اهتمت "أخبار اليوم" على مدى الأسابيع الماضية بنشر تقارير سياسية خارجية عما يجري في منطقة الشرق الأوسط.. ونشر عروض وافية لأحدث الكتب الأمريكية لمذكرات ساسة ومسئولين وخبراء أمريكان.. شاركوا.. ويتابعون بدقة ما يحدث في بلادنا.. أبعاده.. أهدافه.. وكثير منهم فضح القرارات والسياسات الأمريكية ومخططاتها التي أدخلت المنطقة في أتون حروب أهلية.. لن تتوقف إلا عندما يقررون هم ذلك.. وبعد الوفاء بالغرض.. وتحقيق الهدف.. وعلى رأس كل القضايا.. التي حظيت بانتقادات لاذعة لأوباما وأسلافه.. ما أسموه ادعاءات الحرب على الإرهاب.. لم يكن النقد الذي بلغ حد السب والإهانة ما تعيشه المنطقة من فوضى وقتل وتخريب.. ولكن لأن السياسات الأمريكية أسفرت عن نتائج تضر بالأمن القومي الأمريكي.. وتهدد قوة ونفوذ ومصالح أمريكا.. التي نجحت في تأسيسها على مدار العقود الخمسة الماضية!! سوف نواصل الاهتمام بنشر هذه التقارير عن خبراء مراكز الأبحاث والاستراتيجيات.. ومناقشات جلسات الاستماع بالكونجرس.. وغيره.. وليس ذلك مصادفة.. وانما بعد أن تأكدنا أن المصريين والعرب متمسكون بالمثل الشعبي "زمار الحي لا يطرب".. جفت الصحف.. وبح صوت كثير من المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين على شاشات الفضائيات لشرح أبعاد المؤامرة التي تحاك ضدنا.. فلا نجد صدى سوى المزيد من الغفلة وتوجيه الاتهامات بأننا نكرر حديث الضعفاء ونلوك نظرية عفا عليها الزمن.. وإمعاناً في "العمى".. نجد بيننا بعض من يشاركون في تنفيذ المؤامرة.. أفراداً.. وجماعات.. وإعلاماً.. ونقابات.. وأجهزة.. ووزارات.. بل وأنظمة حكم عربية.
حيلتنا إذن.. أن نلجأ لكشف المؤامرة علينا وما يحاك ضدنا.. بأقوال.. وأقلام.. وشهادات ألسنة العجم من الأمريكان والأوروبيين.. لعل من يصكون اذانهم ويغلقون عقولهم يفقهون.. فليس المطلوب منا غير أن نعقل ما يقولون.. وما يحدث على أرض الواقع.. حتى نعي وندرك.. فقط اعقلوها.. لتدركوها قبل فوات الأوان.. وقبل أن يسجل التاريخ شهادته ان بعض المسئولين والحكام العرب.. كانوا أكثر خيانة لشعوبهم وبلادهم وعروبتهم.. من أنظمة الاحتلال التي حكمتهم قروناً طويلة. لسنا بحاجة اليوم للتذكرة بما قاله هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا عقب انتصارات أكتوبر 1973.. في جلسة استماع بالكونجرس.. لن تهدأ أمريكا إلا عندما يعود العرب كما كانوا حفاة رعاة.. ويعود ثانية.. ليقول عام 2013 أن المخطط الأمريكي يسير بنجاح في منطقة الشرق الأوسط.. ونحن لا نقرأ.. ولا نفهم.. بل ونزيد في الغفلة ونصنع بطولات الوهم والخيانة.. لتنفيذ مؤامراتهم علينا.. اعتقاداً انها بطولات تاريخية.. وأن من يقومون بها.. زعماء امتلكوا ناصية أمرهم. فقط.. نذكر بما قالوه منذ أيام.. هيلاري كلينتون في جلسة استجواب بالكونجرس "صنعنا داعش لاستخدامها".. رئيس المخابرات الفرنسية بعد أحداث باريس الإرهابية "الشرق الأوسط بشكله الحالي لن يكون موجوداً". رئيس تحالف "أوقفوا الحرب" البريطاني: "المشاركة في الحرب على داعش.. لأن بريطانيا تريد في الأساس المشاركة في ترسيم الحدود الجديدة للمنطقة".. اعقلوها… تدركوها.. ولكن من يقرأ ومن يسمع ومن يجيب.
لا تتوقعوا أن الأوضاع ستهدأ في منطقة الشرق الأوسط.. إلا بعد تنفيذ خريطته الجديدة.. وتحديد حدودها.. واستقرار كل إدارة حكم دولة وليدة.. لن تكون دولاً قوية كاملة السيادة.. وانما مجموعة دويلات وولايات خاضعة لنفوذ القوة الأكبر.. أيهما سيكون لأمريكا.. وبريطانيا.. فرنسا.. تركيا.. إيران.. وبالطبع روسيا.. وفي الأصل قبل النفوذ.. الهدوء والأمان والهيمنة الإسرائيلية. لا تصدقوا.. أن أوباما وتابعيه يحاربون داعش وغيرها من جماعات الإرهاب بجدية.. فهي لم تولد ليقتلوها.. وانما أنشأوها.. وراعوها ودربوها.. ومولوها.. وسلحوها.. ومستمرون في كل ذلك حتى يتحقق الهدف من وجودها.. وبدايته إهدار قوة العرب العسكرية.. واستنفاد قدراتهم المادية.. وإسقاط مؤسسات كيان أي دولة.. هذا ما سوف يعود على العرب.. وحينها يجني الأمريكان والغرب ثمار الحروب الأهلية الطاحنة.. هم.. لا يتآمرون لأنهم يسعون لتحقيق مصالحهم.. ولكن نحن المتآمرون على أنفسنا.. السعودية ودول الخليج تستنفد طاقتها وأموالها في الحرب على اليمن وسوريا.. وما بقي من أموال بعد ذلك لإعادة الإعمار للدويلات اليمنية والسورية.. وقبلها ستكون السعودية قد دخلت في الدوامة.. حتى قطر لن تكون إمارة كما تتوهم.. فقط أرض خاضعة بالكامل للسيادة الأمريكية كمركز رئيسي للقواعد الأمريكية في المنطقة.
لا تنسوا.. أن مصر في قلب المؤامرة.. مصر "العصية" عليهم جميعاً عبر التاريخ.. بقوة جيشها.. واستقرار أمنها.. ووحدة شعبها.. والتلاحم الأزلي بين الشعب وأبنائه بالشرطة والجيش.. الجدار الجرانيتي الصلد.. أمام كل المحاولات ضد مصر.. فمازال الأمل يراودهم لكسر مصر العصية.. ودخولها في نفس دوامة الفوضى والعنف والخراب والضعف والتقسيم. لحظة راهنة تعيشها مصر تتلازم فيها.. بين الصحوة الوطنية وبزوغ التعمير والتنمية.. واستقلالية السيادة والقرار والمكانة الإقليمية والدولية.. وبين المحاولات الخارجية المستميتة لهدم كل ذلك.. وجر مصر إلى العنف والفوضى وتوقف مسيرة النمو والاستقرار.. ولا تغفلوا هدف أمريكا والغرب من ترك ليبيا مرتعاً لجماعات الإرهاب.. دون أدنى إجراء للحد من توسعها وقوتها.. إلا لهدف التعامل معهم كمخزون استراتيجي للتحرك عند اللزوم والوقت المحدد ضد مصر. لحظة راهنة.. قدر ابنائها خوض معركتهم ضد جماعات الإرهاب بكل شبكاتها وتبعيتها وأهدافها.. وجهود التنمية وبناء الدولة القوية باختلاف تنوعها ومستوياتها.. وما بين حرب التنمية والإرهاب ومعارك مواجهة المؤامرات.. نلمس من يغفل ما نواجهه من مخاطر.. فنجد بعض أعضاء نقابة الصحفيين يرفعون شعار الجزيرة قناة التآمر على مصر "الصحافة مش جريمة" في تبني لمطالب عائلات الإخوان المقبوض عليهم في جرائم إرهابية.. لا نقبل المزايدة على قناعة جموع الصحفيين بحرية الرأي والتعبير وعدم حبس أي صحفي في تهمة تمس طبيعة عمله.. ولكن نرفض خلط الأوراق في أنشطة ظاهرها حق وباطنها باطل.. أو تشويه بمصر وسمعتها. ونجد بعد مرور عامين من كابوس الإخوان الخونة ما زالت وزارة التضامن تعلن عن جمعيات إخوانية قائمة.. وما زال البحث يجري لإلغائها.. أو التحفظ عليها.. ونجد لجنة إدارة أموال المؤسسات الاقتصادية الإخوانية لم تنته من عملها.. ونلاحظ من ينتهز جريمة ضابط أو بعض الضباط لشرخ العلاقة بين الشعب وضباط وجنود الشرطة.. أو انكار تضحياتهم كل يوم فداء عنا. في كل مهنة فاسد.. فلم التعميم والتضخيم للمساس بجهاز الشرطة بأكمله.. نرفض التجاوز بكل أشكاله.. وفي كل مجال.. ونطالب بالقانون على الوزير والغفير مثلما نطالب تماماً بمراعاة الوطن وحساب قيمة أي فعل أو قول.. ومثلما نطالب دائماً بألا يغيب عنا أننا بلد في حالة استنفار حرب.. وألا يكون حالنا مثل "حصان طروادة" عندما انطلت خديعة الاغريق على غفلة أهل طروادة ففعلوا بأنفسهم.. ما فشل فيه أعداؤهم رغم حصار عسكري للمدينة سنوات.
اتفاق سايكس بيكو لتقسيم غنيمة أرض العرب تحت الإحتلال والانتداب عام 1916.. وبعد مرور مائة عام 2016.. هل من قبيل المصادفة.. أم مخطط يتم تدبيره؟!.. لا يهم.. ما يجب أن يشغلنا الموقف على أرض الواقع.. فما أشبه اليوم بالبارحة. ياناس اعقلوها.. تدركوها.
من شابه أباه فما ظلم حسبما نشرت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية أن تميم عين والده حمد دبلوماسياً في السفارة القطرية في لندن.. في إبعاد مقنع له وطرده نهائياً من الدوحة.. إذا صح الخبر.. فهو أمر طبيعي ولا نقول سوى المثل "من شابه أباه فما ظلم". نقلا عن جريدة أخبار اليوم