ليست هذه هى المرة الاولى التي ينتقد فيها الدكتورمحمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية فكرة ضرب ايران، ولكنها قد تكون الاشد في نبرتها من المرات السابقة ، حيث حذر من مغبة استخدام القوة لثني ايران عن مواصلة برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم، واصفا اولئك الذين يدعون الى مهاجمة ايران اصحاب الافكار المتطرفة الذين يؤمنون بالقوة كسبيل وحيد لفرض ارادتهم.ب "المجانين الجدد." وشدد البرادعى على ان المطالبين اليوم بضرب إيران لم يتعلموا من درس العراق. حيث يستيقظ العالم كل صباح ليسمع عن مائة عراقي بريء يلقون حتفهم ، مؤكدا ان مهمته الوحيدة هي التأكد من أننا لن نخوض حربا جديدة وقال البرادعي إن فكرة وجود ايران مسلحة تسليحا نوويا تعتبر فكرة مرعبة، ولكن لم يتسن التأكد بعد مما اذا كانت طهران تطمح فعلا الى الحصول على السلاح النووي , وعلى ذلك فانه من غير الممكن قصف المعرفة اى انه لا يمكن القضاء على التكنولوجيا التي حصل عليها العلماء الايرانيون عن طريق ضرب البلاد عسكريا. كان وزير الدفاع الاميركي روبرت جيتس قد دعا المجتمع الدولي الى الاتحاد لفرض عقوبات اقوى على ايران بشأن برنامجها النووي مؤكدا ان هذا الامر يتطلب اجماعا وخصوصا في مجلس الامن الدولي لزيادة الضغوط على الايرانيين- الان -وليس العام المقبل او بعده, محذرا من ان الحل العسكري لا يصب في مصلحة احد وان الجميع يريد حلا دبلوماسيا لهذه المشكلة.
واوضح جيتس ان الاستخبارات الاميركية تعتبر بشكل عام ان ايران ستكون في موقع يؤهلها لتطوير سلاح نووي بين العامين 2010 و2015.ويعتبر البعض ان ذلك قد يحدث قبل هذا بكثير بحدود نهاية 2008 او 2009. لكننا لا نعرف بالتحديد بسبب الطريقة التي تدير ايران فيها شؤونها . وتزامنت تصريحات جيتس مع بدء حاملتي الطائرات الاميركية- ستينس ونيمتز- الاستعداد للقيام بتمرين عسكري بحري جوي هام في مياه الخليج قبالة سواحل ايران.ومن المقرران يبدا مطلع الاسبوع المقبل تمرينا مع مجموعة قتال اخرى , فيما تواصل طائرات قتال من نوع اف-18 رابضة على متن ستينس طلعاتها في عمليات اقلاع متتابعة.
وفى الوقت الذى ينفى جيتس ان تكون التدريبات رسالة لايران ،اظهرت شاشات الراداد في مركز المراقبة والتحكم موقع الحاملة الذي يبعد نحو 37 ميلا عن ميناء بوشهر (جنوبايران) حيث تقيم طهران اول مفاعل نووي لها. وكانت حاملتا الطائرات ستينس ونيميتز اللتين ترافقهما عدة قطع من مدمرات وفرقاطات وصلتا الى مياه الخليج في 23 مايو في اكبر انتشار عسكري اميريكي في هذه المنطقة منذ غزو العراق. وتقود الولاياتالمتحدة التي تتهم ايران بالسعي لانتاج قنبلة ذرية جهودا لعزل ايران بسبب برنامجها النووي وتقول أيضا ان ايران تؤجج العنف في العراق ,وكان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني حذر اثناء جولة في المنطقة في مايوالمنقضى من ان واشنطن لن تسمح لايران بحيازة سلاح نووي.
يأتى هذا فيما هددت الدول الصناعية الكبرى بتأييد اجراءات مناسبة اخرى اذا تقاعست ايران عن الامتثال لقرارات الاممالمتحدة التي تطالبها بوقف التخصيب النووي. وينظر إلى مصطلح "اجراءات مناسبة" على نطاق واسع كرمز دبلوماسي للعقوبات. وقال وزراء خارجية مجموعة الثماني في بيان صدر خلال اجتماع في بوتسدام بألمانيا الاسبوع الماضى :اذا واصلت ايران تجاهل مطالب مجلس الامن فاننا سنؤيد اجراءات اخرى مناسبة مثلما اتفق عليه في القرار 1747
وكان قرار مجلس الامن قد منح طهران مهلة 60 يوما لتجميد نشاط التخصيب تماما. الا ان ايران تجاهلت المهلة والتي انتهت الاسبوع الماضي. وفرض مجلس الامن بالفعل مجموعتين من العقوبات على ايران لتقاعسها عن تعليق تخصيب اليورانيوم وهي العملية التي يمكن استخدامها لإنتاج الوقود لمحطات الكهرباء أو المواد اللازمة لصناعة قنبلة. وكان علي لاريجاني كبير مفاوضي ايران في المحادثات النووية قد كرر في وقت سابق قوله إن بلاده لن تذعن للمطالب بتعيلق تخصيب اليورانيوم بسبب المخاوف من قيامها بتصنيع أسلحة نووية. جدير بالذكر ان ايران ترفض تعليق تخصيب اليورانيوم كما يطلب منها مجلس الامن الدولي مؤكدة انها تطور برنامجا نوويا اهدافه سلمية. ووجهت ايران في الايام الاخيرة اشارة انفتاح على الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دون ان تغير جوهر موقفها بشأن تخصيب اليورانيوم على ما افاد الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا غداة اجتماعه في مدريد مع كبير المفاوضين الايرانيين علي لاريجاني والذى حذر قبل الاجتماع من استخدام لغة القوة ..
يشار الى انه وكما جرت العادة انحصرت محصلة لقاء منسق السياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا والأمين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي الايراني علي لاريجاني، في مدريد ، على تبادل الافكار والتقدم في بعض المواضيع، وصولا الى عقد لقاء جديد, وعلى الرغم من المحادثات التي استمرت لساعتين والنزهة التي أعقبت ذلك، بدا وكأن الجانبين فشلا، مرة جديدة، كما كان متوقعا، في وضع الأزمة النووية الايرانية على سكة التفاوض.