كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للمرة الأولى النقاب عن أنه تم الإعداد لحرب لبنان قبل 4 أشهر من اندلاع الحرب. ونقلت صحيفة" هآرتس" عن أولمرت في شهادة له أمام لجنة (فينوغراد) التي تحقق في ظروف الحرب وستنشر تقريرها الشهر الجاري أن القرار بالرد بعملية عسكرية كبيرة على أسر جنود إسرائيليين على الحدود اللبنانية كان قد اتخذ في مارس 2006. وأشار أولمرت في شهادته إلى أنه عقد عدة اجتماعات للبحث في الوضع في لبنان قبل الحرب، منوها إلى أن الاجتماع الأول عقد في الثامن من يناير 2006 ، أي بعد أربعة أيام من تسلمه منصبه إثر المرض الذي ألم بسلفه أرييل شارون، ومن ثم عقد اجتماعات في الأشهر الأربعة التالية. وكان المستشار العسكري لأولمرت، غادي شمني، قد تحدث أمام اللجنة حول المواعيد الزمنية لهذه المشاورات قبل تقديم أولمرت لشهادته بيوم واحد. وأشار إلى أن السيناريو الذي تم عرضه في الاجتماعات التي بحثت التقديرات المحتملة ومن بينها إمكانية خطف جنود إسرائيليين من الأراضي اللبنانية بالترافق مع قصف عنيف ،جاءا مطابقان لما حصل فعلا من خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين وقتل عدد آخر. وكان رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك دان حالوتس قال إن حدثا كهذا سيكون له تأثير كبير على قدرة الردع الإسرائيلية، وإنه لا يمكن لإسرائيل ضبط النفس في وجه عمليات اختطاف في الشمال وإن عليها الرد وقال أولمرت للجنة"لقد قبلت هذا الموقف". وفي المشاورات التي أجريت في مارس، سأل أولمرت كبار الضباط في الجيش حول إذا ما كانت هناك خطة عملياتية في حال وقوع حدث كهذا، وكان الجواب بالإيجاب، وعندها طلب أولمرت رؤية هذه الخطط، فتوجهوا إليه بالسؤال عن السبب فأجاب بأنه لا يريد اتخاذ قرار في لحظة وقوع جنود في الأسر، وإنه يفضل اتخاذ القرار في نفس اللحظة. وعند عرض الخطط عليه اختار خطة معتدلة اشتملت على هجمات جوية إلى جانب عمليات برية محدودة، وكان شاؤول موفاز في حينه وزيرا لدفاع إسرائيل. وعندما توجه إليه أعضاء اللجنة بالسؤال عن الكيفية التي يعتقد بأن سلفه شارون كان سيرد فيها قال أولمرت إنه بعد محاولة أسر الجنود التي فشلت في قرية الغجر في 2005، أمر شارون الجيش بتحضير قائمة أهداف للرد العسكري في لبنان، وقد اشتملت القائمة على حملة جوية لتدمير صواريخ "الفجر" و"زلزال" بعيدة المدى، والتي جرى تدمير بعضها في الليلة الأولى من الحرب. ونقل عن شارون قوله في حينه "لا يمكن الاستمرار بهذا الوضع"، وبذلك فقد أخبر أولمرت اللجنة أنه تصرف كما كان شارون سيتصرف. وأشار أولمرت إلى أنه قرر في اجتماعات سابقة بأن هدف إسرائيل من العملية سيكون تطبيق قرار مجلس الأمن 1559، والذي نص على انتشار الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل ونزع أسلحة حزب الله. و في مايو 2006، تم إبلاغ أولمرت من قبل رئيس مجلس الأمن القومي آنذاك غيؤرا إيلاند بأن الحكومة اللبنانية سوف توافق على تطبيق القرار1559 مقابل انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا. وقد اعتقد أولمرت بأن من الأفضل تطبيق القرار بالوسائل الدبلوماسية فأثار الموضوع مع الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الفرنسي جاك شيراك. وأخبر أولمرت اللجنة أنه خلال المداولات التي جرت في يونيو الماضي بعد خطف الجندي جلعاد شاليط في غزة ،كان متأكدا من أنه ستكون هناك محاولات مشابهة لاختطاف جنود على الحدود اللبنانية وقد أمر الجنود بمنع ذلك بكل الطرق الممكنة. وبشأن قراره توسيع العمليات البرية في الأيام الأخيرة من الحرب قال أولمرت أنه كان يريد التأثير على المناقشات التي تجري في مجلس الأمن بحيث يتم تغيير نص قرار وقف إطلاق النار (1701) لصالح الموقف الإسرائيلي. وقال أولمرت إنه في فجر ذات اليوم الذي قام فيه بهذه الخطوة تلقى نسخة من المسودة والتي عكست الموقف الفرنسي- اللبناني والذي لم يكن مريحاً لإسرائيل وقال:"الحملة البرية جاءت من أجل الضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن".عند هذه النقطة قاطعته عضوة اللجنة روت غفيزون بالقول إنه فيما لا يساورها أدنى شك بأن العملية الأخيرة كانت ناجحة للغاية فإنها تسأل لماذا لم تنفذ من قبل ، فرد أولمرت إنه لو كانت العمليات البرية السابقة للجيش قد نجحت في لبنان لما نشأ الوضع الذي علقت فيه إسرائيل في نهاية الحرب. وبالاستناد إلى ما سمعه أولمرت من غفيزون فقد استنتج أولمرت بأن شهادته أقنعت أعضاء اللجنة بصواب قراره بشأن الحملة البرية فأخبر مساعديه أنه خرج من الاجتماع متعبا، إلا أنه شعر بأنه أقنع أعضاء اللجنة بوجهة نظره. ولدى سؤال أولمرت عما إذا كان تعيين عمير بيرتس وزيراً للدفاع هو القرار الصائب أجاب:"حقيبة الدفاع قد منحت لحزب العمل في إطار الاتفاق الائتلافي وحزب العمل هو من قام باختيار الوزراء". ومن جهته عرض رئيس طاقم أولمرت، يورام طوربوفيتش، أمام اللجنة الاتصالات السياسية التي أجريت حول الحرب. وبحسبه ففي اليوم الأول تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مع أولمرت وطلبت منه عدم المس برئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة. وبناء على ذلك، فقد أدركت إسرائيل أنه يجب عدم المس بالبنى التحتية اللبنانية كوسيلة ضغط مثلما خطط الجيش. وقدم مستشار رئيس الوزراء السابق، دوف فايسغلاس، شرحاً لسياسة الاحتواء الخاصة بشارون وموفاز، والتي هدفت إلى "منع فتح جبهة ثانية خلال المواجهات مع الفلسطينيين". يذكر أن اللجنة ركزت في التحقيق مع أولمرت على ثلاثة أسئلة هي ظروف تعيين عمير بيرتس وزيراً للدفاع، كيف ولماذا تم اتخاذ القرار بشن الحرب بعد ساعات من أسر الجنديين؟ ولماذا قرر توسيع العمليات البرية في الساعات ال48 الأخيرة، والتي قتل فيها 33