاك الإيرانيين لأسلحة نووية قد يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، وهو ما قابلته إيران باستخفاف منوهة إلى أن بوسعها إطلاق 11 ألف صاروخ في أقل من دقيقة في حالة شن أي هجوم عليها . ولوحظ أيضًا أن استقالة لاريجاني جاءت بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيران وتقديمه مقترحات بشأن الملف النووي الإيراني يبدو أن موافقة لارينجاني عليها أثارت حفيظة الرئيس نجاد الذي أعلن رفضه لها . الاستقالة استنادًا إلى هذه الخلفية تعني زيادة حدة المواجهة بين تياري التشدد والاعتدال على الساحة الإيرانية من جهة ، وبين إيران والغرب من جهة أخرى