غدًا.. (البحوث الإسلامية) يعقد اللقاء ال21 مِن فعاليَّات مبادرة (معًا لمواجهة الإلحاد)    حزب إرادة جيل يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    محمد الجالى: توجيهات الرئيس السيسي عن الطاقة استراتيجية للتحول لمركز إقليمى.. وتحقيق الاكتفاء الذاتي يرتبط ب"الأمن القومي"    وزير الخارجية والهجرة يسلم رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية الى رئيس جمهورية النيجر    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    صلاح عبدالعاطي: إسرائيل تستخدم المفاوضات غطاءً لإطالة أمد الحرب وفرض ترتيبات قسرية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    تشكيل الزمالك في الموسم الجديد.. غموض وأزمة في الظهيرين (تفاصيل)    أرسنال يهزم ميلان في مباراة ودية بسنغافورة    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    الرابط المعتمد لنتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. استعلم عبر بوابة الأزهر الشريف برقم الجلوس (فور ظهورها)    محمد رياض: نبحث عن تيارات فكرية جديدة في الكتابة المسرحية    "شفتشي" ثاني أغنيات الوش الثاني من "بيستهبل" ل أحمد سعد    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    ليفربول يوقع عقد احتراف مع اللاعب المصري كريم أحمد    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    «اتصرف غلط».. نجم الأهلي السابق يعلق على أزمة وسام أبو علي ويختار أفضل بديل    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    «فتحنا القبر 6 مرات في أسبوعين».. أهالي قرية دلجا بالمنيا يطالبون بتفسير وفاة أطفال «الأسرة المكلومة»    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    «ادهشيهم في الساحل الشرير».. حضري «الكشري» في حلة واحدة لغذاء مميز (المكونات والطريقة)    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    طرح إعلان فيلم Giant لأمير المصري تمهيدا لعرضه عالميا    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عبد الحميد الأنصاري: خلط السياسي بالديني: دلالات وإفرازات
نشر في أخبار مصر يوم 14 - 03 - 2012

ما كنت أحب ولا أتمنى لداعية كالشيخ القرضاوي، وهو الذي له ماله من مكانة في الشارع الإسلامي، أن يُستدرج فيتورط، وتأخذه الحماسة والحميّة، فيتدخل -بأسلوب غير حكيم وبناءً على معلومات غير دقيقة- في شأن هو من صميم الأمن الداخلي لدولة أخرى غير دولته. كما لم يكن مفهوماً ولا مبرراً تلك "الفزعة" المُضَرية من قبل جماعة "الإخوان" وقد وصلت إلى السلطة التشريعية في مصر. لا أريد أن أتوقف عند الحدث، ولا عند تداعياته السلبية، ولكني أريد التساؤل عن دلالاته ومغزاه؟
لطالما حذّر المراقبون والراصدون وكافة المعنيين بحالة الخطاب الديني المعاصر، من النتائج السلبية الناتجة من تدخل عالم الدين في عالم السياسة -من غير تبصرة- ولطالما نبهوا إلى خطورة توظيف الدين واستثماره في سوق السياسة وألاعيبها وأخلاقياتها، فكان دعاة الإسلام السياسي والمنافحون عنه يجيبون بأن الإسلام لا ينفصل عن السياسة وأنه دين وسياسة وعقيدة ودولة وشريعة وسلطة، ويجادلون بقوة: أنتم تريدون ديناً روحانياً لا علاقة له بالدولة وبالمجتمع كالمسيحية، بينما الإسلام دين ودنيا!
حسناً، نحن نؤمن بأن الإسلام لا ينفصل بقيمه ومبادئه وتعاليمه وتوجيهاته العامة عن الشأن الدنيوي، ومن لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ونحن نؤمن يقينياً بأن الإسلام حثّ على وحدة كلمة المسلمين وتعاونهم وإصلاح ذات بينهم، ودعا إلى تناصحهم، وقال: "المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر". لكن ديننا العظيم رسم في نفس الوقت، معالم هذه الدعوة وحدد خريطة الطريق لتنفيذها، فقال: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".
فإذا كان عالم الدين يريد أن يتحول إلى محلل سياسي، يعلق على الأحداث التي يراها مناسبة، فعليه أولاً: أن يتحلى بآداب الإسلام في الدعوة بالحسنى والنصيحة بالحكمة وبأخلاقيات الإسلام، وثانياً: عليه أن يكون خبيراً بصيراً ملماً بتفاصيل ما يدعو إليه أو ينتقده، وعليه
ثالثاً: أن يكون مستعداً لتحمل تبعات وكلفة ما يقوله... أما أن يتدخل في الشأن السياسي أو الأمني للآخرين، ثم يتحصن بموقعه الديني ويستنجد بحزبه الأيديولوجي، ويهدد هذا بإثارة الشارع الإسلامي، فهذا موقف يفتقد أي حس بالمسؤولية الأخلاقية والدينية، كما أنه يتنافى مع مبدأ العدالة في الإسلام. ولعل هذا أولى نتائج وإفرازات خلط الدين بالسياسة.
أما الدلالة الثانية لهذا الخلط، فهي أن الحزب الديني الذي يشتغل بالسياسة أو الرمز الديني العامل بالسياسة، ما أن يتمكن من المنبر أو الفضائية أو أي وسيلة إعلامية أخرى، حتى يبيح لنفسه ما يحرّمه على الآخرين، إنه أولاً: لا يحترم قواعد اللعبة السياسية المتعارف عليها بين الفرقاء السياسيين، لأنه يرى لنفسه حقاً فوق حقوق الآخرين، وثانياً: يجيز لنفسه أن يفسر الدين بالمفهوم الذي يراه متناسباً مع مصالحه السياسية، في الوقت الذي يصادر فيه تفسيرات الآخرين، وثالثاً: يرى أن من حقه أن يفرض مفهومه الخاص للدين على الآخرين باعتباره هو "صحيح الدين" ومفهوم الآخرين انحراف عن الفهم الصحيح للدين، ورابعاً: يدعي أن واجبه الديني يملي عليه أن يتدخل في شؤون الدول الأخرى باعتباره أممياً لا يعترف بالحواجز والحدود الجغرافية وعابراً لسلطات الدول على مجتمعاتها.
أما ثالثة الدلالات الناتجة عن تداخل الديني في السياسي، فهي ما هو حاصل اليوم في مصر بعد صعود تياري الإسلام السياسي من صراع على المساجد (بيوت الله تعالى) بين" الإخوان" والسلفيين. هناك اليوم كما يرد في الأخبار ما يبدو "معركة ضروساً" للسيطرة على المساجد بعد أن تحولت منابرها إلى منابر سياسية لنشر أفكار وطروحات السلف و"الإخوان" بهدف كسب المزيد من الشعبية والتأييد والأتباع الجدد.
وهكذا للأسف، تحولت المساجد (بيوت الله تعالى) إلى ساحة معترك سياسي لتأجيج الخلافات المذهبية وإثارة النزاعات الأيديولوجية وتهييج الجماهير وتعميق الكراهية المتبادلة... وكل ذلك في انحراف كبير عن الوظائف السامية للمسجد، باعتباره منارة للهدى والنور والتآلف والمودة بين المسلمين. المساجد هي أولى ضحايا الصراعات السياسية بين أجنحة التيارات الإسلامية. بيوت الله تعالى التي ظلت على امتداد آلاف السنين، بيوتاً للسكينة والأمن والطمأنينة، يلجأ إليها المسلم ويلوذ بها للهدوء والتأمل والعبادة الخالصة، تحولت في ظل الإسلاميين الحاكمين إلى وسيلة لزرع الشقاق والفرقة والتخاصم بين المسلمين.
نحن اليوم أمام ظاهرة انفلات "دعوي" كبير بسبب استغلال بيوت الله في النزاع السياسي وبسبب تسييس الخطاب الديني. لقد أصبح الخطباء والدعاة بعد ثورات الربيع العربي، يوظفون منابر المساجد والفضائيات بحسب ألوانهم السياسية، وتحول الخطيب إلى محلل سياسي يفرض رأيه على الناس باعتباره الرأي الفاصل في الأوضاع السياسية، سواء أكانت في داخل بلده أم خارجه. لقد انتهكت حرمة المساجد وقدسيتها باللغو السياسي والنزاعات الحزبية والخلافات الطائفية، وتحولت عن وظيفتها الأساسية، جامعة لكلمة المسلمين وإصلاح ذات بينهم ومنبراً للنور والهداية والإرشاد، إلى منبر للتأجيج والتهييج والانقسام.
تلك بعض إفرازات ودلالات التزاوج بين الدين والسياسة.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.