الاخبار 6/1/2008 كم اتمني ان يكون هناك اتجاه جاد وحاسم من جانب الدولة لتغليظ عقوبات مخالفة قواعد البناء بالقدر الذي يحمي الابرياء من الموت تحت انقاض الفساد وعدم الشفافية. كل الشواهد تؤكد بما لا يدعو لاي شك ان المسئول الاول عن كوارث سقوط العمارات السكنية والابنية انما يعود الي عدم شفافية أداء العاملين بالاجهزة المسئولة عن اعطاء تصاريح البناء ومراقبة تنفيذها. لقد أصبح مؤكدا أن ما يحدث هو نتيجة فساد الغالبية منهم الذين لا يتعاملون سوي بالمعلوم. وانهم علي استعداد ايضا لإغماض العين عن اي مخالفة. الممارسات غير المشروعة لهذه الفئة تستند في بعض الاحوال الي شهادات ممن يحملون صفة المستشارين الهندسيين الذين باعوا انفسهم للشيطان باقرارهم علي غير الحقيقة بسلامة المباني أو بقدرتها علي تحمل زيادة احمال الادوار المخالفة دون اي بحث او دراسة او معاينة. لا جدال ان كل مواطن قد هزه انهيار عمارة الاسكندرية التي راح ضحيتها ما يقرب من اربعين انسانا بريئا قد رحب واستبشر خيرا حول ما نشر عن ان مجلس الشوري قد اضاف الي قانون البناء الموحد ما يؤدي إلي تغليظ عقوبات المخالفات البنائية. رغم هذا التوجه المحمود فانني أري أنه لا يكفي ويحتاج إلي مزيد من الترهيب القانوني إلي جانب عدد من الاجراءات الادارية التي توفر الرقابة والمتابعة. انسجاما مع هذا الاتجاه اكد صفوت الشريف رئيس المجلس انه قد آن الآوان للتصدي بكل حسم لتراكمات وسلبيات التشريعات الحالية في مجال البناء. كم أرجو مراعاة كل ذلك عند مناقشة القانون في مجلس الشعب. ان التحرك لوقف مسلسل كوارث انهيارات العمارات والتي تدمي تداعياتها القلوب ليس اختراعا عويصا ولكنه يخضع لاجراءات وانظمة حازمة وحاسمة معمول بها في كل الدول التي تهتم بحماية ارواح رعاياها وثروتها العقارية. محور الدور الذي تقوم به الدولة اضطلاعا بهذه المسئولية يتركز في احكام الرقابة والمتابعة منذ بدء خطوات تقديم طلب الترخيص ببناء جديد. تشمل هذه الرقابة التصدي لاي مخالفة منذ البداية وحتي انهاء البناء وتسليمه اهم هذه المراحل هو التأكد بالاختبارات المعملية المستندة إلي الشفافية وتوافر المواصفات السليمة من سلامة الخرسانة بالاضافة الي معاينة صلاحية الحديد المسلح والالتزام بالكميات والاقطار المستخدمة، ولا تقتصر الرقابة علي هذين البندين بل انها تشمل ايضا كل الاعمال الانشائية الاخري من كهرباء وصرف صحي ومياه وأمن صناعي. وأعمال الرقابة والمتابعة مع ضمان ألا تتم نظريا وعلي الورق وإنما تعتمد وبشكل اساسي علي التواجد الميداني لممثلي الاجهزة الحكومية المسئولة في مواقع البناء. ان ما يجب ان يدركه أصحاب الرأي النهائي في اقرار وتفعيل قانون البناء هو: ان هناك غياب كامل لهذه الاجراءات عندنا. هذا الوضع ما يجثير التساؤل عما إذا كان سيمكن اقرارها وفرضها في هذا القانون؟ اذا كان الرد بالايجاب فان هذا يعني ان ما حدث لعمارة الاسكندرية لن يتكرر في المباني الجديدة مستقبلا. ان المشكلة الحقيقية وفي ظل ازمة الاسكان الحالية أصبحت تتعلق بالمباني الايلة للسقوط او التي تحتاج الي ترميم وتنكيس والتي يجقدر عددها بمئات الالاف وفقا للبيانات الرسمية.. ان التصدي لهذا الخطر منوط باقرار التشريع الخاص باتحاد الشاغلين التي عطلت اصداره الايدي الخفية.. والله المستعان في مواجهة فساد النفوس والضمائر. المزيد من اقلام واراء